سوق العمل السعودية في تقرير «هارفارد» «1»
"رؤية 2030" تتطلب أنواعا متعددة من الجاهزية: جاهزية مالية، جاهزية تشريعية، جاهزية تنفيذية. ويقع رأس المال البشري تحت بند الجاهزية التنفيذية؛ لأنه لابد من البشر المؤهلين لتنفيذ الخطط والمشاريع.
وقع في يدي تقرير نشر في مجلة Harvard Business Review بتاريخ يوليو 2016 يتحدث عن النقلة الكبيرة التي ستحدث في الاقتصاد السعودي، ومعها يناقش أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل في هذه المرحلة، وما يتحتم القيام به لتجاوز هذه التحديات.
وتأتي كل هذه التحولات في إطار "رؤية 2030" وبرنامج "التحول 2020"، ما يهدف في النهاية إلى إرساء قواعد عهد اقتصادي جديد ومتنوع، ولا يعتمد على النفط بشكل أساس. وتتضمن الرؤية مضاعفة حجم الدخل اللانفطي ثلاث مرات، وإيجاد 450 ألف وظيفة "للرجال والسيدات" في القطاع الخاص.
ويبدأ ملخص التقرير بالحديث عن رأس المال البشري وحقائق سوق العمل الأخرى كأبرز زاوية لا يتم التطرق إليها بشكل كاف، رغم أن الإصلاحات المطلوبة فيها ستحدد ما لو كانت المملكة ستتمكن بالفعل من تحقيق الرؤية بشكل مستدام على المدى الطويل.
ويذكر نص التقرير أن "إصلاح التعليم هو الركيزة التي تنطلق منها جميع أوجه الإصلاح والتغيير. وقد استثمرت الدولة باستمرار في التعليم وبشكل مكثف، لكن الإنفاق لا يعني بالضرورة اقتناء الجودة النوعية. إن التفكير التحليلي والإبداعي إضافة إلى مفاهيم الجهد والبذل مقابل الدرجة والراتب هي مفاهيم لا تُلقى في النظام التعليمي "يقصد أن الطالب السعودي يرى أنه يستحق عملا بمجرد حصوله على الشهادة بصرف النظر عن مهاراته"، إضافة إلى أن نظام التعليم المدرسي "لم يذكر العام أو الخاص" يعتمد إلى حد كبير على معلمين من دول عربية مجاورة مثل سورية ومصر ولبنان، الذين تأثرت قيمهم التعليمية ببلدانهم في حقبة السبعينيات والثمانينيات.
النقطة الثانية في التقرير هي أن التوظيف يعتمد على الأقدمية العمرية، ومدة الخدمة، وعناصر أخرى.
وحينما يصل الموظف إلى مراتب إدارية عليا يصبح من الصعب توجيه النقد إلى أدائه، وتصحيح نهج إدارته، حيث تصبح في يده صلاحيات واسعة، وهي مشكلة كامنة ومنتشرة في المؤسسات التي يكثر فيها الشباب الأكثر كفاءة من مديريهم.
ووفقا للتقرير فإن الريادة والقيادة الإدارية لا تزال رهينة المصادفة بوجود الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، ولا يزال وجود الشخص في مكان العمل ساعات طويلة مقياسا أساسا لمدى عطائه وإنتاجيته، وبالتالي يشكل قيمة مضافة للمنشأة بدلا -على سبيل المثال- من كم الإنتاج أو الكفاءة أو المهارة.
وكنتيجة لهذه التحديات يصبح لدينا رأسمال بشري متباينا جدا في إمكاناته ودوافعه وتطلعاته، حيث تصبح الترقية مسألة مفروغا منها كحصر لعدد سنوات الخدمة في الوظيفة نفسها أو عدد الشهادات التدريبية، ما ينعكس سلبا على فئة الموظفين الشباب، وينتج عن هذا الواقع ما يسمى Brain Drain أو "هجرة العقول"، حيث يبحث الشاب عن عمل أفضل وأكثر مردودا في مكان آخر.
والتتمة في المقال القادم..