هبل إعلامي
مواقع الإنترنت حالة من حالات التعاطي الإعلامي، ولو أنكر البعض عليها ذلك لأفقدها عوامل كثيرة مكملة للعمل في هذا المجال، وأهم هذه العوامل "المهنية"، لكن ذلك لا يعني إلغاءها البتة، فهي مستمرة بـ "خطيل" وإلا بـ "هطيل"! فالمسألة ليست بحاجة إلى أرتال من المراسلين الميدانيين، ولا كادر كبير ومتخصص يقدم وجبة يومية صالحة للتناول والتداول، كل ما يتطلبه الأمر شخص وإن استفحل الأمر اثنان، وجهاز كمبيوتر يديران من خلاله الموقع، والفضاء مفتوح لكل شيء، الصدق والكذب، السمين والغث، الخبطة والخبصة..! فيتم التراقص على ما هب ودب من طبل ومزمار حتى ولو كان اللحن مسروقا!
بعض هذه المواقع أقرأ لها عناوين تتجاوز حجم الموضوع نفسه! ولا فرق بين عنوان لعضو باسم مستعار في أحد المنتديات الإلكترونية وبين عناوين أخبار هذه المواقع، كلها تؤدي الغرض نفسه، المهم الـ "كليك"! عناوين على شاكلة "سعودي يذهب إلى الدكان ويجد سعودية تتسوق ويكتب قصيدة بها ويرفع أهلها قضية عليه وعلى اللي خلفوه"، "سعودي يتبرع بسيارته لجمعية خيرية بعد أن وجد زجاجها الأمامي مكسورا بسبب أبناء الجيران"، "سعودي يحفر في حوش بيتهم ويطلع له بير بترول.. ويقرر المحافظة على البير حفاظا على الثروة الوطنية"!
لو كانت لدينا جهة مسؤولة عن جودة ما يطرح – لا أقول رقابية لأنها موجودة فعلا ولا تطبق إلا معايير محددة فقط – فالجودة أهم من الحرص على عدم التجاوز، رغم أن التجاوز الأخلاقي والقانوني يحصل كثيرا من هذه المواقع، بالتحايل والتلاعب وخدمة جهات ودول على حساب جهات أخرى! معايير الجودة هنا تتم بحسبة بسيطة ولا تحتاج إلى جهود كبيرة لقياسها، إذن لماذا لا تطبق حتى على المواقع الإلكترونية، ومن يثبت عدم صلاحية موقعه الإلكتروني يغلق أو يحجب على الأقل!
تخيلوا معي لو أن المجلات والمطبوعات الورقية تدخل دون فسح إلى السعودية ما سيحدث! أو أنها تصدر دون رقابة! قياسا على ما يحدث في المواقع الإلكترونية سيكون هناك أنواع من الطرح "الأهبل" والغوغائية التي لن يستطيع أحد أن يتخيلها، وهو الأمر الذي أحمد الله أنه لن يحدث ما دام الناتج على هذه الشاكلة من التعاطي الإعلامي!