من ثقة المجتمع إلى إقرار الملك.. المرأة السعودية تقود «خياراتها» بنفسها
بعد تقلدها عديدا من المناصب القيادية والإدارية، وإسهامها في كثير من مسؤوليات البلاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وبعد تمكينها أخيرا من الخدمات دون الحاجة إلى موافقة الولي، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ينتصر لحق المرأة السعودية في التنقل بسيارتها الخاصة وفقا للقواعد المتبعة قانونيا واجتماعيا. قرار لم يكن مفاجئا على مستوى الإعداد والدراسة والتمحيص، وإن كان مبشرا ومحفزا بكل تأكيد على مستوى المجتمع المتلهف لهكذا قرار حاسم وواضح تعوده من ملك الحزم.
القرار انتصار حقيقي وليس ترفا، ولا يَصْب في مصلحة المرأة فقط، بل في مصلحة الرجل والأسرة أيضا؛ إذ إن تمكين المرأة من حقها في القيادة، هو من جهة أخرى انتصار لحق الرجل في أن يجد من تشاركه الحياة بكل ما تحمله المشاركة من معنى، معنويا وماديا. وبالمحصلة هو تمكين لمجتمع بأكمله؛ لذلك لم يأتِ اعتباطا ولكن بشكل متأن ومدروس.
فمنذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم والعمل الحكومي، بحسب مطلعين، جار اهتمامه على قدم وساق من أجل تهيئة البنية التحتية المادية والاجتماعية لهذا الأمر. سواء عن طريق عرض هذا الأمر على أعضاء "الشورى" الممثلين لفئات متنوعة ومدروسة من عموم الشعب، أو عن طريق بحثه في اجتماعات متكررة بين المختصين الشرعيين من كبار هيئة العلماء، فضلا عن العمل الموازي تنظيميا وقانونيا عبر الجهات الأمنية والوزارية المعنية، من خلال تهيئة البنية التحتية الملائمة بتجهيز معاهد تعليم قيادة خاصة بالسيدات وغيرها من الظروف المحيطة الكفيلة بتسهيل تبعات هذه البشرى المنتظرة منذ عقود.
فالمرأة السعودية التي حازت منذ زمن، ثقة أسرتها المقربة تعليما وتثقيفا، بالتوازي مع ثقة القيادة تمكينا ملحوظا من أروقة "الشورى"، مرورا بالجامعات وليس انتهاء بالإدارات الحكومية. لن يزيدها هذا القرار المدروس والمبهج إلا أداة وخيارا إضافيا ضمن خياراتها المتعددة في هذه البلاد، بإمكانه أن يخفف من أعباء اقتصادية سابقة تحملتها هي وأسرتها دون داع يذكر.
ولا يمكن الحديث عن تنويع الخيارات المتاحة لدى المرأة السعودية وشقيقها الرجل، دون الحديث عن "الرؤية السعودية 2030"، وعرابها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أولت الأسرة بعمودي خيمتها الزوج والزوجة كامل الأولوية للنهوض بهذا المجتمع الفتي الطموح. فالأسرة السعودية الجديدة تبعا لهذا القرار في طريقها لتقليل أعباء العمالة الوافدة، وفي طريقها أيضا إلى إرساء مشاركة حقيقية بين طرفي الأسرة، وتفاعل أكثر جودة بين أفراد الأسرة السعودية بعد عقود من التواصل المتقطع والمحكوم.
إذ فُوضت العمالة الوافدة من قبل الوالدين بكثير من الأعمال التي كان يمكن لربة الأسرة القيام بها دون الحاجة لأطراف خارجية. ما أثر سلبا في التواصل الفعلي والإيجابي المطلوب بين أفراد الأسرة فضلا عن بعض الحوادث الإجرامية المؤسفة التي كانت هذه العمالة الوافدة طرفا فيها، مستغلة حاجة المرأة والأسرة.
يبقى أن هذا القرار المبشر يضاف لحزمة قرارات إصلاحية سابقة ومتتابعة للنهوض بالمجتمع السعودي ثقافيا واقتصاديا، أجازها العهد الإصلاحي الجديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين، باقتراح متواصل ومتابعة وإشراف حثيثين من ولي العهد مهندس "الرؤية السعودية" الأمير محمد بن سلمان، تضيف للأسرة السعودية خيارا جديدا ومطلوبا باختلاف ظروف الأسر ومعطياتها المادية والاجتماعية. كما أنه ينأى بالبلاد من جهة أخرى عن مهاترات دولية مغرضة، لطالما استغلت هذه الورقة لإثارة البعض ضد هذا الوطن المعطاء قيادة وشعبا.