شركة إعادة التمويل العقارية .. مشهد جديد على السوق العقارية
رغم أن الرهن العقاري في المملكة يمر بحالة مضطربة، لكن الحقيقة الثابتة أن السوق العقارية بحاجة إلى الرهن العقاري، كما أن الحاجة المتزايدة للسكن في المملكة تتطلب تطوير منظومة الرهن العقاري وحل مشاكله العالقة، لأن تجربة سوق الرهن العقاري في المملكة تعد تجربة جديدة كليا، خاصة أن تجربتنا السابقة كانت الرهن العقاري الممول من قبل صندوق التنمية العقارية، لكن لم تكن هذه التجربة تعمل وفقا لكثير من مفاهيم الرهن العقاري المطبقة عالميا التي أسهمت بشكل أو بآخر في دعم حلول الإسكان العالمية، ولهذا فقد بدأت مشاكل الرهن العقاري الممول من القطاع الخاص تأخذ طابعا أكثر حدة، مع تعرض البعض لمشاكل في الاستمرار في شروط الرهن القائمة أو شعور البعض الآخر بالظلم نتيجة تغيير في أسعار الفائدة، لهذا فإننا بحاجة إلى مزيد من العمق ومزيد من التجارب الناجحة. وأخيرا أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن إنشاء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري في المملكة، وذلك تماشيا مع "رؤية المملكة 2030" الهادفة إلى تعزيز أداء القطاع العقاري، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة فرص تملك السعوديين للسكن الملائم، وإعادة تمويل ما يقارب 75 مليار ريال لقطاع الإسكان في المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، ولتصل إلى 170 مليار ريال بحلول 2026.
إعادة التمويل العقاري مهمة جدا للطرفين، الممول وكذلك المقترض، فبالنسبة للممولين إعادة التمويل ستمنح هذه المؤسسات فرصة للحصول على سيولة نقدية سريعة ومن ثم إعادة استثمارها في تمويل أفراد جدد، ولهذا فقد جاء من أهداف الشركة الجديدة لإعادة التمويل المواءمة بين احتياجات السيولة النقدية ورأس المال وإدارة المخاطر لشركات الرهن العقاري، فكثير من شركات التمويل العقارية قد يواجه مخاطر انخفاض السيولة نتيجة الإقراض، وهو ما قد يؤخر عجلة التمويل العقاري للداخلين الجدد بل يؤثر في مستويات الربحية لهذه القطاعات، فشركة التمويل سوف تعمل للاستحواذ على محافظ الرهن العقاري لزيادة القدرة المالية، وتوسيع نشاط شركات التمويل العقاري، هذا من جانب شركات التمويل، لكن من جانب المقترضين فإنه من المتوقع أن تعمل الشركة الجديدة على منح المقترض حرية الخروج من شروط الرهن الأول إلى شروط جديدة في الرهن الجديد الذي تمت إعادة تمويله، ذلك أن مدد الرهن العقاري قد تصل إلى سنوات عديدة بعضها يصل إلى 24 عاما، وخلال هذه الأعوام سيتغير كثير من الظروف الاقتصادية الكلية أو حتى على مستوى الأفراد والمؤسسات، لهذا فإن الشروط التي تم قبولها من قبل المقترض في بداية العقد قد يرغب في تغييرها بعد عدد من السنوات، هنا يأتي دور إعادة التمويل من أجل منح المقترضين فرصة العودة للشروط وتغيير القواعد، ومن ذلك تغيير الفائدة من متغيرة إلى ثابتة أو من ثابتة إلى متغيرة، أو قد يتم تقليص السنوات أو زيادتها وتقليص قيمة القسط، كل هذه المرونة سيمنحها برنامج إعادة التمويل الذي من المتوقع أن تقدمه الشركة الجديدة.
لكن أهم ميزة تم الإعلان عنها وسوف تمنحها الشركة الجديدة للسوق العقارية هي ربط رأس المال الاستثماري للمستثمرين الأجانب والمحليين بالفرص المتاحة في سوق الإسكان المتنامية في المملكة. وستشمل أعمال الشركة إصدار صكوك كأوراق مالية مدعومة بعقود الرهن العقاري، إضافة إلى خدمات التمويل المباشر قصيرة وطويلة الأجل لشركات التمويل العقاري. وهذه ميزة جديدة ستضاف إلى السوق العقارية، فالرهون العقارية يمكن تداولها بين الجمهور، الميزة الثانية وهي الأهم حيث ستعمل الشركة الجديدة على تعزيز المعايير المطبقة في قطاع الرهن العقاري، وهنا قضية أساسية يجب الالتفات إليها هو أن معايير الإقراض وكذلك المعايير للرهون نفسها "أي العقارات" قد تتغير إلى الأحسن ذلك أنه ــ في حال بدأت الشركة أعمالا – تستطيع شركات التمويل العقارية التخلص من الرهون السيئة في مقابل الحصول على سيولة جديدة، لكن إذا كان لشركة إعادة التمويل شروط في الرهون التي سوف تقوم بإعادة تمويلها ومن ذلك حالة العقار وطريقة تثمينه، فإننا أمام مشهد جديد على السوق العقارية ولا شك في ذلك.