د. محمود حجازي: صيادلة وحلاقون يروجون كريمات ضارة لعلاج الصلع

د. محمود حجازي: صيادلة وحلاقون يروجون كريمات ضارة لعلاج الصلع

يشكل تساقط الشعر هاجسا كبيرا لدى قطاع عريض من الناس، وخصوصا الشباب منهم، فبمجرد أن يشعر الشاب أن هناك تساقطا غير طبيعي في شعره يبدأ بالبحث عن أي دواء أو وصفة ينقذ بها شعره، ويصبح كالغريق الذي يتعلق بقشة، ويقابل في رحلة البحث عن علاج العديد من المستغلين الذين يعرضون عليه تلك "القشة" بدءا من الحلاق –الذي غالبا ما يكون أصلع - وانتهاء بمراكز طبية كبيرة.
"الاقتصادية" التقت الأستاذ الدكتور محمود حجازي استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية وحاورته حول هذا الموضوع، الذي أوضح فيه الكثير مما يخص "المهمومين" من تساقط شعرهم، حيث لخص أسباب الصلع وعلاجه، وألقى الضوء على عمليات زراعة الشعر. فإلى الحوار:

ما أسباب تساقط الشعر؟
في البداية أحب أن أوضح أن هناك فهما خاطئا لتساقط الشعر، إذ إن هناك معدلا طبيعيا لتساقط الشعر، الشعرة لها دورة حياة، ولا تعيش طول العمر، لذلك هناك تساقط طبيعي للشعر بمعدل 100-120 شعرة يوميا ليأتي بدلا منها شعر جديد نشيط ، أما أسباب تساقط الشعر "غير الطبيعي" فهي متعددة وكثيرة، أولها العامل الوراثي، خاصة في الرجال. ثانيا: بعض الأمراض الجلدية التي قد تصيب الرأس وهي أمراض متنوعة منها ما يكون فطريا أو جرثوميا، مثل القراع أو الذئبة الحمراء ومنها ما يدمر البصيلة تدميرا كاملا وبالتالي هذا التساقط ليس له عودة، فتصبح المنطقة خالية من الشعر، ثالثا: مواد موضعية كيماوية يضعها البعض على مكان الشعر وهذه المواد الكيماوية إذا كانت مركزة فمن الممكن أن تسبب صلعا دائما كبعض الشامبوهات، رابعا: مواد التجميل وهي "مشكلة المشكلات" إذ إن نسبة كبيرة منها له تأثير مباشر في تساقط الشعر، خصوصا إذا كانت نسبة المركبات الكيماوية الموجودة في هذه االمواد والصبغات مرتفعة. خامسا: فرد الشعر؛ لأن عملية الفرد فيها حرارة زائدة مع مواد كيماوية وهذا العمل قد يؤدي إلى تساقط الشعر. سادسا: ما تقوم به كثير من الأمهات بربط شعر بناتهن وخاصة الصغيرات على الجانبين أو إلى الخلف وشده بهذه الطريقة إلى الخلف يؤدي إلى ضعف البصيلات على المدى البعيد. سابعا: العصبية والتوترات النفسية المستمرة أو الخوف المستمر أو الانفعال المستمر أو الصدمات العصبية المفاجئة.
هذه أسباب رئيسية، لكن هناك أسبابا عامة منها: بعض الأمراض التي تصيب الجسم كسوء التغذية أو فقر الدم أو بعض الأمراض التي تصيب الكبد، وهناك نوع آخر يكون سببه حساسية المستقبلات في البصيلات للأنروجين "الهرمونات الذكرية" فبعض الأشخاص تجده طبيعيا لكن عنده مستقبلات تزيد حساسيتها للهرمون الموجود، فاستقبال الهرمون هذا ممكن أن يؤدي إلى زيادة النشاط وبالتالي تساقط الشعر.
ومما يؤدي إلى تساقط الشعر اضرابات الغدد وخاصة الغدة الدرقية.
لكن أكثر ما نصادفه في عملنا هو تساقط "ذات اليد" أي ما يتسبب به الإنسان بنفسه، وهذا يشمل المركبات الكيماوية والمواد التجميلية وفرد الشعر وبعض الأدوية التي تؤخذ دون استشارة الطبيب كما أن الشامبوهات لها دور كبير، خاصة عندما لا يختار الشخص الشامبو المناسب لشعره فالشعر الدهني –مثلا- يحتاج إلى شامبو يناسبه وهكذا، فلو استعملت له شامبو آخر قد يؤدي إلى نتيجة عكسية إذ تجد الشعر يجف ويتقصف وبالتالي يتساقط.

الوقاية "أسهل" من العلاج

كيف يفرق المستهلك بين المواد التجميلية التي تسبب الصلع وبين السليمة؟
- يجب على المستهلك ألا يعتمد في اختياره المواد التجميلية على المبادرة الذاتية، لا بد من استشارة ذوي الاختصاص في هذا الموضوع، فالقضية تجارية وهناك مواد تطرح بشكل كبير في الأسواق.. إعلانات تملأ الصحف، فنجد كثيرا من المستهلكين تغريه هذه الإعلانات فيشتري بعض المواد التي لا تناسبه ولا يعرف مكوناتها ولا آثارها الجانبية وقد يستخدمها استخداما خاطئا، وبعض المركبات لا تؤثر في الشعر فقط بل قد تمتصها الدورة الدموية من فروة الرأس وتتسبب في آثار مدمرة على الجسم، قد تجد مواد تجميلية غالية جدا لكن لها آثار سيئة في الجسم، ولذلك لا ننصح باستخدامها إلا باستشارة الطبيب.. على المستهلك ألا يعتمد على الإعلانات ولا ما تعرضه بعض الصيدليات وبعض الحلاقين من كريمات، وعليه أن يعلم أن الإنسان العادي لا يحتاج إلى أكثر من شامبو بسيط قليل الكيماويات وصابون عادي، وأن الإكثار من الغسيل أو من استخدام الشامبو له آثار سيئة على الشعر.

- تتنافس الإعلانات في طرح العديد من أدوية علاج تساقط الشعر. ما أبرز أنواع الأدوية الفاعلة؟
- نوع العلاج يعتمد على المسبب، فإذا كان هناك مرض جلدي يتم علاج هذا المرض قبل إعطاء المقويات، وإذا كان هناك اضطرابات في الغدد أو الهرمونات فيتم معالجته، وهكذا.. فإذا انتهت هذه المسببات يبقى العلاج المهني وهو الذي لا يصرفه غير الطبيب‘ إذ إن هناك أدوية لتقوية الشعر مثل بخاخ المينوكسوديل الذي كان يستخدم سابقا لعلاج الضغط واكتشف أنه يقوي الشعر، وهناك بعض الإبر فيها مركب لتنشيط الشعر وهناك بعض المركبات التي فيها بعض الأعشاب التي تكون على شكل دهان، وأنبه إلى أن هذه الأدوية لا تستخدم إلا بوصفة طبية.
أيضا أنبه إلى أن أفضل طريقة للعلاج هي الوقاية من حدوث التساقط، بالامتناع عن الأسباب التي ذكرتها، وفي هذه الحالة لن نحتاج إلى أي علاج،.

- هناك اتهام للطاقية في تسببها سقوط الشعر. هل هذا صحيح؟
- لا أتصور أن لها دورا في ذلك، والناس يتهمونها بأنها تكتم الشعر، وهذا غير صحيح فهي لا تكتمه، كما أنه من الطبيعي أن الإنسان لا يلبسها طول اليوم، ولكن هناك أمرا مهما بالنسبة للطاقية، وهي ألا تكون ضيقة، فإذا كانت ضيقة فهي تضغط على فروة الرأس وبالتالي تسبب تقلصات في الدورة الدموية وفي هذه الحالة من الممكن – على المدى البعيد- أن تتسبب في تساقط الشعر.

- حلاقة الشعر بالموسى هل تقوي الشعر كما هو شائع بين الناس؟
- هذا اعتقاد قديم، وفي الحقيقة أنه لا علاقة له بتقوية الشعر؛ فقوة البصيلة وصفاتها أمر وراثي محدد لا يتغير بقص أو بغيره، والبصيلة موجودة تحت فروة الرأس لها دورة عمر محددة وتغذية معينة هي التي تحدد مدى قوتها، لكن هناك استثناء لبعض الأشخاص الذين يعانون أنواعا معينة من الأمراض الجلدية في فروة الرأس كالأكزيما الدهنية، وحلاقة الشعر بالموسى تزيل تلك الطبقة الدهنية –كنوع من التنظيف- مما يؤدي إلى تنشيط الشعر، أما الإنسان الطبيعي فلا علاقة للحلاقة بتقوية شعره.

تلاعب وتضليل
- ما رأيك في عمليات زراعة الشعر؟
- (ضاحكا) يقولون إن الصلع دليل الذكاء، لذلك لا أنصح بها؛ وربك خلقك بهذه الصورة فاتركها كما أراد، يأتيني أناس يستشيرونني فيها فأنصحهم بعدم إجرائها؛ لأنها مكلفة وتأخذ وقتا كبيرا، كما أنها لا تنجح دائما، وليست من الأمور المهمة، وخصوصا أن أهل الخليج يلبسون الشماغ والطاقية فكل شيء مخفي.

- هل الإعلانات التي تظهر رجلا أصلع وبجانبها صورة للرجل نفسه وقد امتلأ رأسه بالشعر لها مصداقية؟
- لا أستطيع أن أعطيك جوابا عن هذا الأمر، لكن بصفة عامة القضية تجارية، والتاجر الأمين غير متوافر دائما، وليس لدي فكرة دقيقة عن مصداقية هذه الإعلانات لكن هناك ملاحظات عامة عليه، من ذلك: أنها لا تذكر المركبات التي استخدمها هذا الرجل، وهذا يخفي شيئا عن ذوي العلم فتجد الصورة مكتوب تحتها "قبل وبعد"، ونحن نقول قبل ماذا وبعد ماذا؟ وما الذي استعمله؟ وما فترة العلاج؟ وكم تكلفته؟ كل هذه الأمور تُغَيَّب عن القارئ الذي لا يرى سوى صورة لرجل أصلع أصبح يتمتع بشعر جميل، دون أن يعلم عن حالته شيئا. الموضوع فيه نوع من الغموض؛ لذلك لا نستطيع أن نحكم على مصداقيته.

- بما أن القضية تجارية، وكل أمر تجاري لا يخلو من تلاعب أو غش أو استغلال. ما أبرز أساليب التلاعب أو التحايل في هذا المجال؟
- هناك بعض الأدوية المشهود لها تعطي نتائج طيبة، لكن الأمر يستغرق شهورا ليظهر أثرها، وهي أدوية معروفة من جهات موثوقة، ومن أبرز أساليب الغش هو أن بعض المراكز تروج أدوية مجهولة التركيب والمصدر، ويدعمون دعاياتهم بصور وعبارات تغري المستهلك وتجعله يندفع لشرائها دون استشارة إخصائي الجلدية ليعرف المفيد لحالته، وفي حالة طرح مركبات جديدة أنصح كل مهتم بها بأن يستشير ذوي الخبرة عن فعاليتها قبل أن يستخدم أيا منها.

تطور الطب يتسارع في عصرنا هذا. هل تتوقع أن يتم القضاء على الصلع قريبا؟
تحت فروة الرأس توجد بصيلة وظيفتها إنتاج شعرة, وإذا ماتت البصيلة فلن يحييها إلا الذي خلقها، معنى ذلك أن البصيلة صار فيها تليف وبالتالي من المستحيل أن تنتج شعرة مرة أخرى، أما الصلع الذي حصل بسبب خمول البصيلة أو ضعفها فمن الممكن –بإذن الله علاجها- أما الصلع الوراثي أو الناتج عن تدمير خلايا أو أمراض جلدية معينة فلا مجال للأدوية في علاجها. ولذلك أرى ألا يشغل الصلعان بالهم، خصوصا أن الصلع علامة ذكاء قد يحسدهم عليه كثير من أصحاب الشعر الغزير.

د. محمود حجازي في سطور
•استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية والمستشار الطبي- كامبردج - بريطانيا.
• زميل الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية.
• زميل الأكاديمية الأوروبية للأمراض الجلدية والتناسلية.
• زميل الأكاديمية الأوروبية لأمراض الحساسية والمناعة.
• زميل الأكاديمية الأوروبية لجراحة التجميل.
• دكتوراه الأمراض الجلدية والتناسلية-1973م.
• من مؤلفاته: كتاب الأمراض التناسلية وكتاب الأمراض الجلدية و كتاب أمراض الأطفال الجلدية.
•حاصل على العديد من الجوائز منها: جائزة نوبل، وذلك للإنجاز المميز والمشاركة في المجهودات الإنسانية - :( المركز الثقافي المتحد)2001 عام الولايات المتحدة2001م. ودرجة الاستحقاق مدى الحياة من المميزين في مجال (الأمراض الجلدية والتناسلية) من المركز الدولي-كامبردج-بريطانيا-2001م.

الأكثر قراءة