حكاية شعبوية!

حكاية شعبوية!

(1)
لمللهم من "المعلب الترابي" القابع على أطراف الحي الشعبي, قرر اللاعبون أن يكون فريقهم أكثر تنظيماً وتطوراً, اختاروا "ساحة" هكذا أسموها, لتكون مقراً لمشروعهم القادم, بإمكانيّات جيدة وحماس عظيم كانت البداية. لم تكن هناك خطّة طويلة ولا قصيرة المدى, المهم أن يبصر مشروعهم النور! بدأت الحكاية وكبرت, وأمست الساحة تضيق، فالكل جاء متفرجاً أو مشاركاً أو بدافع استطلاع, علا الضجيج, انزعج البعض وأصبح داخل الفريق فُرق أُخرى! تسّرب بعضهم للمقاهي المجاورة للبحث عن أجواء أقل صخباً, تذمر البعض من المؤسسين من أترابهم وتحويل مشروعهم الإنساني إلى مشروع مادي بحت! استمرت عجلة القطار بالدوران- رغم أنه لا يوجد قطار أصلاً- زادت المواهب التي تبناها المتواجدون وكانت "سلع" جميلة للتسويق و"سلال" جميلة للتشويق.

(2)
غفا الراوي قليلاً, وأردف متثائباً: وتوالت الأجيال على "الملعب" الذي أمسى مزهواً بالزرع الصناعي والأضواء الكاشفة ذات "المليون" شمعة, الهوّة تتسع بين فريق مُحبط على عدم "أنسنة" حلمه الأدبي, وفريق يستشهد "بالأرقام" على أن مشروعه ناجح, وكل من الفريقين تمخّض عن جيل يشبهه, واستمر اللعب, لكن بلا خطّة واضحة, أو لنقل بخطّةٍ تذكرنا بخطة مدرب منتخبنا الوطني ناصر الجوهر الشهيرة: شدّوا حيلكم يا شباب!

(3)
الجمهور المتواجد كان يحمل سلال البيض والطماطم الفاسد ليرميها على المهزوم أياً كان وبلا تعصّب, لكنه في كلّ مرّة يكتشف أن هناك شيئاً "غير نظيف", أو حكماً منحازاً لقُبح, وأحس بالجوع لطول المنازلة غير المجدية. يُقال إن الجمهور مات بعد أن طواه الجوع وأكل الطماطم الفاسدة والبيض دون" قلي"! ويُقال إن الجمهور مات مسموماً بهجمةٍ مرتدة. ولأن صوت الراوي بدأ يخفت, تسلل صوتٌ من ركن قصي: يا مولانا هو لم يمت سوى"سريرياً" والله قادر على كل شيء! استرجع الجمع , وتمنوا للراوي نوماً صامتاً!

الأكثر قراءة