3 عوامل وراء بقاء أسعار النفط حول 50 دولارا رغم جهود منظمة «أوبك»
مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع نتيجة قيام السعودية بتخفيض صادراتها وحدوث تقدم ملحوظ في تقلص المخزونات، وهو الأمر الذي تغلب في تأثيراته على زيادة الإنتاج الأمريكي.
ومازالت المكاسب محدودة في ضوء توقعات وكالة الطاقة الدولية، باستمرار الزيادة في المعروض من النفط الصخري، ووصوله إلى مستويات قياسية في شهر تموز (يوليو) المقبل.
ويرى المراقبون للسوق أن بقاء الأسعار حول 50 دولاراً رغم جهود منظمة "أوبك" بالتعاون مع المنتجين المستقلين لتقييد المعروض النفطي يرجع إلى ثلاثة عوامل؛ أهمها: الانتعاش الواسع للحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الـ 21 على التوالي، وزيادة الإمدادات من بعض دول "أوبك" المعفاة من الاتفاقية، إلى جانب غياب الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وأسهمت تصريحات المهندس خالد الفالح؛ وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، في تعزيز مستوى الأسعار مع تأكيداته تقلص المخزونات خلال شهور قليلة وثقته بنجاح خفض الإنتاج في قيادة السوق إلى توازن واسع وملموس قبل نهاية مدة الاتفاقية في آذار (مارس) من العام المقبل.
وفي السياق، أكد تقرير "وورلد أويل" الدولي، أن تراجع الأسعار منذ موافقة منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" والدول الأخرى المنتجة للنفط الخام بما فيها روسيا يوم 25 أيار (مايو) الماضي، على تمديد صفقة الإمداد حتى نهاية الربع الأول من عام 2018، يرجع إلى أن السوق كانت تتوقع تخفيضات أكثر عمقاً وهو ما لم يتحقق في تخفيضات الإنتاج الأخيرة.
وقال التقرير إن هذا الإجراء الذي جاء أقل من طموحات السوق أدى إلى انخفاض العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكية بنسبة 5 في المائة، في 7 حزيران (يونيو) الجاري مع نمو مخزونات البلاد بشكل غير متوقع؛ حيث أغلق مؤشر برنت الدولي عند مستوى 48.15 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي.
وأبرز التقرير تأكيدات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك؛ فى أستانة أخيراً بأن الاتفاقية تسير بشكل جيد، وأن مخزونات الخام العالمية تتراجع تدريجياً، مشيراً إلى أن الطلب سيتعافى في الربع الأول من العام المقبل؛ ما يقلل المخزونات؛ مشدداً على أن روسيا ملتزمة ببذل كل ما في وسعها لتحقيق التوازن في السوق.
وفى هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك؛ مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط ": إن الأسعار تميل إلى التحسن وإن كان بوتيرة بطيئة نسبياً؛ ما جعلها تتأرجح حول مستوى 50 دولاراً للبرميل، مشيرا إلى أن أبرز العوامل التي تقاوم تعافي الأسعار هي زيادة الإمدادات سواء في بعض دول "أوبك" المعفاة من الاتفاقية، خاصة ليبيا، أو الإمدادات من خارج "أوبك" التي تقود الطفرة فيها الولايات المتحدة والبرازيل وكندا والمكسيك.
ويؤكد أنه من المبكر تقديم أي تقييم نهائي لاتفاق خفض الإنتاج؛ حيث إن الاتفاق لم يمر على تطبيقه سوى ستة أشهر فقط. وبحسب تأكيدات السعودية، فإن الاتفاق مستمر وصامد، كما أنه أحرز تقدماً ملحوظاً في وقف النمو المستمر في المخزونات.
ويوضح أن أحدث بيانات "أوبك" كشفت عن ارتفاع إنتاج المنظمة على الرغم من جهود اتفاق خفض الإنتاج نتيجة زيادة إنتاج ليبيا ونيجيريا، معتبراً أن الدولتين عندما تستعيدان مستويات جيدة وملائمة من الإنتاج الذي فقدتاه فعليهما الانخراط مرة أخرى في برامج التعاون مع المنتجين في "أوبك" وخارجها لتسريع عملية استعادة التوازن في السوق.
من جهته، يشير لـ "الاقتصادية" أندرياس جيني؛ مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات للنفطية، إلى أن حفاظ السعودية على حجم إمداداتها للأسواق الآسيوية في تموز (يوليو) المقبل يؤكد أن السياسات النفطية السعودية تركز على التوازن بين الالتزام بمقررات اتفاق فيينا لخفض الإنتاج وبين حماية الحصص السوقية، خاصة في آسيا التي تعد أبرز أسواق الطلب؛ نظراً لكونها الأعلى نمواً والأكثر اعتماداً على موارد الطاقة التقليدية.
يُذكر أن السعودية تسعى أيضاً للحفاظ على الأسواق الأمريكية وزيادة الاستثمارات النفطية هناك في ضوء التفاهمات السياسية والاقتصادية الواسعة التي تمت بين الدولتين أخيراً، مشيراً إلى أن صادرات النفط الخام السعودي ستنمو على الرغم من الزيادات الواسعة في الإنتاج الأمريكي؛ نظراً لارتفاع مستويات الاستهلاك في أكبر دول الطلب على النفط الخام.
بدوره، يقول لـ "الاقتصادية" رالف فالتمان؛ المحلل بمجموعة إكسبرو للخدمات النفطية، إن الزيادة المتواصلة في عدد الحفارات النفطية الأمريكية تعد بالفعل أبرز العوائق التي تحول دون نمو الأسعار وعودة النفط الخام إلى مستوى أقل من 50 دولاراً، لافتاً إلى أن زيادة الحفارات تعود إلى الأجواء الإيجابية التي بثتها إدارة دونالد ترمب؛ فى قطاع الطاقة التقليدية إلى حد الرغبة – بحسب تقدير دوائر دولية – في عدم الالتفات إلى فرص النمو في قطاع الطاقة المتجددة، وعدم الاستجابة إلى التفاهمات الدولية بشأن الحد من الانبعاثات الكربونية الخطيرة.
ويبين أن الأسعار بدأت في التحسن على استحياء بعدما سجلت مستويات قياسية في الانخفاض على مدار عدة شهور سابقة، لافتا إلى أن السوق تحتاج بالفعل إلى إجراءات أقوى في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي أيّدته السعودية وروسيا؛ حيث لم يستبعدا أن يشهد اجتماع وزراء الطاقة في فيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تعميق التخفيضات وتوسعة الاتفاق ليضم منتجين جدداً بما يعزّز الاتفاق ويعجّل بنتائج جهوده في دعم استقرار السوق.
وفيما يخص الأسعار، سجّلت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً، أمس، بعد أن قالت السعودية إنها ستنفّذ خفضاً كبيراً للصادرات في تموز (يوليو) وسط إشارات على تراجع مخزونات الخام الأمريكية على الرغم من أن زيادة إنتاج الولايات المتحدة ما زالت تؤثر سلباً في السوق.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي "مزيج برنت" 35 سنتاً إلى 48.64 دولار للبرميل بحلول الساعة 08:33 بتوقيت جرينتش، في حين زاد الخام الأمريكي 30 سنتاً إلى 46.38 دولار للبرميل.
وتقود السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، جهوداً لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا ومنتجين آخرين بهدف خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حتى آذار (مارس) 2018 لدعم الأسعار.
وخلال النصف الأول من العام، كانت هناك شكوك بشأن التزام "أوبك" بتعهداتها.
وأوضح مسؤولون سعوديون أنهم يجرون تخفيضات حقيقية، بما في ذلك خفض بواقع 300 ألف برميل إلى آسيا في تموز (يوليو)، على الرغم من أن عدة شركات تكرير آسيوية تقول إنها تتلقى كامل مخصصاتها.
وقال أوليفر جاكوب؛ من "بتروماتريكس": "النفط الخام ما زال يجد صعوبة في الارتفاع"، موضحاً أن التخفيضات التي تجريها السعودية بحاجة إلى الاستمرار بعد الصيف لكي تكون ذات أثر كبير.
وأشار متعاملون إلى بيانات من شركة معلومات السوق جينسكيب تقدر حجم السحب من نقطة تسليم العقود الآجلة للخام الأمريكي في كاشينج بولاية أوكلاهوما الأسبوع الماضي، بما يزيد على 1.8 مليون برميل.
وارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية، أمس، لتواصل التعافي لليوم الثالث على التوالي، استناداً إلى تحركات السعودية لدعم السوق، لكن تظل المكاسب محدودة، في ظل توقعات وكالة الطاقة الأمريكية ارتفاع إنتاج النفط الصخري لمستوى قياسي جديد في تموز (يوليو) المقبل.
وبحلول الساعة 09:20 بتوقيت جرينتش، ارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 46.30 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.14 دولار، وسجل أعلى مستوى 46.38 دولار وأدنى مستوى 46.10 دولار.
وصعد خام برنت إلى مستوى 48.60 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 48.34 دولار، وسجل أعلى مستوي 48.64 دولار، وأدنى مستوى 48.31 دولار.
وأنهى النفط الخام الأمريكي تعاملات، أمس الأول، مرتفعاً بنسبة 0.2 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي، وصعدت عقود "برنت" نحو 0.1 في المائة، ضمن عمليات التعافي من أدنى مستوى في خمسة أسابيع.
وكانت أسعار النفط قد فقدت، الأسبوع الماضي، نسبة 3.8 في المائة، في ثالث خسارة أسبوعية على التوالي، وسجلت أدنى مستوى في خمسة أسابيع، بسبب تصاعد المخاوف بشأن تخمة المعروض فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح؛ في مؤتمر صحفي عقده في كازاخستان مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك؛ إن مخزونات الخام العالمية ستستقر عند متوسط خمس سنوات قبل نهاية العام، وأن بلاده ستعدل سياستها إذا لم يكن لخفض الإنتاج الأثر المطلوب. وعلى حسب بعض المصادر، ستخفّض السعودية صادرات الخام تسليم تموز (يوليو)، بنحو 600 ألف برميل، بداية من الشهر الجاري، وستخفّض الصادرات إلى الولايات المتحدة بنحو 300 ألف برميل.
ومع استمرار زيادة منصات الحفر والتنقيب في منطقة حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة، تتوقع وكالة الطاقة الأمريكية ارتفاع إنتاج النفط الصخري في البلاد إلى مستوى قياسي جديد في تموز (يوليو) المقبل عند 5.48 مليون برميل يومياً.
وبالنسبة لإنتاج النفط في ليبيا، فقد عاد هذا الأسبوع إلى 820 ألف برميل يومياً "بأعلى وتيرة فى نحو أربع سنوات"، بعد انخفاضه الأسبوع الماضي إلى 618 ألف برميل، مع عودة تشغيل الإنتاج في حقل الشرارة النفطي.
وارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 45.93 دولار للبرميل، أمس الأول، مقابل 45.48 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاماً من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب أربعة انخفاضات سابقة، وأن السلة تراجعت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 47.37 دولار للبرميل.