«بوينج» على خط النار في أي حرب تجارية أمريكية ـ صينية

«بوينج» على خط النار في أي حرب تجارية أمريكية ـ صينية

في الاجتماع الثاني والأخير للمجلس الاستشاري التجاري لدونالد ترمب في الربيع، سأل الرئيس الأمريكي أكثر من عشرة من التنفيذيين في الولايات المتحدة، عما إذا كان يتعين على وزارة الخزانة أن تعلن رسميا أن الصين "تتلاعب في العملة"، وأن تفرض رسوما جمركية عقابية على الواردات الصينية.
قال أحد الأشخاص الذين حضروا الاجتماع في 11 نيسان (أبريل)، "لم يكن أي منهم يعتقد أنها كانت فكرة جيدة". وفي غضون 24 ساعة، كان ترمب قد تراجع علنا عن التهديد بشن حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
أكثر جهة أمريكية تنفست الصعداء بعد التراجع عن وصف الصين بأنها دولة تتلاعب بالعملة، كانت شركة بوينج التي كانت ممثَّلة في مجلس الرئيس برئيس مجلس إدارتها السابق ورئيسها التنفيذي، جيمس ماكنيرني.
في الأسبوع الماضي أصدرت الشركة الأمريكية الصانعة للطائرات آخر توقعاتها للسوق بالنسبة إلى الصين. تكشف التوقعات عن ضخامة المشكلة التي تجنبت "بوينج" الوقوع فيها في نيسان (أبريل) – وتكشف بالضبط أيضا مدى الخواء الذي يرجح أن تظهر به تهديدات ترمب بشن حرب تجارية على الصين إذا ما وضع في الحسبان المصالح الاقتصادية الأمريكية الأوسع.
تشغل شركات الطيران الصينية أربعة من أكبر تسعة أساطيل للطائرات ذات الممر الواحد في العالم. وتتوقع شركة بوينج أن تنفق شركات الطيران الصينية على مدى الـ 20 عاما المقبلة 1.1 تريليون دولار على أكثر من 7200 طائرة جديدة تمثل خمس الطلب العالمي.
بالنسبة لـ "بوينج"، سوق الصين تلوح في الأفق على نطاق أكبر حتى من ذلك. منذ عام 2013 واحدة من كل أربع طلبيات يتم تسليمها من طائرات بوينج ترجع إلى أحد الناقلين الصينيين، وهي حصة أكبر من أي بلد أو منطقة أخرى.
راندي تينسيث، نائب رئيس "بوينج" الذي يشرف على استراتيجيات المبيعات العالمية، قال في مؤتمر صحافي في بكين الأسبوع الماضي "عندما تفكر في النمو فإنك تفكر في الصين". وأضاف "لم نشهد من قبل أي شيء مثل معدل التوسع "الذي نراه" في صناعة الطيران الصينية. النمو هنا على مدى هذه الفترة الطويلة من الزمن لم يسبق له مثيل".
كثير من الإحصاءات التي تستند إليها توقعات "بوينج" الصاعدة في الصين لافتة للنظر إلى حد كبير.
ورغم كل القلق المبرر بشأن ارتفاع مستويات الديون في البلاد ومعدلات النمو الاقتصادي السنوية البطيئة أكثر من أي وقت مضى، ليس من السهل أن ننسى مدى كبر المكافأة التي ستنالها مجموعة من الصناعات إذا كان بإمكان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم أن يقود البلاد بمهارة خلال بعض التحديات المالية والاقتصادية التي لا مفر من الاعتراف بأنها تثبط العزيمة.
الجائزة الحقيقية ليست في أن الاقتصاد الصيني سيتفوق على الاقتصاد الأمريكي من حيث الحجم، لكن أن يصبح في النهاية أكبر أربع مرات على افتراض أن 1.4 مليار صيني سيتمتعون في نهاية المطاف بمستويات ثروة فردية تساوي ما لدى 325 مليون شخص في الولايات المتحدة. هذا هو الهدف النهائي لـ "الحلم الصيني" الخاص بالرئيس تشي جينبينج.
في قطاع الطيران هناك فقط 250 مطارا تجاريا في الصين و750 مطارا في الولايات المتحدة. 10 في المائة فقط من جميع الشعب الصيني يحملون جوازات سفر، مقابل 40 في المائة تقريبا في الولايات المتحدة. وتتوقع "بوينج" أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك مستهلكون من الطبقة المتوسطة في الصين أكثر مما في الولايات المتحدة.
بالنسبة إلى كثير من المراقبين ازدهار أعمال "بوينج" في الصين يجعلها من المحتمل أن تكون ضحية في أي حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة. في تموز (يوليو) الماضي رفض ترمب اقتراحا من بكين تعرض فيه الحد من قدرتها في صناعة الصلب، وقال لمستشاريه "إنه يفضل فرض رسوم جمركية عقابية على صادرات الصلب الصينية".
على حد تعبير أحد التنفيذيين في قطاع الطيران، في حال اندلاع حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة "ستكون "بوينج" هي الضحية". ومع ذلك، هناك بعض الأسباب القوية للاعتقاد بأن إدارة تشي لن تستهدف "بوينج" تلقائيا للقصاص.
وكما لاحظ تينسيث "إذا كنت تريد أن تكون في هذه السوق فسيكون لديك شركاء هنا". فجميع طائرات بوينج توجد فيها قطع صينية الصنع. ويتوق التنفيذيون الصينيون في قطاع الطيران أيضا إلى التكنولوجيا والمعرفة الأمريكية.
يأتي ذلك من مشاريع مشتركة مثل منشأة بوينج الوحيدة في الخارج لإضفاء اللمسات التكميلية الأخيرة على طائراتها من طراز 737 ذات الممر الواحد، التي ستبدأ عملياتها العام المقبل في مقاطعة تشجيانج.
وسيكون من الأفضل بكثير بالنسبة إلى المصالح الاقتصادية الأكبر للصين إذا حوَّل تشي طلبات شراء السلع الزراعية الأمريكية إلى بلدان أخرى، بدلا من إيقاع الأذى في شريك تجاري بقيمة "بوينج". وسيكون ذلك متسقا أيضا مع سمعة الرئيس الصيني بوصفه رجلا يفكر من خلال نتائج أعماله.

الأكثر قراءة