البنوك المركزية تحقن أسواق المال ضد الشلل .. ما النتائج؟
سلطت الأضواء أمس على الدور المتزايد بقوة للبنوك المركزية في مقاومة الشلل في أسواق المال، عندما كشف البنك المركزي الأوروبي عن وجود أكثر من 100 مليار يورو في حساباته لليلة واحدة – لغاية الآن أكبر كمية تم تسجيلها.
أظهرت الأموال التي بلغ مقدارها 102.8 مليار يورو (144.4 مليار دولار), التي أودعت ليلة الثلاثاء في تسهيل الودائع للبنك المركزي الأوروبي، عدم رغبة البنوك للإقراض إلى بعضها الآخر. وكان هذا المبلغ أكثر من ضعف المبلغ الذي تم إيداعه ليلة الإثنين.
في الوقت ذاته، بدت البنوك المركزية تجد أنه من الصعب على نحو متزايد تقدير الطلب على الأموال في وقت التقلبات المتزايدة. الأمر الذي يؤكد التقلبات في أسواق البيع الشامل، هو أن معدل الفائدة على الدولارات المقترضة لليلة واحدة انخفض أمس الأول، لكن معدلات الفائدة على الاقتراض لفترة ثلاثة أشهر ارتفعت إلى 4.15 في المائة في الولايات المتحدة، وإلى 5.28 في المائة في منطقة اليورو، وإلى 6.31 في المائة في المملكة المتحدة.
مع تأرجح مصير خطة إنقاذ السلطات الأمريكية البالغة 700 مليار دولار، وتكديس البنوك الأموال، زاد البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع من الحقن الطارئ للسيولة في الأسواق المالية، بما في ذلك بالدولار.
لكن جيليز مويك، الاقتصادي في بنك أوف أميركا قال: "إن ما شهدناه في الأيام والأسابيع القليلة الماضية هو أن البنوك طلبت كثيرا من السيولة، وبناءً عليه، اضطرت إلى العودة إلى تسهيل الودائع للتخلص من تلك السيولة".
بالنسبة لاقتصاد أصغر، فإن مبلغاً كبيراً مماثلاً من الأموال – نحو سبعة مليارات جنيه استرليني - تم تجميعها من قبل البنوك في المملكة المتحدة في تسهيل الودائع المماثل لبنك إنجلترا ليلة الثلاثاء، وتجني فائدة بنسبة 4 في المائة، أي أدنى بنسبة مئوية واحدة من سياسة معدل الفائدة للبنك.
وفي إشارة أخرى حول صعوبات التوصل إلى حجم الأموال التي ينبغي ضخها في الأنظمة المصرفية، عرض البنك المركزي في المملكة المتحدة مزادي دولار صباح الإثنين، أحدهما لليلة واحدة، والآخر لأسبوع، غير أنه وجد أن الطلب ضعيف على الاثنين. وتم أخذ أقل من نصف الأموال في مزاد الـ 30 مليار دولار الأسبوعي.
ما زال أمام البنوك المركزية عدد من الأسلحة لاستخدامها إذا استمرت التوترات. وفي اجتماع في قصر الإليزيه يوم الثلاثاء، قال رؤساء عدد من البنوك الفرنسية البارزة، لنيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، إنهم أرادوا أن يكون البنك المركزي الأوروبي أكثر مرونة في الطريقة التي يوفر بها السيولة. وأرادوا منه أن يقدم قروضاً لأكثر من ستة أشهر، وتوسيع نطاق الأصول التي سيأخذها كضمانات مقابل القروض.
في ألمانيا، جادل بيتر بوفينجر، وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة وورزبورج، بالقول إنه يجب على البنك المركزي الأوروبي تقديم الأموال بمعدل فائدة ثابت، وليس برسوم تمويل متباينة وفقاً للطلب. وقال: "إن تزويد البنوك بالسيولة بمعدل فائدة مرتفع هو آخر شيء تحتاج إليه تلك البنوك".
حتى الآن، قام البنك المركزي الأوروبي بالفصل على نحو صارم بين التدابير التي تهدف إلى مساعدة الأسواق المالية، وموقفه إزاء السياسة النقدية الذي يهدف إلى محاربة التضخم. ولكن في خطاب ألقاه في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، حذرَّ جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، من أن جهود البنوك لتنظيف محافظها المالية، وتعزيز قواعد رأس المال الخاصة بها، إضافة إلى تجنبها المتزايد للمخاطر، "من شأنه أن تكون له آثار مهمة على الاقتصاد الفعلي، وينبغي أن يكون صانعو السياسة مدركين لها".
من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة الرئيسية لديه عند 4.25 في المائة، وذلك في اجتماعه المنعقد في فرانكفورت اليوم, غير أن المحللين يتوقعون أن يكون تريشيه أكثر تشاؤماً من السابق فيما يتعلق بتوقعات النمو، وعلى الأرجح أن يمهد الطريق لإجراء تخفيض على معدلات الفائدة أواخر هذا العام، أو في عام 2009.