لا تقربوا لفيروز!
نصيحة والنصيحة بجمل كما يقال، أقدمها على "تبسي" من ذهب، لكل فقراء الخيال، ومساكين الشعر، ومعووزي الذائقة، لكل من يعتقد أن حفظ الشعر التافه الذي يقدم هذه الأيام وترديده هو السبيل الوحيد للوصول لشاعرية جيدة على الأقل، أقول لهم حتى وإن قيل لكم إن أغنيات فيروز تنمي الخيال وتثري الشاعرية، لا تصدقوا ذلك، ولا تركضوا بقوافيكم خلف صباحات فيروز ومقاهيها وبيادرها وصباياها القرويات الفاتنات، أوقفوا هذا الركض المنهك، وامشوا الهوينا على طريق شوارد الشعر العربي القديم، فهو أكثر شعر يناسبكم، فبناؤه هو ذات البناء الذي ترفضون مغادرته وتنعتون من يغادره بالخروج من دائرة الشعر، وطريقة طرح الفكرة هي ذاتها التي تمارسونها حتى هذا الوقت المتأخر من ليل الشعر العربي التقليدي، شوارد المتنبي وأبو نواس والمنخل اليشكري وأبو العلاء المعري ومن جاء قبلهم ومن جاء بعدهم، وحتى شعراء عصر الانحطاط الذين انغمسوا في فن البديع وتركوا الشعر، ستجدون في شواردهم ما ينمي شاعريتكم ويجعلها تغادر فقرها المدقع الذي يحرك الشفقة في أقسى القلوب وأكثر تصلّداً، خذوا بنصيحتي ولا تضيعوا وقتكم في قراءة المترجم من الآداب الأجنبية، ولا تصدقوا من يقول إن كبار الشعراء في الثمانينيات كانوا يسرقون منها، فلو ثبتت هذه السرقات في بيت أو بيتين فمن غير الطبيعي أن يعيش شاعر لعشرين عاماً وهو يعيد في صياغة قصائد كتبت في مجتمعات لا تشبهنا ولا نشبهها حتى في تسيير العواطف ووصفها.