أعضاء «أوبك» الخليجيون قادرون على رفع الإنتاج إذا توافر الطلب
قالت مصادر في "أوبك" وفي قطاع النفط، لـ"رويترز"، إن بمقدور منتجي الخام الخليجيين في "أوبك" زيادة الإنتاج لتعويض أي نقص في إمدادات الخام بعد القرار الأمريكي بإنهاء إعفاءات لمشتري النفط الإيراني، لكنهم سيراقبون الوضع في البداية لمعرفة ما إذا كان هناك طلب حقيقي.
وكانت الإعفاءات تشمل ثماني دول منها الصين والهند لمدة ستة أشهر وتوقع كثيرون تمديدها.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن الرئيس دونالد ترمب واثق من أن السعودية والإمارات ستفيان بالتزاماتهما بتعويض النقص في سوق النفط.
وأكدت المصادر أن منتجي النفط الخليجيين ملتزمون باستقرار السوق، وأن لديهم القدرة على زيادة الإنتاج، لكن أي قرار بتعزيز الإمدادات يجب أن يدرس في ضوء الطلب. وقال أحد المصادر "السؤال هو بأي سرعة وبأي قدر سترفع "أوبك" الإنتاج. يتطلب ذلك أولا مشاورات مع الدول الأخرى".
وأضاف الأمر بحاجة إلى النقاش والدراسة. هناك اتفاق لـ"أوبك" يتعين احترامه وقطعا لن نزيد الإنتاج على الفور.
وأفاد مصدر آخر في "أوبك" بأن أي قرار بزيادة الإنتاج يجب أن يتوقف على الطلب.
وقال يجب أن يكون هناك أثر فعلي على السوق وطلب حقيقي من العملاء، مبينا أن أي زيادة فعلية، في البراميل التي ينتجها الخليج من أجل تعويض انخفاض الإمدادات من إيران، لن تجري على الأرجح قبل شهر حزيران (يونيو).
وذكر مصدران أنه ليس من المتوقع أن تزيد السعودية صادراتها النفطية في أيار (مايو) المقبل بمعدل كبير مقارنة بشهر نيسان (أبريل) الجاري.
وقالت المصادر، إن إنتاج السعودية في أيار (مايو) سيكون أعلى من إنتاجها في الشهر الحالي لكنه سيظل ضمن المستهدف وفقا لاتفاق "أوبك+" لخفض الإمدادات والبالغ 10.3 مليون برميل يوميا".
وأضافت المصادر أن زيادة الإنتاج السعودي من النفط في أيار (مايو) لا علاقة لها بالعقوبات على إيران.
وقال مصدر مطلع، إن السعودية تعتزم تعويض أي نقص محتمل في إمدادات الخام من إيران لكنها ستعكف على تقييم الأثر على السوق قبل زيادة الإنتاج.
وفي سياق متصل، يشير محللون وبيانات التجارة إلى أن المشترين الآسيويين للنفط الخام الإيراني في وضع يؤهلهم للتغلب على قرار الولايات المتحدة إنهاء العمل بالإعفاءات من العقوبات الأمريكية، إذ برهن هؤلاء على أن بوسعهم الاستمرار دونه في الوقت الذي يمتلك فيه المنتجون في أنحاء العالم القدرة على تعويض الأسواق عنه.
وبحسب “رويترز”، جاء هذا الإعلان في فترة تشهد فيها السوق تقييدا للمعروض، إذ عمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” ومنتجون كبار آخرون من بينهم روسيا إلى الحد من المعروض منذ شهر كانون الثاني (يناير) الماضي لدعم الأسعار.
وسيؤدي ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة تكلفة الوقود على الدول الآسيوية. وأكبر أربعة مشترين للخام الإيراني هم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. ورغم ارتفاع التكلفة فمن المستبعد أن يحدث نقص في المعروض.
وقال بنك جولدمان ساكس الاستثماري، إن من المنتظر أن يؤدي انتهاء العمل بالإعفاءات إلى انخفاض الصادرات الإيرانية بواقع 900 ألف برميل يوميا.
وتعمل على تعويض ذلك وزيادة طاقة الإنتاج الفائضة “المتاحة على الفور” لدى منتجين من بينهم السعودية والإمارات وروسيا التي تبلغ نحو مليوني برميل يوميا وقد ترتفع إلى 2.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل.
وقال مات ستانلي السمسار لدى شركة ستارفيولز في دبي “الولايات المتحدة برهنت تماما على قدرتها على ملء أي فراغ ينجم عن العقوبات”.
وذكر ستانلي إنه حتى إذا انخفض الإنتاج الأمريكي فإن “السعودية والإمارات ستضمنان زيادة الإنتاج لتعويض أي خسارة في الإمدادات من إيران”.
وقد رفع المشترون الآسيويون الرئيسيون الأربعة للنفط الإيراني وارداتهم في آذار (مارس) الماضي ونيسان (أبريل) الجاري تحسبا لانتهاء العمل بالإعفاءات. وقبل ذلك برهنت الدول كلها على أنها قادرة على خفض مشترياتها.
وقبل فرض العقوبات، كانت إيران رابع أكبر الدول المنتجة للنفط في “أوبك” وكان إنتاجها نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا. غير أن صادراتها في نيسان (أبريل) الجاري انكمشت إلى نحو مليون برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف لتتبع السفن وبيانات المحللين.
وأكبر دولتين بين مشتري النفط الإيراني هما الصين والهند. وأوضحت بيانات متابعة حركة السفن في رفينيتيف أن واردات النفط الخام في الصين من إيران بلغت 500 ألف برميل يوميا في المتوسط منذ بداية 2019 انخفاضا من الذروة التي بلغتها العام الماضي عند 800 ألف برميل يوميا أي أنها أصبحت تمثل خمسة في المائة فقط من إجمالي واردات النفط الخام.
وأمس، قال داي جياتشوان رئيس معهد الأبحاث بشركة النفط الوطنية الصينية إن موردين آخرين قد يسدون العجز خاصة من الخام الأمريكي.
وأشار إلى أن التقديرات تبين أن الإنتاج الأمريكي من النفط الخام سيزيد هذا العام بما بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميا وأن هذا وحده سيتجاوز النمو المتوقع في الطلب العالمي على النفط الذي يراوح بين 1.2 مليون و1.3 مليون برميل.
وقال داي إن استغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى “أوبك” معناه “أنه لن يحدث نقص في الإمدادات في السوق”.
والولايات المتحدة في الوقت الحالي هي أكبر دول العالم إنتاجا للنفط إذ تضخ أكثر من 12 مليون برميل يوميا وتتجاوز صادراتها ثلاثة ملايين برميل يوميا.
كما عمدت الهند إلى تقليل مشترياتها من النفط الإيراني التي بلغت نحو 300 ألف برميل يوميا هذا العام تمثل نحو 6 في المائة من إجمالي الواردات وذلك انخفاضا من الذروة التي بلغتها في منتصف العام الماضي عند 750 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف.
وقال دارمندرا برادان وزير النفط الهندي أمس، إن بلاده يمكنها أن تلجأ للشراء من منتجين آخرين للتعويض عن غياب النفط الإيراني.
وأضاف “مصافي التكرير الهندية مستعدة تمام الاستعداد لتلبية الطلب المحلي على البنزين ووقود الديزل وغيرهما من المنتجات النفطية”.
وأظهرت بيانات رفينيتيف أن اليابان، وهي من الحلفاء المقربين للولايات المتحدة، أوقفت واردات النفط الخام الإيرانية كلها بين تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 و كانون الثاني (يناير) 2019.
وقد انخفضت الواردات منذ ذلك الحين لما دون 200 ألف برميل يوميا في المتوسط أي ما يعادل 5 في المائة من الطلب.
وقال هيروشيجي سيكو وزير التجارة والصناعة أمس، إن تشديد العقوبات الأمريكية لن يكون له سوى أثر محدود على اليابان.
كما خفضت كوريا الجنوبية وارداتها من النفط الإيراني بين آب (أغسطس) وكانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.
وفي العام الجاري، بلغ متوسط الواردات الكورية نحو 300 ألف برميل يوميا أغلبها من المكثفات، وهي نوع خفيف للغاية من النفط يستخدمه كثير من مصافي التكرير في كوريا الجنوبية لصنع البتروكيماويات.