المخاوف حول قطاع البنوك تلقي بظلالها على أسواق المال

المخاوف حول قطاع البنوك تلقي بظلالها على أسواق المال

اندفعت الأسهم بقوة يوم الخميس وسط آمال باقتراب التوصل إلى صيغة ناجحة لصفقة تهدف إلى إنقاذ القطاع البنكي الأمريكي.
جاءت المكاسب لسوق الأسهم الأمريكية على الرغم من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي تشير إلى وجود تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي الأمريكي والنتائج المالية الرديئة والمنذرة بالخطر من جنرال إلكتريك.
على أية حال فإن مشاعر التفاؤل لم تفعل شيئاً يذكر لتخفيف التوتر في أسواق المال في الوقت الذي ارتفعت فيه المؤشرات الرئيسة للمخاطر إلى مستويات قياسية.
حذر محللون من أن علل النظام البنكي يمكن أن تمتد لتنتشر في بقية قطاعات الاقتصاد، ما يؤدي إلى إفلاس الشركات والدخول في كساد اقتصادي عميق.
قال تيم بوند، رئيس قسم تخصيص الموجودات العالمية لدى بنك باركليز كابيتال Barclays Capital: "ارتفعت أسعار الفوائد ارتفاعاً حاداً على القروض بين البنوك بجميع آجالها. هذه الظروف تشبه إلى حد ما تدافع العملاء لسحب أرصدتهم من جميع البنوك في النظام".
وحذر قائلاً: "إن العد التنازلي نحو نتائج اقتصادية في غاية السوء يسير الآن بسرعة عالية تماماً. وإذا لم توقف الأزمة الحالية ويوضع لها حد، فإنها ستتحول إلى دوامة تغذي نفسها بنفسها من حالات الإفلاس، وتقلص رؤوس الأموال في البنوك، والكساد العميق خلال مدة لا تتجاوز بضعة أسابيع".
في أسواق المال ارتفعت أسعار الفائدة الرئيسة ليبور (بين البنوك في لندن) على القروض لأجل ثلاثة أشهر لليوم الثالث على التوالي، في الوقت الذي تدهورت فيه السيولة على الآجال التي تزيد على أسبوع على نحو أكثر من ذي قبل.
قفز سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر بمقدار 29 نقطة أساس ليصل إلى 3.7687 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير)، في حين أن الفائدة على قروض اليورو ارتفعت بمقدار أربع نقاط أساس لتصل إلى 5.1112 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2000. وارتفعت الفائدة ليبور على قروض الاسترليني بمقدار سبع نقاط أساس لتصل إلى 6.276 في المائة.
الأمر الذي له دلالة أكثر من ذلك هو أن الفروق بين أسعار فائدة ليبور لأجل ثلاثة أشهر وأسعار الفائدة المتوقعة لليلة واحدة، التي ينظر إليها على أنها قياس صاف لمخاطر الائتمان، قفزت بصورة حادة. وارتفعت فروق الفائدة على قروض الدولار بمقدار 34 نقطة أساس لتصل إلى 200 نقطة أساس.
ارتفع الفرق على مقياس تي إي دي TED، الذي يقارن بين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر وسعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر إلى رقم قياسي هو 333 نقطة أساس في مرحلة معينة، وهو معدل يفوق أعلى مستوى سجله في السابق عند 300 نقطة أساس أثناء أزمة بنك ليمان براذرز في الأسبوع الماضي.
من جانب آخر، هبطت الكمية الإجمالية للأوراق التجارية الأمريكية واجبة الدفع للأسبوع الثاني على التوالي، حيث هبطت بمقدار 61.0 مليار دولار لتصل إلى 1702 مليار دولار، وهو أكبر هبوط خلال أسبوع منذ آب (أغسطس) 2007، بعد أن كان مقدار الهبوط في الأسبوع الماضي هو 52.1 مليار دولار.
هذا الهبوط هو علامة على الانسحاب من قبل صناديق أسواق المال المعتلة، التي كانت تقتني 700 مليار دولار من الأوراق التجارية بنهاية الربع الثاني.
قال توني كريسنزي، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق السندات لدى ميلر تاباك: "حالات الهبوط المذكور هي من بعض الجوانب تحمل وزناً نسبياً أكثر من الحالات التي حدثت قبل سنة. . هذه المرة فهي تؤثر في الشركات العادية التي تحتاج إلى رأس المال العامل. . وإن استمرار هذا الاتجاه العام سيكون مشكلة بالنسبة للاقتصاد".
تجاهلت الأسهم الآلام المستمرة في أسواق المال واندفعت بسبب ما يبدو أنه اقتراب إنجاز صفقة أمريكية لشراء الموجودات السامة.
بحلول منتصف اليوم ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 2 في المائة. وارتفع مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 2.2 في المائة ليصل إلى 1125.43 نقطة. وهبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 0.9 ليصل إلى 12006.5 قبل أن ترتفع الآمال بقرب إقرار صفقة الإنقاذ الأمريكية في الكونجرس.
تجاهلت أسواق الأسهم البيانات الضعيفة في الوقت الذي قفزت فيه مطالبات التعويض عن البطالة عن الأسبوع المنتهي في الـ 20 من أيلول (سبتمبر) إلى أعلى مستوى لها منذ أيلول (سبتمبر) 2001، في حين أن مبيعات المساكن الجديدة في آب (أغسطس) هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ 17 عاماً.
كثير من المحللين الاستراتيجيين للأسهم حذروا المستثمرين من الاندفاع بفعل الآمال حول صفقة الإنقاذ الأمريكية، وقالوا إن التخفيف قصير الأجل الذي ستحققه الخطة يمكن أن يتراجع بسرعة في الوقت الذي تبدأ فيه مشاعر القلق القوية حول تباطؤ الاقتصاد العالمي بإلقاء ظلالها على الأسواق.
قال إيان هارتليت، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى أبسوليوت استراتيجي ريسيرتش: "مصدر قلقنا هو أن أية صفقة في الولايات المتحدة ستظل غير قادرة على حل الضغوط الكامنة. وأسواق المال تقول لك إن هناك قضية حقيقية عالقة حول استقرار النظام".
"في أي وقت نشهد فيه عملية إنقاذ على هذا المستوى، فإنه يغلب عليها أن تتزامن مع ضعف كبير في الاقتصاد. ومن رأينا أن هذا يعني ليس فقط هبوطاً لهذا العام وإنما في عام 2009 كذلك".
وأضاف: "أسواق ليبور تخبرنا كذلك أنه ما لم تتحسن ظروف السيولة، فإن أسواق الأسهم مقبلة على أيام عصيبة".
اندفعت أسعار عقود التأمين على الائتمان، وهي واحد من أفضل الدلائل على المزاج العام في أسواق السندات، في أعقاب الأسهم، في الوقت الذي هبطت فيه تكلفة التأمين ضد إعسار الشركات على جميع المؤشرات.
تضيق مؤشر سي دي إكس في الولايات المتحدة للسندات الممتازة بمقدار عشر نقاط أساس ليصل إلى 158 نقطة أساس، في حين أن مؤشر السندات الأوروبية الممتازة آي تراكس تقلص بمقدار 7 نقاط أساس ليصل إلى 108 نقاط أساس. كذلك عوض المستثمرون عروضهم للملاذ الآمن في الوقت الذي تراجعت فيه أسعار السندات. ارتفعت العوائد على سندات الخزانة القياسية لأجل سنتين بمقدار 4 نقاط أساس بحلول منتصف اليوم لتصل إلى 2.12 في المائة، في حين أن العائد على السندات لأجل عشر سنوات ارتفع بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.87 في المائة.

الأكثر قراءة