طبيبة أسنان «سعودية» تعمل موظفة استقبال
كم سعدنا حينما صعد عدد كليات الطب من سبع كليات لسنين عديدة إلى ما يفوق الـ 30، وبعد عدة سنين اكتشفنا أنه كان هناك استعجال عاطفي في هذا الموضوع لضعف بعض هذه الكليات في بعض مخرجاتها وعدم وجود مستشفيات جامعية حاضنة لهذه المخرجات، ما اضطر كثيرا من كليات الطب إلى أن تدرب طلابها في بعض المستشفيات التابعة لوزارة الصحة (والمتعثرة أصلا في تقديم الخدمة الصحية فما بالك في أن تتحول إلى مستشفيات جامعية؟!). بالعموم ليس هذا هو محور حديثي اليوم، ولكن محور الحديث هو عن زملائنا أطباء الأسنان الذين بلغ العاطلون منهم أكثر من ألفي طبيب وطبيبة بعضهم منذ أكثر من ثلاث سنوات لا يجد وظيفة، ما اضطر بعضهم إلى البحث عن أي وظيفة يتكسب منها. ما وصلت في بعض الأحيان إلى أن طبيبة أسنان متخرجة في إحدى كليات طب الأسنان في الرياض أن تعمل موظفة استقبال في إحدى العيادات أيضا.
تقول لي إحدى طبيبات الأسنان؛ المحظوظ منا من يجد عملا كمساعدة طبيبة أسنان في عيادة خاصة التي تعمل معهم عقدا بأنها مساعدة طبيبة، ولك أن تتخيل سنين التعب الأكاديمية وبعد التخرج أن تصدم بواقع محبط قد يضطرك إلى الجلوس في المنزل أو القيام بعمل غير تخصصك، وكنتيجة طبيعية بعد سنين انتظارك أنك فقدت جزءا كبيرا من مهاراتك الطبية وتخيل أن تجد وظيفة بعد ثلاث سنوات من الابتعاد كيف ستكون مهاراتك؟
الغريب أن وزارة الخدمة المدنية طرحت في برنامج جدارة قبل عدة أشهر 141 وظيفة شاغرة لأطباء الأسنان وكان المتقدمون 1400 طبيب وطبيبة، تخيل أين سيذهب البقية؟
إذا دائما أرقام الوظائف قليلة مقارنة بالمتخرجين، وأنا على يقين بأن الكل سيتعاطف مع هذا الملف ولا بد من حلول عملية عاجلة.
ونشكر وزارة العمل على بداية الضغط على القطاع الخاص لتوظيف أطباء الأسنان السعوديين.
(ولو فكرنا بعقلانية فإن أي مستثمر في القطاع الخاص يصعب عليه توظيف متخرج براتب مضاعف إلا لو كانت هناك ضغوط ولوائح تلزمه بذلك، مع العلم أني أعرف بعض الزملاء المستثمرين بدأوا باستقطاب المتخرجين؛ وهذا حس وطني يشكرون عليه).
إذا ما الحلول؟
نعلم أن المستشفيات الحكومية في المدن الكبرى شبه متشبعة من أطباء الأسنان لكن كثيرا من المستشفيات خارج المدن الكبرى من الممكن أن تستقطب هؤلاء المتخرجين بمميزات مغرية توازي القيمة السوقية لطبيب الأسنان.
أكرر شكري لوزارة العمل لبدئها بتوطين وظائف أطباء الأسنان لكن لا بد في الوقت نفسه من حل المشكلة بشكل أسرع؛ لأن عدد أطباء الأسنان (نحو الـ 2000) غير العاملين قد يستغرق وقتا طويلا لاستقطابهم ولا سيما أن كثرة كليات طب الأسنان جعلت مخرجاتهم أكثر من حاجة السوق فلا بد من البداية بالحرص على التوعية وعمل دراسة مقننة تربط القبول بتوافر الوظيفة وإلا سوف تتفاقم هذه المشكلة ويصعب حلها. دعونا لا نكرر أخطاء بعض الدول المجاورة.
قصدي من عرض هذا الموضوع ليس اللوم على أي جهة معينة لأني أعرف أن الكل مجتهد وحريص على هذا البلد حتى الذي اقترح زيادة عدد كليات الطب كان المقصود منها استيعاب عدد أكبر. قد لا يكون تفكيرا شاملا. (وإلا لما حرص على زيادة عدد الكليات للاستيعاب المرغوب والتساهل في النوعية وتوظيف المخرجات) من هذا المنبر الإعلامي أقول: عذرا لكم زملائي أطباء الأسنان وأرجو أن تجد أسطرنا آذانا صاغية من المسؤولين وكلي ثقة بأنهم كذلك.