البنوك تواجه ثورة تشريعية بعد النعيم 30 عاما

البنوك تواجه ثورة تشريعية بعد النعيم 30 عاما

يتطور قطاع التمويل البريطاني في العادة من خلال النشوء والتطور، بدلاً من الثورة، ولكن حين تصل الثورة إلى الحي المالي لمدينة لندن، فإنها تأتي وبغرابة كبيرة، من جانب الحكومة. وكان الأمر خلال السنوات الـ 30 الماضية يتعلق في غالب الأحوال بتخفيف التشريعات من خلال الإصلاحات عالية الضجيج التي شجعت على إعادة هيكلة صناعات الأوراق المالية في الثمانينيات. أما اليوم، فإن إعادة التشريع تم تكريسها رسمياً كفكرة، لكن لا تدع الترحيب المبدئي من قبل البنوك بخطة التأميم الجزئي يخدعك، إذ إن البنوك تريد هذه الإجراءات، كما أنها بحاجة إليها، وهذا أمر حقيقي. غير أنه ستكون للاقتراحات كذلك آثار دراماتيكية في الطريقة التي تعمل بها أكبر بنوك المملكة المتحدة. ولن يكون كل الذين رحبوا بالخطة، موجودين على الساحة حين تتضح آثارها.
وطبيعي أن الأزمة المالية التي ضربت المملكة المتحدة، بصورة مباشرة العام الماضي باصطفاف زبائن "نورثرن روك" أمام أبوابه لسحب أرصدتهم، أدت إلى تغيير توجهات البنوك. وتتضح مدى قوة ذلك من الطريقة التي يناقش بها من كانوا من أشد معارضي التدخل الحكومي، بطريقة حضارية تماماً، اقتراحات كانت سترفض في سكوير مايل على شاكلة الضراوة التي تحرك بها مؤيدو اليسار في فترات قريبة قرب صيف عام 2007.
على الإجراءات الحكومية ضمان حدوث تغير راديكالي في السلوك. وقالت وزارة المالية إنها ستأخذ في الحسبان "سياسات توزيع الأرباح، والممارسات المتعلقة بمكافآت التنفيذيين في البنوك، إضافة إلى التزامها بدعم إقراض النشاطات العملية. فكيف يتم ذلك؟ ليس من خلال صيغ إجازة التصرف.
وكان هنالك بالأمس حديث غامض حول "ميثاق للسلوك" يفترض أن تشرف عليه سلطة الخدمات المالية، التي تتولى بالفعل تحقيقاً حول هياكل المكافآت. ويبدو هذا الأمر شبيهاً بزخرفة الواجهات. غير أن الواقع هو أنه كما تظهر المحاولات الأمريكية الحثيثة لتشريع مكافآت التنفيذيين في التسعينيات، فإن وضع قواعد جديدة في هذا المجال يمكن أن يكون أمراً خطيراً، كما أن من المحتمل أن يعطي نتائج معاكسة للأهداف المقصودة منه. وعلى ذلك، فإن النهج القائم على المبادئ الذي تعشقه سلطة الخدمات المالية بشدة، يجب أن يكون أكثر فاعلية. وإذا لم تؤد مناقشة جادة بين المشرع ورئيس البنك إلى هيكل مكافأة أكثر ملاءمة، فإن أهداف نسب رأس المالي يمكن أن يعاد تعديلها. وبكلمات أخرى، فإنه ينبغي أن يصبح من غير الاقتصادي للبنوك أن تكافئ المهملين المقدمين على المخاطر.
وإذا فشل هذا النهج، فإنه لا يمكن للبنوك بعد أن تشكك في أن حكومة مستقبلية يقودها أي من الحزبين ستكون مستعدة للتلويح بعصا أغلظ. وإذا كنت تريد أن تكون جزءاً من إعادة الرسملة التي تبلغ 50 مليار دولار، فإن بإمكانك أن تتوقع أن تضطر إلى المساهمة في تدبير مبلغ سداد مثل هذا المبلغ.
وسوف يدعو البعض إلى معارك جز الرؤوس، حيث إن الثوريين يريدون العقاب على الدوام. غير أن شدة سيطرة الدول على إدارة البنوك، بما في ذلك طرد رؤسائها التنفيذيين، وإدخال البيروقراطيين إلى مجالس الإدارات، ليس بالأمر الضروري، ولا المرغوب فيه. وسيكون هنالك تغيير في القمة على كل حال. وعمل سحب الأموال السهلة، وتقلص أسواق الجملة، بالفعل على تغيير النموذج. وتحت مراقبة أشد، فإن الأمر الملح، حتى بالنسبة للبنوك التي لا تطلب الأموال الحكومية، هو أن تستغني عن الموظفين بحنكة أكبر، وأن تقدم صورة أكثر تواضعاً أمام العالم. ولا يبدو أن ذلك مشابه لبعض تنفيذيي البنوك الذين أعرفهم.
ولا تزال هنالك مخاطر كثيرة في خطط الحكومة. وإن من شأن ترهيب القطاع المالي بصورة مطلقة، وتحويل أعضائه إلى مجرد مؤسسات أكثر خضوعاً للتشريع، أن الحكومة يمكن أن تقضي على واحد من المحركات المستقبلية للنمو الاقتصادي الوطني، بضربة واحدة. ونجد من الجانب الآخر أنه إذا لم تتصرف الحكومة بصورة كافية، فإنها يمكن أن تسمح لعقلية الإقدام على المخاطر التي سادت حتى منتصف عام 2007، بأن تظل كامنة حتى الفقاعة التالية. إن ندم المؤسسات كما يقول لنا التاريخ يدوم فقط حتى تسلم الجيل المقبل مهام الأمور، حيث يكون أصغر سناً من أن يشعر بألم آخر هزة وظيفية. ويعطي ذلك الأمر الحكومة وكذلك المشرعين عشر سنوات أو أقل، لجعل النظام أشد مناعة في مواجهة ثورة أخرى.

"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة