في «الموت أمنية» .. بروس ويليس يعود لينتقم

في «الموت أمنية» .. بروس ويليس يعود لينتقم
في «الموت أمنية» .. بروس ويليس يعود لينتقم

«يا إلهي، لقد أسقطت طائرة مروحية بسيارة» يرد جون مكلين «لقد نفد مني الرصاص»، مَن مِن عشاق أفلام الأكشن- كوميدي لا يتذكر هذا المقطع من الجزء الرابع من سلسلة أفلام «Die Hard أو الموت الصعب»؟ يبدو أن بطل سلسلة الأفلام تلك، بروس ويليس، عاد إلى جمهوره بفيلم شبيه، عاد مستر ماكلين باسم د.كيرسي، ولكنه بنفس الحيوية وبعنف لا يعرف التوقف، رغم ظهور علامات كبر السن عليه، عاد بطل «SIX SENSE»، بفيلم «ميلودرامي» ينغمس بالأكشن على طريقة أفلام الانتقام، وهو فيلم «Death Wish - الموت أمنية».
 تدور أحداث قصة فيلم الأكشن والجريمة والدراما Death Wish 2018 حول بول كريسي يقوم بدوره ويليس، وهو جراح في قسم الطوارئ يرى بعينيه ما يقع في المدينة من أحداث عنيفة، وفي حادثة من هذا النوع، تموت زوجته لوسي، تلعب دورها الممثلة أليزابيت شو، وتدخل ابنتهما الوحيدة جوردان، تلعب دورها الممثلة كاميلا موروني، في غيبوبة بعد الهجوم عليهما في منزلهم بالضواحي، وما حصل بعد اقتحام عصابة لصوص منزلهم للسرقة في غياب الأب، وتعرض الزوجة والابنة لطلقات نارية بعدما حاولتا مقاومة المسلحين، ونقلتا إلى طوارئ المستشفى الذي يعمل فيه بول ليتحوّل مزاج الفيلم سريعا إلى موقع آخر.
لم يستطع زملاء بول منعه من دخول غرفة العمليات التي عمل أطباؤها على محاولة إنقاذ حياتهما، فنجت جوردان، وتوفيت لوسي، وخلال فترة علاج الابنة لكي تصحو من غيبوبتها كان بول يستطلع المعلومات المتوفرة عن الجريمة، إلى أن جاءه الدليل القاطع إلى طوارئ المستشفى من خلال شاب ملوّن نقل مصابا بطلقات قاتلة وفي معصمه ساعة بول التي سُرقت من منزله، ومع ربط المسائل ببعضها وصل إلى المهاجمين واحدا واحدا،  وبسبب تولي الشرطة لعديد من القضايا فوق طاقة عملهم، فيقرر أن يحقق الانتقام بنفسه لمن سولت لهم أنفسهم فعل ذلك بأسرته.
وهنا تحرّك أمام كاميرا المخرج الأمريكي إيلي روث (45 عاما) على الصورة التي اشتُهر ويليس بها في أفلامه الأكشن، فاشترى تشكيلة من الأسلحة وباشر تصفية قتلة زوجته تباعا، وبطريقة السحل وليس مجرد القتل، من دون أن تضبطه الشرطة، حتى شقيقه المقرب منه جدا فرانك يلعب دوره الممثل فنسنت دونوفريو، نجم مسلسل‎Daredevil ‎، عرف بذلك في نهاية المطاف فقط.
 
من دفتي كتاب
 
يعد فيلم الموت أمنية نسخة جديدة من خمسة أجزاء، ‎صدر الجزء الأول من الفيلم في عام 1974 بالاسم نفسه، والذي قام ببطولته وقتها سيد أفلام الحركة يومها النجم الأمريكي الراحل تشارلز برونسون، وأخرجه البريطاني مايكل وينر بميزانية ثلاثة ملايين دولار، و‏كان مقتبسا‎ ‎من رواية ناجحة تحمل الاسم ذاته كذلك، من تأليف الكاتب الأمريكي براين جارفيلد، الذي وضع كتابا حول رجل هادئ الطباع، عادي، لديه أسرة صغيرة مكونة منه ومن زوجته وابنته الشابة ولديه عمل كمهندس معماري ناجح. ذات يوم وبينما كان بعيدا، يقتحم البيت أربعة شبّان ويقتلون الزوجة ويغتصبون الابنة. هذا الفعل الصادم يحول بول كيرسي إلى حطام، لكنه يقوى على نفسه ويبدأ بالبحث عن المعتدين للاقتناص منهم.
وبعد تقديم الجزء الأول من الفيلم، انتقلت ملكية السلسلة إلى شركة «كانون» بدءا من الجزء الثاني سنة 1982، وتميّزت السلسلة بالقليل من أسباب الترفيه وبأقل من ذلك من أسباب المتعة الفنية. يضاف هذا إلى توقف استثمار الفكرة تماما في الجزء الخامس والأخير «رغبة موت 5: وجه الموت» الذي أخرجه بشكل رديء آلان ج. غولدستين سنة 1994.
وعاد بعدها التداول بأخبار عن صنع نسخة جديدة من‎ Death Wish ‎للمرة الأولى خلال عام 2006؛ عندما أعلن النجم الأمريكي المخضرم سيلفستر ستالون تحضيره ‏نسخة جديدة من الفيلم الكلاسيكي، حيث قال إنه قام بتغيير مهنة البطل من مهندس إلى شرطي‎. إلا أن ستالون انسحب من الفيلم بعدها لخلافات مع الشركة المنتجة، وفي عام 2012، ذكرت تقارير أن المخرج جو كارناهان سيقوم بالإخراج وكذلك ‏كتابة نسخة أخرى من الفيلم، غير أنه انسحب أيضا في العام التالي‎.
‎وهكذا ظهرت عدة محاولات لإنتاج نسخ جديدة من الفيلم، ولكنها لم تبصر النور، إذ اعتذر عن خوض هذه المغامرة ستة نجوم وهم ليام نيسون، راسل كراو، مات دامون، بينيسيو دل تورو، ويل سميث، وبراد بيت. وفي مارس 2016، وافق بروس ويليس على خوض المشروع بإدارة المخرج إيلي روث، بتكلفة بلغت 30 مليون دولار جنى في أول يومي عرض 13 مليونا.
 
 براءة وبراعة 

يبدو أن اختيار ويليس لتأدية دور البطولة في نسخة 2018 من الفيلم، كان خيارا موفقا، بما للنجم من حضور مميز وقدرة على تقمص الشخصية المطابقة لمواصفات السيناريو الذي صاغه جو كارناهان عن كتاب بريان غارفيلد، وتم تصويره في ساعة و47 دقيقة، كانت جاذبة خصوصا في الأجواء المتناقضة ما بين قمة الانسجام والفرح بين الطبيب بول كيرسي وعائلته، وقمة الحزن على ما أصاب زوجته وابنته، ليعود وينغمس بالعنف المفرط، الذي نجح المخرج بمساعدة 12 مساعد مخرج، في تجسيد تلك المشاهد الدموية، وإن كانت قوية جدا ومؤذية للمشاعر ولأصحاب القلوب الضعيفة، إلا أنها كانت مبررة لإظهار رسالة الفيلم وهي أن انتقام الحليم أقوى وأقسى من ممارسات العصابات والأشرار، وتلك الرسالة ممهورة بضعف الشرطة وعجزها عن تحقيق اختراقات في مجال بلوغ المتورطين في ارتكاب الجرائم ومحاكمتهم، وما ساعد روث في إيصال تلك الرسالة هي فريقا مؤثرات خاصة ومشهدية بإدارة الخبيرين لويس كرايغ وداروين غو، كما أن البراءة التي يتسم بها وجه ويليس خدمت الدور بشكل جيد.
 
الأبطال المنتقمون

ليست أفلام الانتقام طارئة على هوليوود، فلقد مر على شاشة الفن السابع مجموعة كبيرة من تلك النوعية من هذه الأفلام التي تدور حول بطل ضد أشقياء مجرمين. وغالبا ما تكون العائلة في صلب الدوافع. وبالرغم أن «نيفادا سميث» الذي أخرجه هنري هاذاواي سنة 1966 من بطولة ستيف ماكوين، وهو من نوع الوسترن، ليس أول فيلم بتاريخ السينما إلا أنه أبرزها الذي أظهر البطل الجانح صوب الانتقام، ليظهر لاحقا كلينت إيستوود المنتقم في فيلم «أشنقهم عاليا». وفي السبعينيات البطل الشريف الذي يستحق الإعجاب هو الذي لا ينبري للانتقام إلا من بعد انسداد الأفق على أي حل آخر، فظهر رجل واحد جو دون باكر قرر تنظيف البلدة الصغيرة التي أوى إليها مع عائلته من الفاسدين في فيلم «السير بفخر» لفل كارلسون (1973). وظهر بعده النجم روبرت دينيرو في صورة البطل الذي تنتابه نزعات نحو الفاشية رغم أنه يحمل الطيبة والسوء في الذات الواحدة، وذلك في «سائق التاكسي» لمارتن سكورسيزي (1976). وفي التسعينيات قام مايكل دوغلاس ببطولة فيلم بعنوان «السقوط» Falling Down الذي أخرجه جووَل شوماكر، حيث لا يستطيع بطل الفيلم الصبر على الفوضى الاجتماعية فيبدأ القتل لأي سبب ولأي كان. وهناك أفلام أخرى من بينها «الشجاعة» الذي أخرجه البريطاني نيل جوردان سنة 2007، تنحو هذا النحو ولم يعد البطل بحاجة حتى لهذا التبرير، يكفيه أن الشرطة عاجزة والمدينة المدنية بأسرها موبوءة، فينصب نفسه قاضيا وجلادا بنفس الوقت ويطبق القانون بيديه، فالتبرير جاهز والغاية هي منح البطل التبريرات فينقلب إلى مجرم. فهل فعلا يحتاج الجمهور هكذا نوع من الأفلام؟ فهل باتت مشاهد الدم والعنف متعة ترفيهية؟

الأكثر قراءة