الأماكن كلها مقطع واحد
هذا المقال الذي "أعجبنا" نقلناه لكم هو للكاتب السعودي "محمد السحيمي" نشر في صحيفة الوطن بتاريخ 26 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ العدد 2583.
سواءٌ كانت كلمات أغنية "الأماكن"، من تأليف شاعرٍ واحدٍ هو"منصور الشادي"، أو كانت "قَطَّة" بين أربعةٍ، تساهموا بها في جلسة "بلوت"، وسواء كان ذلك الشادي هو الرئيس الاتحادي القدير منصور البلوي، أو"الحسن كيتا" بمناسبة اعتزال "حمزة إدريس" فإن كلمات نص "الأماكن"، من أردأ ما قدم صوت "محمد عبده"، طوال تاريخه الممتد قرابة الأربعين ربيعاً، ولولا"مطاريس راشد الفارس"، وابتهالات عجائز "نيسابور"، التي يرددها راشد الماجد ـ ياعلِّني ماابكيه ـ لكانت الأردأ على الإطلاق في تاريخ الطرب السعودي!
تأمل الكلمات بعيداً عن الصوت: ما معنى "أبيها"، إذا كانت "عايشة بروحي"؟ وإذا كان العطر ينتقل بالنسمة، والنفحة، وهبوب الصبا "بفتح الصاد"، ونسناس الغربي فما معنى"الريح"؟ وكلمة"جابت"، ألا تذكرك بالشاويش "إسماعيل ياسين"، وهو يجر مجرماً من قفاه؟ ويكملها محمد عبده، فيرفع زعيقه بكلمة الريح، حتى تشعر كأنه مراقب "خفر السواحل"، يحذر زملاءه من قدوم "ريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ"، بينما المشهد لعاشقٍ يحرقه الحنين، بمجرد تذكره عطر حبيبته!
وإذا استطعت أن "تصرِّف" ما سبق، فهل تعرف عربياً، أو مستعرباً، يستخدم تعبير: "بس لكن"، في كلامه النثري العادي، ناهيك عن الشعر المنحوت من الشعور؟
فما تفسيرك لنجاح هذه الأغنية جماهيرياً؟ إنه المقطع الأول، الذي نجح فيه "أبو نورة" في ترويض صوته النافر، ليقدم لنا بشجنٍ نادر، الطُّعم الذي بلعناه، فألهانا عن تأمل بقية الكلام، والجمل اللحنية!
صوت "محمد عبده" الرائع، جنى ولا يزال يجني على الأغنية السعودية، ويمثل سبباً رئيسياً في جمودها، لأنه لجماله وروعته، وثقته بإعجاب الناس به مهما قال، أشغله عن الاعتناء باختيار الكلمات والألحان، بتأنٍ وروية!