الاتحاد الدولي للنقل البري: انضمام السعودية لاتفاقية «تير» يعزز إمكاناتها التجارية
قال الاتحاد الدولي للنقل البري "آريو"، "إن انضمام السعودية للاتفاقية الدولية للنقل البري، ومعاهدتها الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة حول نظام النقل الجمركي العالمي "تير"، سيساعد على فتح ممرات برية جديدة على طول العمود الفقري للخليج العربي وتعزيز الإمكانات التجارية من الصادرات والواردات السعودية وللمنطقة عموما".
وقالت المنظمة لـ "الاقتصادية"، "إن أحد أسس "رؤية السعودية 2030" هو جعل المملكة مركزا لوجيستيا عالميا يربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، وإن تحقيق هذا الجزء من الرؤية الشاملة يتطلب الاستناد إلى أنظمة ومعايير عالمية وإن اتفاقية "تير" هي واحدة من الأنظمة الأساسية لتنفيذ "رؤية السعودية 2030".
ولـ "الاقتصادية" قالت، كارين مازولي، مديرة الإعلام والاتصالات في "تير"، "إنه بسبب موقعها الاستراتيجي، فالسعودية تُعتبر الرابط الحيوي بين دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة الأوسع للشرق الأوسط، ولذلك سيفتح انضمام السعودية إلى "تير" ونظام النقل الجمركي العالمي عبر الحدود الدولية، فوائد تجارية ضخمة للمنطقة، كما أن إعلان السعودية رغبتها في تطبيق الاتفاقية ابتداء من العام الحالي سيشجع أطرافا أخرى في المنطقة على الانضمام لها".
والاتحاد الدولي للنقل البري هو - في الواقع - منظمة متخصصة في قضايا النقل على الطرق في العالم، وهي المنظمة الوحيدة التي تُطبق "نظام النقل الجمركي العالمي" لنقل البضائع عبر الحدود الدولية الذي وضعته الأمم المتحدة منذ نحو سبعة عقود ووضعته تحت إشراف اللجنة الاقتصادية لأوروبا، الذي يُعتبر أحد أنجح اتفاقيات النقل الدولي.
وتم بدء العمل بالاتفاقية عام 1949 في ذروة إعادة إعمار أوروبا، حيث تمت صياغتها لتلائم القارة القديمة، لكنها أصبحت اليوم اتفاقية دولية لديها أعضاء ونشاطات في أكثر من 100 دولة، بينها ثماني دول عربية هي المغرب، والجزائر، وتونس، ولبنان، وسورية، والأردن، والكويت، والإمارات.
وهناك قرار خليجي يوصي الدول الأعضاء الأخرى بالانضمام للاتفاقية، في حين أصبح انضمام السعودية مسألة وقت تتعلق بإجراءات رسمية للمصادقة قد تأخذ أسابيع قليلة، مثلما أكد أحمد الحقباني مدير مصلحة الجمارك السعودية المكلف، خلال ورشة عمل استضافتها المؤسسة في الرياض الخميس الماضي شارك فيها الأمين العام للاتحاد، أمبرتو دي بريتو.
وفي هذه الورشة، التي قدمت رؤى وأفكارا حول الجوانب العملية لتطبيق الاتفاقية بهدف تيسير التجارة، أكد الحقباني أيضا قرار السعودية بتطبيق الاتفاقية خلال العام الجاري.
وعن هذه الورشة، قال، أمبرتو دي بريتو، "إنها تدل على الجدية التي تقترب منها الجمارك السعودية للانضمام إلى "تير"، وإن الاتحاد الدولي للنقل البري متحفز لتيسير تقاسم المعارف، والمساعدة على توليد فهم واضح لنظام النقل الدولي البري". وقال "إن هدفنا هو إيصال بساطة الاتفاقية وفعاليتها وقدرتها المُقنعة لتحقيق نقلة كبيرة للإمكانيات التجارية في المنطقة".
وعن مغزى ومزايا هذه الاتفاقية للسعودية، قال لـ "الاقتصادية"، راني وهبي، مستشار أول للشرق الأوسط في "تير"، "إن الاتفاقية تفتح الحدود، وتجعل من المعابر الحدودية أسرع، وأكثر أمانا، وأكثر كفاءة، وهي تحد من تكاليف النقل، وتعزز التجارة والتنمية، وهي أساسية لتنمية الصادرات السعودية التي سيكون بمقدورها الوصول إلى الأسواق العالمية بدون صعوبات وتعقيدات ومشكلات".
وأضاف في اتصال هاتفي من بيروت أن "عبور الشاحنة من الأردن إلى السعودية أو العكس، على سبيل المثال، من دون انضمام البلدين إلى المعاهدة، إنما يتم طبقا لإجراءات صعبة ومعقدة تتم على أساس النظام الوطني لكل من البلدين، إذ تُجبر الأنظمة الوطنية على توقف الشاحنة مرارا في كل نقطة حدودية عند الخروج أو الدخول، وإجبارها على فتح الشاحنات وتفتيشيها. لكن مع الانضمام لهذه الاتفاقية وامتلاك الشاحنة "دفتر تير TIR carnet" الذي يتم إبرازه عند النقطة الجمركية، ستبقى الشاحنة مغلقة لا تحتاج إلى الفتح، ولا إلى التفتيش، وعدم إخضاعها لدفع الرسوم ولا لغيرها من الإجراءات".
وأوضح أنه مع "دفتر تير"، "تير كارنيه" حسب المصطلح الدولي، يتم عمل الإجراءات الجمركية للشاحنة أو الحاوية التي تنتقل عبر الدول، مرة واحدة من دولة الانطلاق فقط، دون أن تخضع لأي إجراءت أخرى حتى وصولها إلى نقطة النهاية.
وأضاف أنه "على سبيل المثال، عندما تنطلق بضاعة من الصين عبر باكستان ومنها تُشحن إلى السعودية، يتم فحص البضاعة وإنجاز الإجراءات الجمركية من جمارك دولة الانطلاق فقط، وهي الصين في هذه الحالة، حيث تضع الجمارك الصينية الختم الجمركي، أما الدولة أو الدول الأخرى التي تمر بها البضاعة فلا تُجري أي إجراءات أو أختام جمركية، طالما كانت هذه معترفة بالختم الصيني".
وقال "إن الدول الأخرى المعترفة بـ "تير" ستسهل الإجراءات وتقوم بمعاملة الشاحنة أو الحاوية التي تحمل "تير كارنيه" بإجراءات سريعة استنادا إلى نظام تبادل المعلومات بين الجمارك المختلفة عن طريق إرسال كل جمرك إلى الجمارك الأخرى البيانات المسبقة التي ستمر من خلالها البضائع بموجب "تير كارنيه" وهو الدفتر الموحد الذي يُستعمل للنقل وللعبور".
وعن جانب الأمن والأمان في هذه الإجراءات التي لا تُخضِع الشاحنة للتفتيش، قال مستشار الشرق الأوسط في "تير"، الذي شارك في ورشة عمل الرياض في الأسبوع الماضي، "إن نظام "تير" آمن إلى حد الكمال تقريبا، وليست أي شاحنة عادية تستطيع أن تقدم خدماتها بموجب نظام "تير"، وإن الشاحنات والحاويات التي تعمل بموجب هذا النظام لها معايير فنية عالية تمنع التلاعب بالبضائع، كأن يتم إدخال أو إخراج بضائع في أو من الشاحنة أو الحاوية بعد وضع الختم الجمركي من دولة الانطلاق".
وقال "إذا ما حصل تلاعب، على سبيل المثال، وتم كشفه من قِبل موظفي الجمارك، فسيتم طرد شركة الشحن، علاوة على فرض عقوبات وغرامات قاسية عليها".
وأوضح بهذا الصدد، أن نسبة الشكاوى، أو المطالبات الجمركية من هذا النظام بلغت حتى الآن نسبة 0.001 في المائة "1 في في الألف"، وهي نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بملايين الشحنات التي تجري بموجب نظام "تير" في اليوم الواحد.
وقال "إنه مع كل "تير كارنيه" هناك ضمان دولي، بل إن "تير كارنيه" بحد ذاته هو ضامن دولي يُغطي ما قيمته 100 ألف يورو لكل شاحنة، وهي قيمة الجمارك والضرائب".
وقال "إن لكل الجمارك في العالم هناك ضامن محلي لـ "تير كارنيه"، وإنه ينبغي للسعودية بعد انضمامها للاتفاقية أن تختار ضامنا محليا، كأن يكون، على سبيل المثال لا الحصر، مجلس الغرف التجارية، وإذا حصلت أي مطالبات أو شكاوى، تستطيع الجمارك أن تحيل ذلك إلى الضامن المحلي، وهو مجلس الغرف التجارية في هذا المثال الافتراضي".
وقال "إنه بعد تعيين الضامن المحلي، يصبح هذا الضامن عضوا في الاتحاد الدولي للنقل البري ليلعب دور الوسيط في حالة حصول نزاع أو خلاف". وأضاف، وهبي، أنه "من خلال نظام البيانات المرسلة مسبقا، تستطيع الجمارك في أي دولة أن تعرف مسبقا ماذا تحتوي الشاحنة أو الحاوية القادمة، وكمية، ونوعية، ووزن البضاعة من خلال "تير كارنيه".
ويوجد هناك "تير كارنيه" ورقي، و"تير كارنيه" إلكتروني، الأمر يعتمد على التشريعات والأنظمة التي تتبعها الجمارك في كل دولة، لكن المستقبل عموما سيكون لـ "تير كارنيه" الإلكتروني.