حائل: "المسمى" حديقة عالمية للصيد والسياحة واستثمار الإنسان
على مدى عقود كانت القرى والهجر السعودية فقيرة تنمويا، وطاردة سكانيا، إذ توقف الزمن بالنسبة لها منذ مدد طويلة. ربما تكون مخدومة في الأسفلت، وأحيانا يكون بها مدرسة ومستوصف، لكن مستقبلا أغلبها يكاد يكون غامضا في ظل نزوح سكانها مع التطور التعليمي وتوسع الأسر إلى المدن، حيث الجامعات والخدمات المناسبة. في حائل هناك الآن عمل يمكن أن ينسف هذه الصورة. الخطة التي بدأت تأخذ منحا جديا هو تحويل الصحراء إلى مصدر رزق وتطور وتنمية، من خلال حديقة عالمية بمفهموم غير تقليدي.
يمكن من خلال هذه الحديقة تأهيل سكان القرى، وخلق بيئة عمل جديدة، وفتح فرص استثمارية مميزة، فضلا عن كونها مصدرا سياحيا مذهلا وغنيا.
الحديقة الحلم في موقع "المسمى" غرب منطقة حائل 200 كيلو متر شمالي السعودية، مساحتها تقارب 2700 كيلو متر مربع، والذي يتميز بتنوع تضاريسه وجغرافيته، حيث يتضمن مناطق صحراوية تتخللها الكثبان الرملية "جزء من النفود الكبير" والمناطق الجبلية ذات المرتفعات الصخرية الشاهقة "جزء من جبال المسمى"، إضافة إلى الهضاب وبعض مناطق تجمع مياه الأمطار.
منتزه بري
وتتمثل فكرة مشروع إقامة منتزه بري لتطوير منتج سياحي بيئي مميز لجذب وتلبية احتياجات نخبة معينة من الزوار من داخل السعودية ودول الخليج والأجانب من المهتمين بالسياحة الأسرية من خلال توفير المرافق الترفيهية والتثقيفية اللازمة للأسر وأطفالها على أن تتلاءم مع طبيعة المنتزه البري وخصائصه من خلال الاستعانة بخبرات متخصصين في هذا المجال للمساهمة في وضع خطة التنمية السياحية لمنتزه حائل البري ممن تتوافر لديهم الخبرة الكافية في تصميم وتأسيس وإدارة وتشغيل المنتزهات البرية في البيئة الصحراوية.
صيد وسلالات
إضافة إلى العودة للماضي لزمن القدماء من تنوع للحياة الفطرية في تلك المساحة من خلال إقامة محمية والعناية بأدق التفاصيل حتى طريقة تقديم القهوة وارتداء الزي السعودي التراثي والتقليدي مع فتح المجال للصيد في جزء من تلك المحمية التي يتوقع أن تتكاثر الظبا في تلك الرقعة خلال سنتين إلى ثلاثة سنوات من بداية المشروع لتصل إلى 2000 ظبي وغزال على أن يكون الصيد عبر نظام يضمن السلامة وسيستفيد أبناء القرى المجاورة للموقع من خلال توفير وظائف لهم في موقع المشروع.
قرى سياحية
إضافة إلى أن القرى المجاورة للموقع ستتطور إلى قرى سياحية مع الضمان لأبناء تلك القرى بشراء جميع المحاصيل التي يزرعونها وفقا لمواصفات محددة وسيكون جزء من الحديقة إفريقيا صحراويا تتواجد فيه الفيلة والأسود وبعض الحيوانات الصحراوية ومخيمات للعزاب وموتيلات مصغرة تتماشى مع الجبال والبيئة المحيطة بها، إضافة إلى خطة تقضي بوجود مطار صغير في ذلك الموقع لسهولة الوصول لها من قبل الزوار.
فرص للسكان
تتجاوز الفكرة مجرد إنشاء حديقة، ذلك المفهوم الضيق، إلى فكرة اقتصادية ستعود بالخير على أبناء منطقة حائل ككل وأبناء المنطقة ذاتها من خلال أولويتهم في التوظيف في موقع المشروع.
ويأتي المشروع الذي تجري التحضيرات حالياً إنشاءه كمركز سياحي فريد من نوعه في الشرق الأوسط وآسيا، بدعم من الهيئة العليا لتطوير حائل والهيئة العليا للسياحة ووزارة الزراعة لتقديم سياحة بيئية متنوعة تقدم للمواطن والسائح الأجنبي.
ويستهدف المشروع إنعاش الاقتصاد المحلي السعودي وإيجاد فرص عمل للمواطنين وحماية الحياة الفطرية، وذلك بإيجاد فرصة لهواة الصيد وتخفيف العبء عن المحميات.
حيوانات برية
وسيتم توزيع المنتزه البري لمنطقتين للحيوانات البرية المحلية، والحيوانات البرية المستوردة وستوطن بعض الحيوانات مثل الفهد والنمر العربي، كما أنه سيتم تخصيص مناطق داخل المشروع لتنمية النباتات الصحراوية الملائمة لطبيعة المنطقة، مثل: الرمث والعرفج والطرفا والأرطى، وكذلك الأشجار مثل الطلح والسدر.
ومن أهم الحيوانات التي سيتم تربيتها الحيوانات المحلية كالريم، والغزلان، والمها، والوعول، والنعام، والوبر، وبعض الحيوانات الإفريقية، إضافة إلى طيور الحجل البري والحبارى.
تصوير ومشي
وسيقدم المشروع خدمات ترفيهية كالتنزه والتصوير والتخييم ورحلات المشي الجماعية ورحلات التسلق وقيادة المركبات ذات الدفع الرباعي إضافة إلى الطيران بالبالون والصيد ورياضة الرماية.
وسيشتمل المنتزه على مركز للأبحاث البيئية ومركز للاجتماعات والمؤتمرات ومخيمات ومجمعات سكنية.
قطاع خاص
وتقدر تكلفة المشروع الأولية بأكثر من 100 مليون ريال، سيقوم القطاع الخاص بالمشاركة فيها مع جهات أخرى كالهيئة العليا لتطوير حائل والهيئة العليا للسياحة، وتبلغ مدة التنفيذ من توقيع عقود المشروع 24 شهرا.
وتجري الاستعدادات، حاليا، لوضع اللمسات النهائية لإقرار تنفيذ المشروع
وكان الأمير سعود بن عبد المحسن أمير حائل رئيس الهيئة العليا لتطوير المنطقة، قد اجتمع في وقت سابق بأهالي القرى المجاورة للمشروع، وبين لهم أهمية المشروع وقدرته على النهوض بالمنطقة وتنميتها وشكر الأهالي بدورهم جهود أمير المنطقة الرامية لإنعاش قراهم وبث الحياة فيها.
اقتصاديات القرى
ويعد المشروع من المشاريع الحيوية التي ستدعم حائل سياحيا لوجود مستثمرين من خارج السعودية يريدون البدء في المشروع وسيكون المشروع نقلة نوعية ليس لحائل فقط، بل لجميع المناطق السعودية في أسلوب التنمية في البلاد خاصة أن حائل ستكون الأولى التي سيكون فيها شبه خصخصة لعدد من المشاريع، وستكون التجربة الأولى بحيث يركز عليها، ومن الممكن أن يطبق هذا النموذج على بقية المناطق السعودية.
وسيوفر المشروع المئات من الفرص الوظيفية لأبناء القرى القريبة من موقع المشروع ما سيدعم اقتصاديات تلك القرى التي ظلت لفترات طويلة تعاني الأمرين بسبب بعدها عن المناطق الحضرية التنموية.
مناطيد سياحية
وسيقدم المشروع في حال قيامه واكتمال خدماته عددا من الخدمات الترفيهية التي ستضع السعودية على خارطة السياحة عالميا من خلال فتح الباب للسائحين بالتنزه والتصوير والتخييم، إضافة إلى رحلات المشي الجماعية والمرور باستراحات مجهزة مسبقا للتعرف على طبيعة المنطقة ورحلات التسلق من خلال الذهاب لجبال مخصصة وممارسة هواية تسلق الجبال برفقة مختصين، إضافة إلى رحلات خاصة على الخيل والجمال المدربة لتقديم ممارسة التنزه بالخيل، وفقا لمدد وجداول محددة وقيادة مركبات الدفع الرباعي في مواقع متعددة الوعورة مع إجراء مسابقات محلية ودولية، إضافة إلى تقديم خدمة لرحلات صباحية ومسائية للطيران بالبالون لمدة 120 دقيقة.
طرق للصيد
وتم تخصيص طريقتين لصيد الحبارى والأرانب وبقية الحيوانات تتلخص بالطريقة التقليدية لغرض ممارسة الهواية والاستمتاع بلحم الصيد، أما طريقة صيد سفاري فتهدف لصيد أفضل وأكبر نوع من ذكور الحيوانات التي تم إنماؤها لغرض التحنيط، مع ملاحظة أن عمليات الصيد تتم تحت إدارة وتحكم كامل من قبل إدارة المنتزه الذي سيزود راغبي الصيد بدليل ووسائل نقل، إضافة لذلك سيتوافر في المنتزه رياضة الرماية بأنواعها سواء كانت رماية الطيور الحية والأطباق بأنواعها والأهداف الثابتة.
وستتاح للسائحين فرصة زيارة المتحف ومركز الأبحاث الذي سيقام في المنتزه بهدف مواكبة الأبحاث والنتائج المستوفاة من تجربة المنتزه الفريدة من نوعها بعد توثيقها.
96 مليون ريال
وتصل التكلفة الإجمالية للمشروع 96.4 مليون ريال مجزأة لجزءين الأول مدعوم وتشمل بنوده على 23.8 مليون ريال لبند تسوير الشبك، أما الطرق فتبلغ تكلفتها في المشروع 16.2 مليون ريال في حين تصل تكلفة الكهرباء ثمانية ملايين ريال، أما الجزء الثاني فممول ويشتمل على مباني الخدمات بتكلفة 5.8 مليون ريال، في حين تصل تكلفة المعدات 3.4 مليون ريال كما ستصل قيمة الحيوانات البرية 2.7 مليون ريال وستستحوذ قيمة المباني السكنية والترفيهية على 26.7 مليون ريال في حين سيرصد مبلغ 8.4 مليون ريال.
ووفقا لدراسات جدوى المشروع يتوقع أن تصل إيرادات السنة الأولى للمشروع عشرة ملايين ريال ترتفع لمليونين في السنة الثانية لتصل الإيرادات 12 مليونا في حين ستبلغ إيرادات السنة الثالثة 13.8 مليون ريال، وترتفع في السنة الرابعة لتصل 14.9 مليون ريال وفي السنة الخامسة ستصل الإيرادات 16 مليون ريال. وحددت دراسة جدوى المشروع أن نسبة استرداد رأس المال الممول تراوح بين 10 إلى 12 سنة.