الحق أحق أن يتبع

سبق لي أن نشرت أربعة مقالات في هذه الصحيفة الأول بعنوان "الممثل النظامي للشخص المعنوي في نظام المحاماة السعودي" وتاريخ 2007/12/12. والثاني بعنوان "الممثل النظامي للشخص المعنوي: عود على بدء" وتاريخ 2008/4/2. والثالث بعنوان "اللبس حيال عدد القضايا الجائز التوكيل فيها" وتاريخ 2010/11/30. والرابع بعنوان "موظفو الشركات.. والترافع أمام القضاء" وتاريخ 2014/10/30.
تطرقت في هذه المقالات إلى عدم سلامة منع موظفي الشخص المعنوي الخاص من الترافع في أكثر من ثلاث قضايا ومعاملتهم معاملة الوكلاء الشرعيين. ويعود هذا الأمر إلى عام 1428هـ عندما بدأت المحكمة العامة في محافظة جدة بتطبيق هذا التوجه، تلاها في ذلك مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية في محافظة جدة، ثم صدر قرار لجنة قيد وقبول المحامين برقم 23 وتاريخ 1435/3/26هـ المتضمن عدم اعتبار وكيل الشركة ممثلا نظاميا الأمر الذي أكدته وزارة العدل من خلال عدة تعاميم وما نتج عنه من عدم قبول النظام الشامل في موقع الوزارة تسجيل وقيد أكثر من ثلاث قضايا لوكلاء وممثلي الشركات والمصارف. وقد ترتب على ذلك لجوء الشركات باعتبارها شخصا معنويا خاصا إلى مكاتب المحاماة، عوضا عن الاستعانة بمنسوبيها من المستشارين والباحثين السعوديين في الإدارات القانونية الأمر الذي نتج عنه انخفاض نسبة التوطين في تلك الإدارات أو غلق الأقسام القانونية إذ لا جدوى من توظيف مستشار لا يباشر، سوى ثلاث قضايا في آن واحد.
إلا أنه بعد طول انتظار وجه مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة بتاريخ 1438/6/14هـ وزارة العدل باتخاذ ما يلزم لشمول أحكام الممثل النظامي ـــ فيما يتصل بنظام المحاماة ـــ موظفي إدارات الشؤون القانونية لدى الشخص المعنوي الخاص، والموافقة عليه بموجب الأمر السامي الكريم رقم 32749 وتاريخ 1438/7/16هـ وهو ما يعني الترخيص لموظفي ومنسوبي الشخص المعنوي الخاص (الشركات بجميع أشكالها) لمباشرة القضايا والمرافعة والمدافعة دون سقف أو قيد أسوة بالمحامين، وهو ما صدر بشأنه قرار وزير العدل رقم 6622 وتاريخ 1438/9/9هـ بتعديل اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة وذلك بإضافة فقرة لتلك اللائحة برقم 18/13 باعتبار موظفي إدارات الشؤون القانونية لدى الشخص المعنوي الخاص في حكم الممثل النظامي للشخص المعنوي، حيث يكون لهم مباشرة جميع القضايا دون سقف لدى جميع المحاكم بموجب وكالة شرعية من صاحب الصلاحية لدى كل شركة، حيث تصدر تلك الوكالة في الشركة المساهمة مثلا من رئيس مجلس الإدارة وفق أحكام المادة 82 من نظام الشركات الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م 3 وتاريخ 1437/1/28هـ، لمزيد من التفصيل حول ذلك فضلا مطالعة الفصل الثاني من كتابنا "الوجيز في شرح نظام الشركات السعودي الصادر عام 1437هـ ـــ الطبعة الثانية" ، كما اشترط ذلك القرار توافر عدة شروط في طالب الترخيص من منسوبي الإدارات القانونية أبرزها أن يكون طالب الترخيص عاملا تابعا لدى الشخص المعنوي وفق نظام العمل أي تربطه علاقة عمل بصاحب العمل، وأن يكون حاصلا على شهادة جامعية على الأقل في تخصص الأنظمة (القانون) أو الشريعة من إحدى الجامعات السعودية أو ما يعادلهما من خارج المملكة، إضافة إلى متطلبات أخرى ستقوم الإدارة العامة للمحاماة بوزارة العدل بإعدادها تشمل قواعد وإجراءات الترخيص، ونموذج الترخيص، وإجراءات التسجيل وإنهائه. إن هذا التوجه يعد نقلة في مهنة المحاماة في المملكة ويعد خطوة إلى الأمام توازي ما هو معمول به في الدول المجاورة وكذلك الدول الغربية، كما أنه يأتي منسجما مع قرار هيئة التدقيق رقم 61 لعام 1428هـ وتاريخ 1428/11/14هـ الذي انتهى إلى جواز مباشرة موظفي الشخص المعنوي الخاص (الشركات) القضايا دون سقف.
ختاما، إن صدور القرار موضوع هذه المقالة يعد في مصلحة المهنة ويرتقي بها بحكم التخصص، كما يساعد على توطين الوظائف لدى الإدارات القانونية في القطاع الخاص ويقضي على مزاولة محصّلي الديون في الشركات أعمال المرافعة والتنفيذ والحجز وغيرها فيما يتجاوز ثلاث قضايا، كما ينسجم مع رؤية بلادنا الغالية وولاة الأمر في تحقيق متطلبات "رؤية 2030" التي من أهم أهدافها إضفاء الشفافية والوضوح على أنظمة الدولة وأسلوب تطبيقها.
والله الموفق،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي