الأندية السعودية .. والسيدة العجوز
لا شك أن لدى السعوديين شغفا متناميا وعشقا لكرة القدم وانتماء لأنديتهم لا مثيل له في المنطقة كلها، فالحراك الرياضي في المملكة يلف أعناق الخليجيين وشعوب الدول العربية، والإثارة متنامية ولا تنقطع، ومع كل ذلك إلا أن الأندية ورغم تطبيق الاحتراف منذ أكثر من ربع قرن ما زالت تدار بطريقة الهواة، وما زالت تعتمد في إيراداتها على الدولة وعلى التبرعات الشرفية المتقطعة وبعض من عقود الرعاية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو الأمر الذي جعل مديونياتها تتجاوز المليار ريال في فترة سابقة، ولولا تدخل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في سداد الديون لأعلنت جل الأندية إفلاسها.
خلال الأسبوع الجاري شاهدنا استقبالين غفيرين في مطار الملك خالد الدولي، الأول للنجم الخليجي الكبير عمر عبد الرحمن المنتقل من العين للهلال، والآخر للنيجيري الدولي أحمد موسى المنتقل للنصر، وكان الحضور الجماهيري العفوي في المطار كبيرا جدا، وشد القنوات الفضائية والإعلام العربي، ليأتي السؤال المهم، لماذا لم تستغل إدارتا الناديين هذا الحب والفرح العارم باستقطاب اللاعبين والاستفادة من ذلك استثماريا وتجاريا بما يزيد من مواردهما؟ ما الذي منع الناديين من استغلال تلك الكثافة الجماهيرية التي تكدست لساعات في المطار، وتقديم "عموري"، وأحمد موسى في مقر الناديين بتذاكر مدفوعة، واستغلال شغف الجماهير بهما وبيع قمصان الناديين اللذين يحملان رقميهما بما يزيد من موارد الناديين.
ولعلنا نضرب مثلا في هذا الشأن بما فعله نادي يوفنتوس الإيطالي، حيث ذكرت صحيفة "توتو سبورت" أن جماهير النادي قد أقبلت على شراء قميص الوافد الجديد كريستيانو رونالدو، بشكل غير مسبوق حيث تم بيع 55 ألف قميص للاعب في ثلاثة أسابيع فقط، أي أنه يتم بيع قميصين للنجم البرتغالي في الدقيقة الواحدة، علما أن سعر القميص الواحد يبلغ 140 يورو، وتوقعت الصحيفة أن يراوح إجمالي مبيعات النادي من بيع قميص رونالدو بنهاية الموسم نحو 65 مليون يورو، وهو ما يعادل أكثر من 55 في المائة من قيمة انتقال اللاعب البالغة 117 مليون يورو.
تستطيع الأندية السعودية مع هذا التعلق الجماهيري بكرة القدم الحذو حذو يوفنتوس وزيادة مداخيلها من خلال الأسماء اللامعة من اللاعبين الذين تستقطبهم في كل عام، فاستقطاب اللاعبين لا يكفي وعليها أن تستغل اسم اللاعب ومكانته وألا تكتفي بدفع المبالغ له، بل تسويقه وزيادة مواردها المالية بما يحقق لها الاكتفاء.