الروبوتات تغزو اقتصادات العالم .. 2.5 مليون إنسان آلي في 2019

الروبوتات تغزو اقتصادات العالم .. 2.5 مليون إنسان آلي في 2019
الروبوتات تغزو اقتصادات العالم .. 2.5 مليون إنسان آلي في 2019
الروبوتات تغزو اقتصادات العالم .. 2.5 مليون إنسان آلي في 2019

قبل سنوات محدودة كان الحديث عن الروبوت أو الإنسان الآلي، حديثا يدخل ضمن الخيال العلمي أو سلسلة أفلام حرب النجوم، ومع اقتراب العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، يبدأ الروبوت تدريجيا في الولوج إلى عالم البشر، وأنشطتهم المتعددة ليثير معه الكثير من التساؤلات حول تأثيره في النشاط الاقتصادي.
وفي الحقيقة فإنه لا يمكن إنكار أن النظام الرأسمالي يعتمد في نجاحه على عاملين أساسيين، أحدهما يرتبط بمفهوم السوق، وما يتضمنه من مؤسسات وقواعد عمل، وآليات تنظيمية، أما العامل الآخر الذي يلعب دورا محوريا في نمو النظام الرأسمالي ونهضته فيعتمد على مدى التطور التكنولوجي له.
فالسوق كمؤسسة ومن خلال آليات المنافسة وقوانين العرض والطلب، تعزز كفاءة المجتمع في توزيع الموارد، لكن النمو الاقتصادي لا يعتمد فقط على ذلك، إنما يعتمد أكثر على الابتكارات التكنولوجية مثل الكهرباء والطاقة الذرية والكمبيوتر، فتلك الاختراعات لا تعيد ترتيب الموارد لدينا، وإنما الأهم تضاعف القيمة الإجمالية للاقتصاد وتسمح له بالحياة والتوسع.
ويقول لـ "الاقتصادية"، البروفيسور توماس جليك أستاذ الاقتصاد الدولي: "في عام 1930 توقع الاقتصاد البريطاني الشهير جون كينز، ما يمكن اعتباره نبوءة مستقبلية، إذ قال إن الإمكانات الاقتصادية لأحفادنا في غضون 100 عام، ستتضمن رفع الإنتاجية بطريقة تحل المشكلة الاقتصادية التي تعد ندرة الموارد جوهرها، ومنذ ولادة الروبوتات وتزايد مساهمتها الاقتصادية، حيث يمكننا القول إننا في بداية ما يعرف باقتصاد الروبوتات، والأفق يتزايد ويتسع بأننا سنتغلب على كثير من مشاكلنا الاقتصادية، وبالطبع لن يفوز الجميع في تلك المنافسة، فهناك خاسرون، وهم ببساطة الاقتصادات التي لن تفلح في دمج اقتصادها مع عالم الروبوتات" ستخسر.
وهذا المنطق الاقتصادي في إدراك أهمية الروبوتات في التنمية الاقتصادية، يتجلى وفقا لتقرير الاتحاد العالمي للروبوتات في الصين أكثر منه في أي بلد آخر في العالم، فالاتحاد يشير في أحدث تقرير له بهذا الشأن إلى أن الصين تركب روبوتات أكثر من أي دولة أخرى في العالم وأن هذا السلوك ربما يؤثر في جميع البلدان"، ويضيف التقرير أن بكين قامت بتركيب 90 ألف آلي العام الماضي، وهو رقم قياسي في بلد واحد إذ يمثل ثلث الإجمالي العالمي من الروبوتات، وبحلول عام 2019 سيتضاعف عدد الوحدات الآلية التي ستركب في الصين.
وبحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" الصادر في أيلول (سبتمبر) الماضى، فإن الروبوتات الصناعية تتركز في عدد قليل من البلدان، إذ يصل عددها اليوم إلى أقل من مليوني وحدة مقابل 1.6 مليون وحدة في 2015، ومن المقدر أن تصل بحلول 2019 إلى أكثر من 2.5 مليون روبوت.
لكن "أونكتاد" تحسب كثافة الروبوتات الصناعية لدى الدول من ناحية عدد الروبوتات في عمليات التصنيع مقارنة بالنسبة المئوية لكل موظف في قطاع التصنيع، ولهذا السبب بقيت الصين في المرتبة 35 من بين 70 دولة تملك أعلى كثافة من الروبوتات، في حين جاءت ألمانيا في المرتبة الرابعة عالميا، والولايات المتحدة الخامسة.
ونتيجة لذلك، استأثرت ثلاثة بلدان آسيوية فقط – كوريا الجنوبية، والصين، واليابان - بنسبة 46 في المائة من الرصيد العالمي المقدر للروبوتات الصناعية في 2015، في حين أن لدى جميع البلدان النامية، بعد استبعاد الصين والدول الآسيوية الصناعية، أقل من 7 في المائة من المخزون العالمي.
وتوضح لـ "الاقتصادية"، تراسي ماجي الباحثة في هذا المجال، إنه على الرغم من التقدم الصيني في قطاع الروبوتات إلا أن الأسواق الصينية لم تتشبع بعد، ولا تزال أقل من المتوسط العالمي، مشيرة إلى أن بكين تشتري المزيد من الروبوتات بموجب خطة السنوات الخمس للروبوتات التي انطلقت العام الماضي، وتعتزم بكين التركيز على أتمتة القطاعات الرئيسة مثل صناعة السيارات والإلكترونيات.
وكان الرئيس الصيني قد أعلن في عام 2014 أن حكومته تستهدف زيادة حصة بلاده من الروبوتات ذات العلامات التجارية الصينية، والمستخدمة في السوق المحلية البالغة 11 مليار دولار، إذ لم تتجاوز حصة الروبوتات المصنوعة في الصين والمستخدمة في السوق الداخلي حدود 31 في المائة من إجمالي الروبوتات المستخدمة في الاقتصاد الصيني، وترمي بكين إلى رفع تلك النسبة إلى أكثر من 50 في المائة خلال عام 2020، عبر إنتاج 100 ألف روبوت سنويا، حيث لم يتجاوز إنتاجها في عام 2015 نحو 33 ألف روبوت.
ويعني هذا وفقا للباحثة تراسي ماجي أن المنافسة ستكون شديدة للغاية بالنسبة للشركات الأجنبية التي توفر نحو 67 في المائة من الروبوتات في الصينية، وأبرز تلك الشركات شركة "فانوك" اليابانية و"ياسكاوا" الكهربائية.
ورغم إقرار الاقتصاديين والخبراء الفنيين في مجال الروبوتات بأن الأسواق الآسيوية خاصة الصينية الأكثر نموا في العالم، حيث زادت الروبوتات المركبة في آسيا هذا العام بنحو 21 في المائة، إلا أن نسبة الزيادة في الولايات المتحدة وأوروبا بلغت 16 في المائة و8 في المائة على التوالي.
المهندس فولكنار فلمينج الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، يرى أنه وفقا لآخر الأبحاث الدولية فإن استخدام الروبوتات الصناعية سيشهد قفزة كبيرة للأمام خلال السنوات المقبلة، ويضيف لـ "الاقتصادية"، أنه من حيث الوحدات سيزيد المخزون العالمي للروبوتات الصناعية التشغيلية، بمعدل نمو سنوي يبلغ 14 في المائة في المتوسط بين عامي 2018 و2020، وبحلول عام 2020 سيكون في آسيا نحو 1.9 مليون روبوت أي ما يعادل عدد الروبوتات المستخدمة في العالم في عام 2016.
ونظرا للأهمية الكبيرة التي تعول عليها الاقتصادات المتقدمة لتأثير الروبوتات على اقتصاداتها، إلا أن السوق العالمية تشهد منافسة حادة للغاية بين من يعرفون بالخمسة الكبار في عالم الروبوتات، حيث مثلت تلك الأسواق الخمسة 74 في المائة من إجمالي المبيعات العام الماضي.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور مارك ماكجيل أستاذ العلوم التطبيقية في جامعة أكسفورد، أن الصين وكوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة وألمانيا هم الخمسة الكبار في عالم الروبوتات، وقد وسعت الصين بشكل كبير من مكانتها الرائدة باعتبارها أكبر سوق بنسبة 30 في المائة من إجمالي المعروض في العام الماضي، مع مبيعات تقدر
بـ 87 ألف روبوت صناعي أي قاربت إجمالي المبيعات في أوروبا والأمريكتين مجتمعة التي بلغت 97300 وحدة روبوت، فيما وسع الموردون في الصين حصتهم من الأسواق المحلية لتبلغ 31 في المائة خلال 2016.
ويضيف ماكجيل، أن كوريا الجنوبية تعد ثاني أكبر سوق في العالم للروبوتات، ولديها أعلى مستوى من كثافة استخدام الروبوتات في العالم، بسبب الاستثمارات الكبيرة من قبل صناعة الكهرباء والإلكترونيات، ففي العام الماضي سجلت زيادة 8 في المائة مقارنة بعام 2015، وفي المتوسط هناك 630 روبوتا لكل عشرة آلاف موظف في الصناعة التحويلة.
وعن اليابان يقول أستاذ العلوم التطبيقية في جامعة أكسفورد، إنها بلد تصنيع الروبوتات، إذ ارتفعت المبيعات بنسبة 10 في المائة لتصل إلى 38600 وحدة عام 2016، ومنذ عام 2010 زادت الطاقة الإنتاجية لموردي الروبوتات في اليابان من أجل تلبية الطلب العالمي المتصاعد على الروبوتات الصناعية، وقد ازداد الإنتاج لأكثر من الضعف منذ عام 2010 وحتى عام 2016، إذ إن 52 في المائة من المعروض العالمي من الروبوتات الآن "صنع في اليابان".
وبالنسبة للولايات المتحدة، فقد زادت المنشآت التي تستخدم الروبوتات في العملية الإنتاجية بنحو 14 في المائة لتبلغ ذروتها العام الماضي وتصل إلى 31400 روبوت، وكان المحرك لهذا النمو هو الاتجاه المستمر لأتمتة الإنتاج من أجل تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الأمريكية في الأسواق الخارجية.
وبسبب هذا التطور زادت كثافة الروبوتات في الولايات المتحدة بشكل كبير خاصة في صناعة السيارات، لكن معظم الروبوتات المستخدمة في الولايات المتحدة يتم استيرادها من اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا.
وتعد ألمانيا خامس أكبر سوق للروبوتات في العالم والأكبر أوروبيا بلا منازع، فقد بلغت مشترياتها نحو 41 في المائة من إجمالي المبيعات الأوروبية في الروبوتات، حيث بلغ عدد الروبوتات المبيعة في ألمانيا العام الماضي أكثر قليلا من 20 ألف وحدة.
ويعتقد هارمن هاريس الخبير الهندسي في مجال الكمبيوتر أن العقد المقبل سيشهد قفزة ثورية في مجال الروبوتات وربطها بالعملية الإنتاجية، ويرصد لـ "الاقتصادية"، الأهمية المتزايدة للروبوتات في مجال التصنيع خلال السنوات الماضية، حيث سيتم ربط العملية التصنيعية بتقنية الواقع الافتراضي، وسيعزز ذلك النجاح التكنولوجي عملية دمج الروبوتات في شبكة الآلات والنظم على مستوى المصنع، بسبب التحسن في حركة الروبوتات وزيادة سرعتها.
وأشار هاريس إلى أن هذا التطور يدفع ببعض شركات إنتاج الروبوتات إلى التفكير عمليا في إمكانية طرح بعض نماذجها للإيجار، وهو ما سيصب في مصلحة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي لا تستطيع تحمل التكلفة العالية للروبوتات.

الأكثر قراءة