مهرجانات بين التقليد ومطلب للتجديد
تأخذ التغطية الإعلامية للمهرجانات والأنشطة الصيفية التي تقام في المحافظات والمراكز التجارية النمط التقليدي وأصبحت صورها مكررة ومملة للمتابع حيث ترى تنافس الصحف على رعاية مثل هذه المهرجانات والمادة الإعلامية نفس المادة ما بين صور للأطفال وكبار السن والابتسامات التي توزع يمنة ويسرة وألعاب السيرك والسيارات وأكل الزجاج وغيرها من النمط التقليدي ومن ضمن تلك المهرجانات مهرجانات التمور التي تقام في بعض المدن في مناطق المملكة والتي أخذ بعضها هذا النمط وأخذت صور متكررة تبرز من أهمها أكبر سطل، وأغلى سطل، وزيارة وفود من خارج المنطقة، ومن خارج المملكة مما يعني التركيز على التمور وآلية بيعها للمستهلك فقط وهذا أغفل دورا إيجابيا مأمولا من هذه المهرجانات بخلق روح المنافسة والإبداع للتميز، والتعريف بالأهمية الاقتصادية والغذائية لتلك المنتجات ودورها في تحقيق عوائد إيجابية في حال تعظيم الفائدة منها وعلى وجه الخصوص التمور كمنتج رئيس له ارتباط وثيق بأبناء الجزيرة العربية من قدم التاريخ ويعد رفيق طريقه في الرخاء والشدة وله جوانب عديدة لمساهمته في الغذاء والدواء والكساء، وباستعراض بعض المؤشرات حول زراعة النخيل في المملكة وأهم مخرجاتها التمور لعام 2006م نجد أن من أهمها: المساحة المزروعة بالنخيل أكثر من 152 ألف هكتار تمثل نحو (14.2 في المائة) من إجمالي المساحة المحصولية، ويقدر عدد أشجار النخيل لنفس العام بنحو 23 مليون نخلة فيما بلغت الكمية المنتجة من التمور أكثر من 977 ألف طن قيمتها أكثر من 5.8 مليار ريال تمثل أكثر من (14 في المائة ) من الناتج المحلي الزراعي. كما يبلغ معدل استهلاك الفرد في المملكة سنوياً نحو 36 كجم من هذا المنتج .. نسبة الصادرات لإجمالي الإنتاج تقدر بنحو (4.2 في المائة ) فقط . وجود 61 مصنعاً تقوم على تصنيع كمية من التمور تقدر بأكثر من 97 ألف طن فقط لاتمثل سوى (9.9 في المائة) فقط من إجمالي الإنتاج وتتوزع بين مناطق المملكة وتأتي في الصدارة من حيث عدد المصانع منطقة الرياض بعدد 26 مصنعا تمثل نحو 43 في المائة تصنع كمية من التمور تقدر بأكثر من 20 ألف طن من التمور تمثل أكثر من 21 في المائة من إجمالي الكمية المصنعة وتأتي بعد المنطقة الشرقية التي تصنع أكثر من 46 في المائة من الإجمالي في المملكة ، وبقراءة تلك المؤشرات يلاحظ التباين الواضح سواء الأرقام الخاصة بالتصنيع أو التسويق، ومن المؤسف أن نحو95 في المائة من الكمية المصنعة في تلك المصانع تتوزع بنسبة 88 في المائة تعبئة تمور، و7 في المائة لإنتاج عجينة التمور وتتوزع النسبة الضئيلة المتبقية (5 في المائة) بين مربيات ومرملاد، دبس، خل، أعلاف، وغياب للكحول الطبي. فإذا كانت هذه الأرقام تخص تصنيع التمور كأهم مخرجات النخيل فأين التصنيع؟ وموضوع تصنيع التمور رغم تشعبه وتعدد الجهات التي لها علاقة به إلا أن أهميته تتطلب دعم هذه الصناعة وتشجيع المستثمرين للدخول فيه، وكل ذلك يدعونا إلى الاهتمام بنوعية المهرجانات الخاصة بتسويق التمور وإدخال التصنيع كأحد أهم حلقات التسويق ومن هذا المنطلق تظهر أهمية خلق قنوات تواصل بين المستثمرين العاملين حالياً في قطاع تصنيع المواد الغذائية بما فيها تصنيع التمور لتسهيل الاستفادة من مدخلات ومخرجات تلك المصانع مجتمعة لإيجاد مصانع تمور حقيقية وليس للتعبئة والكبس فقط، ولابد من التقييم لمخرجات مهرجانات التمور والتكيف مع المتغيرات الاقتصادية في مجال إقامة مثل هذا النوع من المهرجانات للبعد عن التقليد وتحقيق التجديد.
والله ولي التوفيق،