علاء حمزة: المشاهد السعودي "بعبع".. و"زحلطن" وأخواتها من تأليفي! (1-2)
هو مؤلف أكرم الله به السعوديين أخيرا، بعد أن عانوا الأمرين من قلة المتخصصين في هذا المجال، ما أثر في أداء الإنتاج الدرامي السعودي ككل، علاء الدين حمزة كاتب، ولد في زمن غير بعيد كثيرا - على ما يبدو – وأتم دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مكة المكرمة، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة الملك سعود قسم الإعلام، وحصل منها على درجة البكالوريوس متخصصا في الصحافة، وهذا الأمر – على ما يبدو – سهل ويسر اطلاعه على ثقافات متعددة من مناطق مختلفة.
علاء حمزة قدم مسلسلين ناجحين في العامين الماضيين، جعلت الأنظار تتجه إليه، وأغرت المنتجين ورجال الإعلام كذلك بالبحث عنه، إلا أن ما لا يعرفه كثيرون، أن هذا الرجل بدأ مشواره مع القلم قبل "مناحي" و"زحلطن" بكثير، فقد حصل على عدة جوائز في الشعر والقصة والمسرح، إضافة إلى جائزة أبها الثقافية لمرتين في القصّة والرواية، وصدر له ديوان شعر فصيح بعنوان "في مثل هذا الوقت من كل مساء".
حملنا أوراقنا إليه بحثا عن أجوبة لأسئلة كثيرة تدور في أذهاننا وأذهان الناس عن هذا الكاتب الذي "بزغت" كوميدياه فجأة، واكتشفنا أنه يحمل أكثر من الكوميديا بكثير..
ما قصة دخولك إلى عالم الكتابة التلفزيونية؟
وصلت إلى التلفزيون "هاويا" بعد اجتياز عدد من البوابات المؤدية إليه، وأولاها هي بوابة الشعر، حيث بدأت في كتابة الشعر في وقت مبكر من حياتي، ثم وجدتني أطرق باب المسرح وأهيم في عالمه الساحر منذ تعرفت عليه، فشاركت في المسرح المدرسي، حتى وصلت إلى جامعة الملك سعود في فترة المسرح الذهبية التي كانت تعج بالمواهب آنذاك، حيث استقطبت الجامعة بعض أهم المخرجين المسرحيين للعمل فيها ومساعدة الشباب على فهم الفن الحقيقي، وكانت أروقة المسرح تعج بالأسماء التي أصبح لها شأن فيما بعد في الحركة الفنية بالمملكة مثل المرحوم الفنان بكر الشدي، وناصر القصبي، ويوسف الجراح، وعبد الإله السناني، وغيرهم.. وساهمت بكتابة بعض الأعمال المسرحية التي لاقت صدى جيدا في المجتمع الجامعي، وفي تلك الفترة لاحت أمامي بوابة الكتابة للتلفزيون فجربت كتابة نص بعنوان "رجل النصف مليون ريال" وهي عبارة عن سهرة تلفزيونية تم تنفيذها بعد ذلك بسنوات وكانت من بطولة الفنان القدير ناصر القصبي والفنان المبتعد – للأسف – عبد الله عسيري وإخراج خالد الطخيم.
بعد تلك الفترة عملت في الصحافة ردحا من الزمن، رغم أن التلفزيون أصبح هاجسي حتى التحقت بأهم مدرسة فنية، هذه المدرسة هي الفنان المخرج عبد الله المحيسن، حيث عملت معه، وتعلمت منه خطورة وأهمية هذا الفن في الحياة الإنسانية، وبعد أن كنت قد كتبت السهرة الأولى خلال يومين، فوجئت حين رأيت العمل التلفزيوني يدار بعقلية مختلفة، حين رأيت عبد الله المحيسن (في أعماله) يسهر الليالي الطوال في غرفة المونتاج ليتعامل مع مشهد أو مقطع، أو موقف تلفزيوني، احتراما للمشاهد، ولعقليته، في ذلك الوقت راجعت حساباتي، وأخذت أركز قراءاتي في فن الكتابة للتلفزيون والسينما، ترجمت – بصعوبة – عشرات السيناريوهات التي حصلت على جوائز أوسكار وانكببت على دراستها... لفهم أسباب نجاحها! وفك أسرارها.. والتفريق بين الملامح الإبداعية وملامح الصنعة الفنية فيها.. وكان لقائي مع المرحوم الفنان الكبير والقدير محمد العلي -رحمه الله – منعطفا في حياتي الفنية، ومن المعروف عن محمد العلي احتفاؤه وتشجيعه للمواهب الشابة، فأعطاني الفرصة الحقيقية لكتابة بعض حلقات من مسلسله الشهير – خلك معي – واستمرت مسيرة هذه الهواية... التي كانت ومازالت هواية أسعد بممارستها بين حين وآخر... فجاءت مسلسلات إخواني أخواتي التي أطلقت شخصية (مناحي) ثم (ماكو فكّة)، (وامرأة لا تشبه القمر) الذي أبدع فيه المخرج أحمد الدخيل الله، وغيرها وهذه كانت مع نفس مجموعة أصدقائي الذين جمعتنا الهواية (المنتج عمرو القحطاني، فايز المالكي، محمد العيسى، المخرج الدخيل الله) وغيرهم..
س:كل كاتب يطمح للشهرة، و من خلال مسلسل "بيني وبينك" لاحظنا أنه لم يصبك غير جزء يسير من النجاح الكبير الذي حققه العمل؟
هذا هو قدر كاتب التلفزيون، وهو قدر جميل – بعكس ما قد يتوقع البعض– نعم, أن الشهرة هي حاجة لدى كل كاتب كما تفضلت أخي ماجد، ولكنها ليست الهاجس الأهم كما لدى النجوم الذين يظهرون على الشاشة، فالنجم يحرص على تسويق صورته، لأن الحكم الأول والأخير عليه هو الجمهور العريض، فكلما عرفه أكبر عدد من الناس ارتفعت أسهمه، ولكن بالنسبة للكاتب، فإن الشهرة العريضة ليست مطلبا ملحا فيكفيه – على الأقل كي يستمر في الكتابة – أن يكون معروفا بجودة الإنتاج بين أهل صنعته من المنتجين والمخرجين والفنانين، ثم تكون السعادة الحقيقية لدى الكاتب حين يرى أنه استطاع أن يضفي بسمة حقيقية في قلوب الملايين (خاصة كاتب الكوميديا) أن ضحكة طفل أو أم أو شاب يزرعها الكاتب في قلب أي من هؤلاء تعني له الكثير جدا.. شيء لا يمكن وصفه، ولكن يمكن تخيّله _ تخيل معي رجلا يلقي نكتة في مجلس به عشرة أشخاص مثلا – فيرى ابتساماتهم تملأ الأرجاء ،كيف يكون شعوره بنجاح هذا المسعى لإدخال السرور! فما بالك بكاتب يرى أنه أثر هذا التأثير الإيجابي في الملايين!! بالنسبة لي إسعاد الآخرين من أجمل متع الحياة، يتحدثون اليوم يا ماجد.. عن الضحك الهادف !! والضحكة التي وراءها فلسفة أو عبرة أو عضة !! وأنا أقول - دائما - يكفيني أن يضحك الإنسان، هناك أشياء كثيرة تطلب لذاتها، ومنها السعادة، والضحك – في أغلب حالاته – هو تعبير عن السعادة، فأي شهرة تعدل لدى الكاتب إدراكه أنه استطاع أن يهب ولو قدرا ضئيلا من السعادة لكل هؤلاء.. صدقني هذا ليس من باب (اللي ما طال العنب يقول عنه حامض)! لكن أنا وزملائي الكتاب الآخرون - يشرفنا أن نكون الرجل الذي أسعد – ولو لبرهة من الزمن - ملايين المشاهدين الذين رأوا أعمالنا.. ولو أنه يعز علينا أن لا يعرفنا هؤلاء.. كما قال نزار قباني الذي علم العشاق فن الحب:
(كل أهل العشق كانوا من تلاميذي وإن لم يعرفوني
فأنا علمتهم أبجديات الحنين
وأنا علمتهم أن يكتبوا للحبيبات بماء الياسمين
فلماذا حين سلمت على أهل الهوى لم يعرفوني؟)
لكن لا بأس كبيرا في أن لا يعرفوني، ماداموا متصالحين مع ما أقدمه لهم من حب.. وسعادة – حتى وإن كانت آنية – فهذا يكفيني ويفيض.
س:في هذه الحالة يمكن للأجر المادي أن يعوض غياب الأجر المعنوي، هل يمكننا معرفة كم كان أجر كتابة مسلسل "بيني وبينك"؟
بالطبع لن أخبرك عن أجري في المسلسل (ربما المنتج القادم يفكر برقم أكبر!)، أنت تعلم أن بعض الهوايات مكلّفة أكثر من غيرها! ولكن هل تعلم أن هواية الكتابة (خاصة الكوميديا) من أكثرها تكلفة، ومع ذلك فهو أجر يغطي تكاليف الإنتاج – بالنسبة لي على الأقل – وإن كان بعض القراء يتساءلون فيم التكلفة؟ – والمسألة كلها ورقة وقلم – وبراد شاهي !؟ سأشرح لهم.. في البدء: لكي تكون كاتبا ناجحا في أي مجال يجب أن تكون قارئا ناجحا.. وينطبق هذا بالذات على كاتب الأعمال التلفزيونية حيث يجب أن تتنوع قراءاته بين الأدب والتاريخ والفلسفة وعلم النفس والاجتماع والسياسة.. وغير ذلك من العلوم، وإلا فأنت كارثة على نفسك وعلى من تكتب لهم، والقراءة لاشك مكلفة في ظل أسعار الكتب الجنونية! يقول بعض الفلاسفة لكي تكتب كتابا يجب أن تقرأ مائة كتاب! وهذه حقيقة وليست مبالغة، وتعلمون عن الكتّاب الذين أفلسوا ويجترون ما كتبوه من سنوات.. سواء في الأدب رواية وشعرا، ونثرا وقصة ومقالة.. أو حتى الكتابات العلمية، وليس سبب هذا نضوب مواهبهم ، بل زاد الطلب عليهم فأخذتهم الكتابة عن القراءة فأصبحوا يكتبون أكثر مما يقرؤون! وبالنسبة لي هناك تكلفة إضافية في الكتابة... فأنا أضطر لأسافر وأنفرد بنفسي لشهرين أو أكثر لكتابة مسلسل - هاربا من التزاماتي – خاصة العائلية – (ود وجيب وهات !) وهاربا من إزاحة الستار عن جنون الكتابة أمام الآخرين، تخيل أن يدخل عليك أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك وأنت تضحك – حتى الثمالة – مع نفسك – جراء موقف كوميدي كتبته بنفسك! وهذا ليس بأمر مستغرب فأنت بعد أن يأتيك الموقف تتخيله مشهدا ممثلا أمامك... فلا تملك – إن كان موقفا جيدا – إلا أن تضحك ! وإن كان محزنا إلا أن تبكي! (ورحم الله امرأ درأ عن نفسه الشبهات).
س:أراد علاء حمزة عند كاتبة السيناريو إجمال الحلقات الثلاثين في المسلسل في مجموعة رسائل، منها المباشرة، ومنها التي اختفت في التعابير الصوريّة واللفظية.. ما الرسالة الحقيقية التي أراد لها علاء حمزة رؤية النور؟ وما الرسالة التي عجز مسلسل عن ترجمتها؟
نعم الفن رسالة.. ولكن إذا ظهرت الرسالة بشكل مباشر اختفى الفن.. ومع ذلك يجب أن تكون الرسالة واضحة في الإجمالي الكلي للنّص، ورسالة مسلسل بيني وبينك أعتقد أنها لا لبس فيها، فقد كان العمل يقول (إن الهروب من الواقع وعدم مواجهته هو كارثة إضافية على الإنسان وليس حلاّ !) كنت أقول إن بعض الناس يعيش في وهم وخوف لا مبرر له، يعتقد أن الدنيا كلها ضده، والعالم يبحث عنه، وإنه مركز الكون، بينما هو في مأمن من كل هذا، ولو واجه الواقع ولم يهرب منه لكان خيرا له، فلو واجه مناحي ومفرح واقعهما، وسلم مفرح نفسه للجهات المختصة، لما حدث له كل ما حدث، ولما وقع فريسة الواصل، الذي يمثل الشخص الاستغلالي المستعد أن يطحن كل من حوله من أجل الوصول إلى أغراضه، لماذا أخي ماجد يلجأ الناس في الحياة الحقيقية إلى السحر والشعوذة، والدجل والدجالين؟ لماذا يرمون أنفسهم في أيدي النصابين والمحتالين، لماذا يخسر كثير من التجار ثروات طائلة لأن محتالا أوهمهم أنه يستطيع أن يحول ألف ريال إلى مليون دولار!! لأنه هرب من الواقع، هرب من حقيقة علمية بسيطة وهي أن العمل هو الذي يصنع المال لا خزعبلات هذا الساحر أو الدجال، اتهمني البعض بالمبالغة في هذا النّص! ولكن والله يا أخي ماجد المتتبع للحياة الواقعية يجد أن أناسا أذكياء جدا، وقعوا في فخاخ غبيّة جدا، وإلا فكيف برجل كون ثروة بعمل وجهد وكد.. تقرأ عنه ذات يوم في الصحف أنه سلم مبلغ مائة ألف دولار إلى رجل ادعى أنه قادر على أن يحولها إلى مليون دولار من خلال بعض الطلاسم!! (وقد ذهب الحمار بأم عمرو.. فلا رجعت ولا رجع الحمار) أليست الحياة الواقعية أكثر مبالغة مني ومن كل الكتاب!! قد لا يستغرب الوقوع في هذا الفخ من مناحي أو مفرح البسطاء!! ولكنه الجنون بعينه حين يأتي من رجل مثقف وواع، أفنى حياته في التجارة ومعاركة السوق! لذلك لا تستغرب إذا قلت لك إن المنافسة الحقيقية التي يخشاها كاتب الكوميديا ليست من زملائه الكتاب الآخرين، ولكن من الحياة الواقعية!! التي تكتب نصوصا خرافية تنافسه !
س:كم تستغرق في كتابة المسلسل .. وما طقوس علاء حمزة في الكتابة؟
تحدثت عن وقت الكتابة، ولكن بالنسبة للطقوس، فالكتابة عندي تمر بعدة مراحل، والمرحلة الأهم والأصعب هي إيجاد الفكرة، وهذه تستغرق وقتا طويلا، من التفكير، (غير الشهرين الخاصة بالكتابة) تفكر في كل مكان، في البيت في السيارة في الشارع، وأظن أن هذه هي مرحلة الإبداع الحقيقية في الكتابة (حين لا تمسك قلما)، وما يأتي بعد ذلك هو الصنعة، وهذه قابلة للتعلم، ومرحلة الكتابة – بالنسبة لي – لا تحتاج إلى طقوس فقط الوقت والفراغ، خلو الذهن من الأفكار، والوقت من المشاغل، والمرحلة الثانية هي وضع خطوط العمل – وهذه أيضا تأخذ وقتا – حيث ترسم الشخصيات التي ستظهر في العمل، وتعطيها ملامحها، في هذه الفترة أنت تتحكم في الشخصيات وتشعر أنك سيد الموقف ولكن هذا الشعور الجميل لا يطول فما أن تدلف إلى المرحلة الثالثة (مرحلة الكتابة / ووضع المشهد تلو المشهد) حتى تفقد السيطرة كليا أو جزئيا على الشخصيات، ويكتسب بعضها قوة ونزقا ويتمرد عليك.. تأخذها يمينا فتأخذك شمالا.. وقد كتبت سهرة عن هذا الموضوع، ومن وحي هذه المعاناة، بعنوان (موت مؤلف) حيث تمردت الشخصيات على المؤلف حتى قتلته وهو منكب على الكتابة ، (بطولة المرحوم / محمد العلي) وحصلت السهرة على جائزة مهمة على المستوى العربي.
س: إلى أي حد مسموح لأبطال أعمالك التلفزيونية بالتدخل لتعديل النص المكتوب؟
تعديل النّص لا، ولكن من يستطيع أن يكبح جنون فايز المالكي، أو جماح حسن عسيري، أو فكر راشد الشمراني، أو حضور محمد العيسى.. إن من حسن حظي فعلا أن أكتب في وقت توجد فيه كل هذه المواهب على الساحة، وجهة نظري دائما إذا أراد النجم الواعي أن يضيف (إفيه ) أو جملة أو كلمة فليضف ولكن بثلاثة شروط هي:
ألا يقول معلومة قبل وقتها
ألا يؤخر معلومة عن وقتها
ألا يخرج عن روح النّص (النص كاملا، أو المشهد ، أو السيكوينس/ مجموعة مشاهد متتابعة تشكل حلقة واحدة).
هناك من يقول إن كل (الكلمات/ الأفيهات) الكوميدية في أعمالك هي من اختراع الممثلين أنفسهم وإن دورك يقتصر فقط على كتابة القصة والحوارات الجادة.. تعليقك؟
لو كان الأمر كذلك فهناك عشرات الكتاب غيري! لماذا يبحث المنتجون عني! ويتحملون إزعاجي !! (ومسكاتي الغريبة ! مثل إصراري على تصوير مشاهد معينة في أماكن معينة)، قد تستغرب حين تعلم أن أيا من المشاركين في أعمالي لا يرون المسلسل إلا بعد اكتماله تماما، نعم نتناقش في الفكرة قبل مرحلة الكتابة، لكن بعد أن أبدأ في كتابة المشهد الأول، لا يرون المسلسل إلا بعد أن أكتب في آخر سطر (تمت) اسأل راشد الشمراني أو محمد العيسى أو فايز أو حسن أو عمرو القحطاني أو عبد الرحمن الخطيب أو عمر الديني (هؤلاء أكثر الناس معرفة بنصوصي وقراءة لها) سيقولون لك إننا نضحك حين نقرأ النص ربما أكثر مما نضحك بعد مشاهدة المسلسل.. و إذا كان الأمر كما ذكرت في سؤالك فلماذا أكتب أنا أصلا. فقد قلت لك إن مكافأتي الأهم هي ضحكة في قلب إنسان.. فإذا لم أكن أنا صانعا لها فأنا مدّع!! لا أستحق لقب كاتب! نعم الفنانون يضيفون إفيهات جميلة ورائعة.. وهذا من حقهم! ولكن أنا أكتب المسلسل في 700 صفحة.. وما يضاف لا يزيد على صفحتين (مثلا) وقد استفزني سؤالك لدرجة أني أفكر في أن أنشر الأعمال التي كتبتها في كتب.. حتى يطلع عليها الناس.! وسأهديك الكتاب باعتبارك صاحب الفضل في هذه الفكرة.
كتبت لعدد من نجوم الكوميديا الشباب.. فلماذا لم تكتب للنجوم الكبار.. كطاش ما طاش أنموذج؟
لم أكتب لطاش ما طاش إلا حلقة واحدة لسبب بسيط وهو أنه لم توجه لي الدعوة غير تلك المرة من الفنانين السدحان والقصبي! أما الكتابة للشباب فنحن بدأنا كأصدقاء كما أسلفت كنا مجموعة تحب الفن، لم نكن نسعى إلى الربح المادي، ولكن كنا نسعى إلى تقديم شيء مختلف نحس به، ونحبه، جمعنا أحد الأصدقاء المنتجين في عمل (إخواني أخواتي) فانطلقنا معا الانطلاقة الحقيقية لنا (كلنا كانت لنا أعمال سابقة/ والممثلون كانوا نجوما) لكن كان هذا العمل محطة بارزة في حياتنا، وكان للتلفزيون السعودي.. وخاصة الأستاذ محمد قزاز الدور الأكبر في تبني هذا العمل وفي بثه في وقت الذروة، ونجاحه، وحين تقبل الناس منا هذه الروح الشعبية (سواق الباص/ وأخته الدلالة/ والمطرب المصرقع) أدركنا أنه قد يكون لدينا فعلا ما يستحق أن نقدمه للناس.. فواصلنا وإن تفرقت بنا السبل ..لكن أعتقد أن المجموعة كلها نجحت في طرقها.. وكلنا أمل أن نعود ذات يوم مجتمعين إن شاء الله.. وان لم يكن في عمل تلفزيوني ففي فيلم سينمائي أو حتى عمل إذاعي وهذه هي أمنيتي اليوم .. أتمنى فعلا أن أقدم مع فايز المالكي ومحمد العيسى عملا إذاعيا يحمل جنوننا نحن الثلاثة.. وأن نسمع عن نسب استماع قياسية.. كما نسمع اليوم عن نسب مشاهدة عالية.
بماذا تفسر الإقبال الجماهيري على "باب الحارة"؟
شيء واحد ميز باب الحارة، هو القيم الاجتماعية التي بثها في ثنايا التفاصيل الدقيقة التي قدمها، باب الحارة هو عودة رومانسية إلى الزمن الماضي، عودة إلى زمن (سي السيّد) به الكثير من معاني الرجولة والشهامة والحب والتضحية والفداء من الناحية الإيجابية – ومعاني الفتوة والتسلط والحمية غير المنضبطة من الناحية السلبية - هذه المعاني (الإيجابية منها) التي يحتاج إليها الوجدان العربي اليوم أكثر من أي وقت مضى، إن اثر باب الحارة على المشاهد العربي هو أثر نفسي أكثر منه فني، وهذا شيء جميل.. ونحن نحتاج إليه.
أين تضع الدراما السعودية في الترتيب العربي؟
لست أنا الذي أضعها بل هي وضعت نفسها في مكانة متقدمة جدا، وسبب ذلك هو القنوات السعودية سواء العامة (القناة الأولى) أو القنوات الخاصة مثل (إم بي سي)، وقبل ذلك المشاهد السعودي، الذي أصبح ناقدا يخشاه كل العاملين في المجال الفني، و لحسن عسيري (كمنتج) مقولة جميلة.. ربما بها كثير من الصحة حيث يقول: (إن المنتجين السعوديين هم الذين يحددون المساحة التي يتركونها للآخرين.. فإذا كانت وسائل العرض تتحمل مائة مسلسل في السنة وأنتج السعوديون (أو الخليج عامة) 60 مسلسلا ليس بإمكان الآخرين إلا إنتاج 40 مسلسلا).. ولكن يجب إرجاع الفضل لأصحاب الفضل, فبالإضافة إلى جهود وزارة الإعلام ، لا ننس الرواد الأوائل الذين فتحوا الطريق لمن جاء بعدهم مثل: محمد العلي, سعد خضر, محمد حمزة, أحمد الهذيل, عبد العزيز الهزاع, عبد العزيز الحماد, وغيرهم من الرواد الذين مازلنا نسير على خطاهم، ونحن عالة عليهم.