رسائل جوّال دعوية تثير الجدل وسط شرائح مختلفة من الناس
امتعض عدد من المتلقين لرسائل الجوّال التي ترد إليهم على أنها رسائل دعوية عبر الجوّال بعضها يلقى قبولا لديهم وبعضها لا يلقى القبول الكامل مع أنها تحمل مضمونا ذا فائدة وقالوا إن أسلوب طرحها لا يكون مناسبا معهم، مما يجعل هناك عدم تقبل لهذا الأسلوب الذي يسلكه بعض هؤلاء القائمين على إرسال هذه الرسائل، وخصوصا أن بعض هذه الرسائل ترسل في وقت غير مناسب إلى ذلك من الملاحظات على بعض هذه الرسائل ولمدى مشروعية هذه الرسائل التي تأتي دون استئذان ولا رغبة للمستقبل.
في البداية يقول مفرح الحقوي تربوي إن مثل هذه الرسائل التي يريد بعض الناس الخير هي أحيانا تصل للمتلقي في أوقات غير مناسبة أو أن أسلوبها ومضمونها لا يناسب المتلقي، وقد عانيت شخصيا من مثل هذه الرسائل التي تأتي في كل وقت حتى أوقات الراحة والنوم، ونحن نحب الخير والدعوة ونحث عليها ولكن ليس بهذا الأسلوب الذي قد ينفر ولا يكسب الدعوة شيئا.
وبدوره يقول محمد القرني مدرس في مكة المكرمة نحن نفرح عندما نقرأ رسالة دعوية ذات مضمون ومفيد ونتقبلها بكل سرور، ولكن للأسف الشديد أن بعض الرسائل التي تصل إلينا تكون ذات هشاشة ولا يكون له ذاك التأثير عكس الرسائل التي تكون سلسة وغير مباشرة يكون لها وقعها وأثرها الطيب، وقد جربت ذلك والإخوة اجتهدوا في مثل هذه الرسائل وأتمنى لهم التوفيق.
ويعترض عبد الله العبد الرحمن على اعتبار بعض هذه الرسائل الموجهة إلى فئات متعددة من الناس مزعجة وغير مفيدة ويقول: شخصيا كان يصلي ولا تزال رسائل دعوية ممتازة واستفدت منها والناس يختلفون في طبيعة تفاعلهم مع الرسائل من عدمها.
رأي الشرع
من جانبه اعتبر الشيخ مسعود الغامدي ـ المشرف على قناة الخليجية ـ وجود ظاهرة خدمة الرسائل التي انتشرت أوساط الناس في حد ذاتها تمثل أهمية كبيرة خصوصا إذا كانت رسائل هادفة وذات أسلوب مناسب يتقبله المتلقي، فمثل هذه الرسائل يكون لها آثار طيبة وتحقق صدى وقبولا يحفز الكثيرين على الاستمرار في الاشتراك فيها لمزيد من الفائدة ونفع العمل الإسلامي، أما إذا كانت رسائل هشة وليس لها هدف نبيل حتى وإن كانت ذات توجه إسلامي فإنها لن تجد القبول من الناس والأحرى بالقائمين عليها أن يقدموا خدمة رائعة ولا تكون بهدف استغلال الناس.
ومن جهته يقول إبراهيم الأزرق الداعية الإسلامي أحب تنبيه بعض إخوتي القائمين على رسائل الجوّالات يحسبونها هادفة إلى بعض الإشكالات في تعاملهم، ربما أخرجت بعضها رسالتهم عن حد كونها شرعية، وربما أفقدتهم بعضها المصداقية، وربما كان أثرها دون ذلك، وأقتصر على ذكر خمسة مظاهر شائعة في بعض هذه الخدمات:
أولاً: بعض الرسائل إذا نظرت في فائدتها ومقدار نفعها وجدتها ليست بذاك، بعضها ركيك لا تحتمل ركاكته، مسجوعٌ سجعاً متكلفاً كسجع الكهان أو هو أقبح! وبعضها قد يكون مفيداً حسن الصياغة لكن لا توازي فائدته الثمن الذي تكلفه الرسالة، فعلى سبيل المثال: هل دَفْعُ المستخدم مبلغاً من المال شهرياً لمدة عام، هل هذا الثمن يوازي فائدة تجزئة كتاب ثمنه في المكتبات دراهم معدودة وإرسال مضمونه في رسائل جوّال خلال عام؟
وأضاف بالنسبة لي وأظن أن كثيرين مثلي لا يرضيهم هذا، فكيف إن كان كل هذا المبلغ ـ المسحوب خلال العام - يذهب إلى شركات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل قد يكون لهم في تعاملاتها نظر، قد يحتمل أناس التعامل معها إذا كانت المصلحة راجحة ومردود الفائدة ظاهر، لكنه لا يحتمل هذا التعامل إن كان مردود الفائدة ضعيفاً.
ثانياً: بعض الرسائل الدعوية فيها نوع غرر، ترويجها يشبه ترويج المجهول أو الموصوف بوصف غير منضبط مقابل ثمن معين، ولعله قد جاءتك رسالة يوماً ما تقول: أرسل كذا إلى الرقم كذا لتشاهد كيت وكيت مما تتوق نفوس المسلمين لرؤيته، فيدفعك الفضول للدفع وأنت لا تدري هل الصورة - موضوع الدعاية دعك من سائر الخدمة - توازي قيمة ما تدفع أو لا، وقل مثل هذا في الرسائل التي تقول: أرسل كذا ليصلك مقطع، ثم أذكر ما شئت من عبارات الوصف غير المنضبط التي لا تخرج الموصوف عن حد الجهالة، وقد يضاف إلى هذا جهلك بالمبلغ المقرر سحبه منك إن أنت قد أرسلت، وليس هذا بالغرر اليسير فبعض الرسائل تكلفتها مرتفعة، فكيف إذا كانت الخدمة على مدار الشهر أو العام، فكيف إذا كانت تصل لآلاف المشتركين.
رسائل الجوّال الهادفة
وينتقل للمظهر الثالث فيقول: كثيراً ما ترسل رسائل حاصلها أرسل كذا للاشتراك في خدمة كيت من جوّال كذا، ثم إذا أرسلت الرقم وساءتك الخدمة لم تعرف كيف تتخلص من السحب المتصل من رصيدك إلاّ بعد حين قد يطول وقد يقصر، بحسب اجتهادك! والذي ينبغي أن تُرْسَل رسالة حاصلها: أرسل كذا للاشتراك، ولإلغاء الخدمة أرسل كذا.
وتذكر دائماً أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه.
المظهر الرابع: كان نبينا، صلى الله عليه وسلم، يتخول خير القرون وأرغبهم في الفضل بالموعظة مخافة السآمة، فعموم الناس اليوم للمراعاة أحوج، وبعض رسائل الجوّال الهادفة تصل في أوقات مزعجة، ولا سيما أن كثيراً منّا بات يتخذ من الجوّال منبهاً يوقظه، وقد كانت بعض تلك الجوّالات الهادفة تصلني رسائلها نحو الساعة الثالثة صباحاً، وأنا رجل خفيف النوم يدفعني الفضول البشري عندما أستيقظ بورود رسالة للذهاب إلى الطاولة والنظر لمعرفة موضوع الرسالة التي جاءت في ذلك الوقت الحرج!
وقد حاولت التغافل والتجاهل حيناً فلم أطق وكان هذا أحد أسباب طلبي من بعض الفضلاء الذين يشرفون على خدمة مفيدة إلغاء اشتراكي فيها.
فلعله من المفيد النص في العقود المبرمة بين صاحب الخدمة والشركات التي تقوم بتسويق الخدمة والترويج لها أن يكون إرسالها الرسائل في أوقات محددة ملائمة لعموم الناس.
خامساً: توثيق المعلومة يجعلها أهلاً للثقة، ومما ينبغي أن يتعود عليه الناس ترك الأخذ عن كل من هبَّ ودب، وقد قيل: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وبعض الجوّالات لا تعرف من يشرفون عليها، ثم تجيء الرسائل منها بغير توثيق؛ قد لا تدري من القائل، وإذا علمت فقد تجهل أين قاله، وترك التوثيق الدقيق قد يفتح باباً للتقول على المشايخ والعلماء، وترك ما يجعل التثبت ممكناً من جملة تربية الناس على التثبت في النقول والأخبار وهذا مطلوب. فهذه ملاحظات خمس لعل التفطن إليها من قبل المشرفين على بث الرسائل الهادفة من الأهمية بمكان.
وفي السياق ذاته يقول الشيخ عوض مرضاح إمام وخطيب جامع بن حسن بمكة المكرمة إن أي تقنية حديثة دون شك قابلة للنجاح أو الفشل ورسائل الجوّال الدعوية تحتاج إلى اختيارات عميقة لها حتى تصل إلى مستقبل لها بشكل مناسب، ويكون لها تأثير عليه وتتحقق الاستفادة منها، ويحتاج هذا إلى جهود مكثفة وعمل دؤوب من الشركات والمؤسسات المنفذة لرسائل الجوّال، وعملية المحتوى الجيد أمر مهم لأجل تفاعل المستقبلين إلى الرسائل، ونسأل الله التوفيق للقائمين على هذه الرسائل.