زكاة الأسهم.. فرق بين المضارب والمستثمر والمدخر

زكاة الأسهم.. فرق بين المضارب والمستثمر والمدخر

مع إطلالة شهر رمضان المبارك يتسارع الناس إلى إخراج زكاة أموالهم وذلك حرصا منهم على إدراك فضيلة هذا الشهر، وفي الواقع فإن السواد الأعظم من المجتمع يملك أسهما سواء في الأسواق المحلية أو الدولية، وتكثر أسئلتهم حول كيفية إخراج زكاة تلك الأسهم وما الفرق بين المضارب والمستثمر وهل على الأسهم المحرمة زكاة؟ أسئلة عديدة طرحناها على الدكتور يوسف بن عبد الله الشبيلي أستاذ الفقه المساعد في المعهد العالي للقضاء في الرياض.
بداية سألنا الدكتور يوسف عن كيفية زكاة الأسهم وكيف يجب أن تعامل هذه الأموال فقال: أدت الطبيعة المزدوجة للأسهم من جهة أنها قابلة لأن تعد للمتاجرة وأن تعد للاستثمار إلى اختلافٍ في آراء العلماء المعاصرين، فيما يجب أن تعامل به هذه الأموال في الزكاة وأضاف معظم العلماء المعاصرين على أنه ينبغي التفرقة بين المستثمر طويل الأجل، والمضارب، فالمستثمر طويل الأجل يزكي بحسب ما يملكه بذلك السهم، بينما المضارب يزكي أسهمه كما لو كانت عروض التجارة ويرى الشبيلي أن هذا التقسيم هو الذي يتماشى مع أصول الشريعة وقواعدها في باب الزكاة.

الفرق بين المضارب والمستثمر
إذا ما الفرق الدقيق بين المستثمر والمضارب يقول الشبيلي: يمكن أن نصل إلى الضابط الآتي للتمييز بين المستثمر والمضارب :فالمستثمر هو من لا ينوي بيع السهم خلال سنة. والمضارب من ينوي بيع السهم خلال سنة ويعيد الشبيلي ربط التفريق بينهما بالسنة إلى أن الزكاة حولية، فتراعى نيته خلال الحول.

زكاة المستثمر
القول الذي اختاره مجمع الفقه الإسلامي هو أن المستثمر يزكي أسهمه بحسبما يقابلها من موجودات زكوية في الشركة، فينظر إلى ما يقابل أسهمه من النقود والديون وعروض التجارة وغيرها من الموجودات الزكوية في الشركة ثم يخرج زكاة ما يخص أسهمه منها. ويعلق الشبيلي على ذلك فيقول: بناء على هذا القول لا يخلو من ساهم في شركة بقصد الاستثمار من حالين الأولى: أن تخرج الشركة الزكاة عن جميع موجوداتها، فلا يلزم المستثمر أن يخرج شيئاً؛ لأن ما تخرجه الشركة يعد زكاة له، وتعد الشركة نائبة عنه في ذلك، والثانية: ألا تخرج الشركة الزكاة عن جميع موجوداتها أو عن بعضها، فيلزمه في هذه الحال أن يخرج الزكاة عما لم تخرج عنه الشركة الزكاة من الموجودات.
وتابع: وهذا القول يتفق مع قول من يكيف السهم على أنه حصة شائعة من موجودات الشركة. وأرى ـ والكلام للشبيلي ـ أنه الأرجح دليلاً، والأقوى تخريجاً.

زكاة المضارب
أما المضارب فأيضا يقسمه الدكتور الشبيلي إلى حالتين الأولى: إذا لم تخرج الشركة الزكاة في هذه الحال يرى الشبيلي أنه يكون لها حكم عروض تجارة. وعلى هذا فتقوّم بسعرها في السوق يوم وجوب الزكاة ويخرج ربع عشر تلك القيمة أي 2.5 في المائة من قيمتها وتابع هذا ما نص عليه قرار مجمع الفقه. أما في حالة إخراج الشركة للزكاة فيقول الشبيلي: على المضارب أن ينظر إلى عدد الأيام التي تملك فيها الأسهم التي وجبت عليه زكاتها ويحسم من زكاته ما يعادل نسبة تملكه لها إلى أيام السنة ولتوضيح ذلك يضرب الدكتور يوسف مثالا فيقول: لو أن مضارباً وجبت زكاته في الأول من رمضان وعنده أسهم تملكها لستة أشهر وأخرجت الشركة أربعة ريالات زكاةً عن كل سهم فيعتبر أن ما أخرجته الشركة مما يخص أسهمه ريالان عن كل سهم.

زكاة المساهم المدخر
يرى الشبيلي أن المساهم المدخر هو: المدخر من يشتري الأسهم لا بنية المتاجرة والتقليب، وإنما بنية ادخارها لفترة طويلة؛ ليستفيد من ارتفاع قيمتها ومن العوائد الموزعة، ثم يبيعها عند الحاجة إلى النقد، ويقول الشبيلي إن هذا النوع من المساهمين يحمل صفتي الاستثمار والاتجار فهل هذا يعد مستثمراً؟ أم مضارباً؟ أم أنه نوع ثالث يختلف عنهما؟
يجيب الشبيلي على هذا التساؤل أن المساهم إذا لم يكن مضارباً في السوق وملك أسهماً لا بنية المتاجرة وإنما غرضه أن يبيعها بعد أن ترتفع قيمتها ثم ينتفع بالمال ولا يقلبه مرة أخرى في السوق فلا تعد الأسهم في حقه عروض تجارة ولو بقيت عنده لسنوات، وعلى هذا فيزكيها زكاة المستثمر.

قلب النية
توجهنا للدكتور يوسف بهذا السؤال ماذا لو قلب المضارب نيته إلى مستثمر والعكس أثناء الحول؟ فأجاب: إذا قلب المضارب نيته إلى الاستثمار، بسبب كساد السوق أو لانشغاله أو لغير ذلك من الأسباب، فيزكيها زكاة استثمار من حين قلب نيته ويؤكد الدكتور يوسف على نقطة مهمة وهي أن هذا الحكم يُعمل به ما لم يكن قصد بذلك الفرار من الزكاة، فإنه يعامل بنقيض قصده.. أما إذا قلب النية من الاستثمار إلى المضاربة فيرى الشبيلي رأيا فيه نوع تفصيل وهو أن يفرق بين ما إذا نوى المستثمر بيع أسهمه أو نوى أن يجعلها رأسمال له في التجارة، فإذا نوى مجرد بيع أسهمه الاستثمارية؛ لحاجته إلى ثمنها، أو لرغبته في الخروج من السوق، فلا تصير عروض تجارة بذلك، وأما إذا نوى أن يبيعها ليقلب الثمن في السوق، فإنها تنقلب عروض تجارة بهذه النية، فيستأنف حولاً لها من حين نوى بها المضاربة.

زكاة الأسهم المختلطة
يقصد بالأسهم المختلطة: أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحاً، ولكن قد تتعامل ببعض المعاملات المالية المحرمة، كالإقراض أو الاقتراض بالربا. ويرى الشبيلي أنه بصرف النظر عن الخلاف في حكم تملك هذه الأسهم، فإن من الواجب على من ملكها – على القول بجواز ذلك - أن يتخلص من الإيرادات المحرمة الناتجة من التعاملات المحرمة للشركة، وذلك بصرفها في أوجه البر بنية التخلص منها لا بنية الصدقة. ويضيف يجب على المساهم أن يزكي أسهمه ويشدد على أنه لا يجوز له أن يحتسب مبلغ التخلص من الزكاة؛ ويعلل لذلك أن هذا المبلغ مال خبيث لا يجوز أن يدخل في ملكه ولا أن يدفع به عن نفسه واجباً عليه من زكاة أو غيرها.

زكاة الأسهم المحرمة
يقول الشبيلي: الأسهم المحرمة هي أسهم الشركات التي يكون نشاطها محرماً. وهذه الأسهم لا يجوز تملكها ابتداءً ولا استدامة ملكها ويرى الشبيلي أن مثل هذه الأسهم ليست حراماً محضاً، فبعض موجوداتها مباحة، وأصل السهم – وهو القيمة الاسمية - مباح، ويمثل لذلك بأنه لو كانت الأسهم لبنك ربوي مثلاً، فإن مباني البنك، وأصل القروض مباحة، والمحرم إنما هو الفوائد المأخوذة على تلك القروض، فضلاً عن أن بعض عقوده مباحة، كالإيجارات والحوالات ونحوها، ويضيق على هذا فلو أن شخصاً ملك أسهماً محرمة لسنوات ولم يؤد زكاتها ثم تاب، فيلزمه التخلص منها فوراً ببيعها، ثم يتحرى في نسبة الموجودات المباحة والمحرمة في الشركة، فيستحق من ثمن بيعها ما يعادل نسبة الموجودات المباحة، ويخرج منه زكاة السنوات السابقة عن تلك الموجودات، وأما باقي الثمن – وهو ما يعادل الموجودات المحرمة - فيتخلص منه بصرفه في أوجه البر بنية التخلص لا بنية الصدقة، وختم حديثه أنه إن جهل نسبة الحلال من الحرام فيتخلص من النصف ويخرج الزكاة عن النصف الآخر.

الأكثر قراءة