وزير الطاقة: الاستقرار في أسواق النفط ليس خيارا سهلا .. والمخزونات يجب خفضها
أكد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أمس، أن تحقيق الاستقرار في أسواق النفط ليس خيارا سهل المنال، إذ يستوجب السعي لتحقيق التوازن بين الأولويات المتضاربة، وإيجاد حلول تتطلب الكثير منا، واختيارنا القيام بهذا -ونجاحنا في تحقيقه إلى حد كبير- أمر ينبغي أن نكون جميعا فخورون به للغاية، يستوي في هذا أعضاء "أوبك" وشركاؤنا من خارج المنظمة.
وأضاف الفالح، خلال اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة الـ14 في جدة، أن هدفنا المشترك المتمثل في استقرار الأسواق، وهو ما يحقق الفائدة للجميع بمن فيهم المستهلكون بشكل واضح، أكسب إعلان التعاون قدرا كبيرا من المصداقية والتجاوب والفاعلية.
ونبه الوزير الفالح على أن النجاح المشترك لا يمكن أن يغطي قصور الأداء الفردي، ولا ينبغي أن يؤخذ الامتثال على علاته أبدا، ويجب أن يتم توزيعه بالتساوي.
وقال الفالح: "يحدوني الأمل في أن تكون المشاركة القوية لنخبة من الدول، والنتائج الواضحة لتلك المشاركة، قد أظهرت ما ستكون عليه الإمكانات الكاملة لمجموعة "أوبك+" إذا قام الجميع بأداء أدوارهم بشكل كامل، فالترابط، والمظاهر العملية لهذا الترابط، يعد مفتاحا رئيسا للنجاح، سواء تعلق الأمر بالامتثال أو العمل بشكل موحد على نطاق أوسع".
وحول الصورة المستقبلية لسوق النفط، ألمح الفالح إلى أن الصورة ضبابية جدا، حيث تحدد معالم السوق عبر إشارات متضاربة، فبعض الإشارات تظهر تقلصا في الإمدادات، بينما تبرز إشارات أخرى الوتيرة الصحية لإنتاج النفط الأمريكي، والتزايد المستمر للمخزون الأمريكي.
وأضاف أن مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تبقى عند متوسطها خلال السنوات الخمس الماضية- وهو مرتفع نسبيا مقارنة بالمستويات التي شهدتها تلك المخزونات في السنوات العادية، نظرا لتراكم المخزونات الفائضة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا المقياس الرئيس ينبغي متابعته من نواح عديدة، ولا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه.
وتابع: "هناك عدد من شركائنا من الدول في مناطق مختلفة من الأمريكتين إلى منطقة الشرق الأوسط تواجه تحديات كبيرة. ويحدونا أمل كبير في أن يتم التغلب على تلك الصعوبات قريبا، وأن تتمكن هذه الدول من المشاركة بكامل طاقتها في جهودنا الجماعية".
وعلى جانب الطلب، أوضح وزير الطاقة أنه توجد عديد من دواعي عدم اليقين، حيث تقوم بعض المؤسسات بإجراء مراجعات بتخفيض تقديرات الطلب على النفط، غير أن تقارير أخرى تشير إلى أن الطلب في الدول من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (بقيادة الصين وروسيا والهند) ازداد بنحو مليون برميل يوميا كمعدل نمو سنوي.
ونوه الفالح إلى أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي يبقى عند معدلات صحية إلى حد معقول، مع الأداء الثابت الذي يتصدره الاقتصاد الأمريكي والأداء القوي إلى حد ما للاقتصاد الصيني في بداية العام، ولكن النزاع التجاري المتصاعد بين القوتين الاقتصاديتين الرائدتين نفسيهما يلقي بظلاله على النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي، وقد يكون لهذا أيضا تأثير معد على الدول الأخرى، وهو ما يمكن أن يتجلى في ضعف الطلب النفطي.
وأشار الفالح إلى أن السعودية، التي دائما ما كانت تتمتع بالاستقرار المستمر، وقعت ضحية لعمليات تخريب خطيرة في حادثتين متتاليتين خلال الأسبوع الماضي، إلا أن تلك الأعمال الإرهابية لم تؤثر في إمداداتنا، وندعو القوى العالمية، لإدانة أعمال العنف التي تهدد بقطع إمدادات الطاقة العالمية وتعرض الاقتصاد العالمي، الذي يواجه رياحا معاكسة بالفعل، لمخاطر إضافية.
وأكد وزير الطاقة، أن أوضاع السوق والمشاعر السائدة فيه لها تأثير كبير على الاستثمارات العالمية، مضيفا أنه على الرغم من وجود بعض التحسن في هذه الاستثمارات إلا أنها لم تصل بعد إلى مستويات مرضية، وهي عادة ما تعد مؤشرا جيدا للمزاج السائد في السوق، معتبرا أن التراجع في المنحنى المستقبلي لا يمثل تشجيعا للمستثمرين، كما تعد مستويات حفارات النفط الأمريكية مؤشرا جيدا آخر، وهي لا تظهر قوة كبيرة، بل إنها تشهد ثباتا أو حتى تراجعا في واقع الأمر.
وأوضح الفالح "باستطاعتكم أن تروا تضارب البيانات وما يثيره ذلك من دواعي عدم اليقين.. وبكل وضوح، يجب علينا أن ندقق في هذه المعلومات ونتفهمها بهدف التوصل إلى قرارات حكيمة للحد من هذه التقلبات، والمساعدة في الحفاظ على توازن الأسواق وتعزيز الاستقرار، وسيصب هذا الأمر في مصلحة الجميع، بمن فيهم المستهلكون والمنتجون".
وتابع وزير الطاقة "عندما نضع كل هذه الأمور إلى جوار بعضها بعضا، فمن المهم ألا نتخذ أي قرارات متسرعة- نظرا للبيانات المتضاربة، وتعقيد الأوضاع، والموقف المتغير باستمرار. وهذا هو السبب في قيامنا بتأجيل اجتماع "أوبك +" الذي كان من المقرر انعقاده في كانون الأول (ديسمبر) في فيينا، وعقد هذا الاجتماع بدلا منه، لكي نتمكن من الحصول على معلومات إضافية".
وأشار الفالح إلى أن استغراق بعض الوقت الإضافي واتخاذ قرار في اجتماع "أوبك" المقرر انعقاده خلال شهر حزيران (يونيو) سيتيح لنا الحصول على مزيد من المعلومات من أجل التوصل إلى أفضل قرارات ممكنة.
وعقب كلمته، صرح الفالح إلى وسائل الإعلام، بأن إنتاج السعودية في تموز (يوليو) سيكون في نطاق السقف الذي حددته لنفسها في إطار "أوبك"، وأنه من المقرر أن يبلغ إنتاج النفط في شهري يونيو ومايو 9.8 مليون برميل يوميا، مشددا على أن السعودية ستستجيب لاحتياجات سوق النفط.
وبحسب "رويترز"، أشار وزير الطاقة إلى أن كثيرا من الخام الإيراني لا يعرف مصيره، ما يزيد من حالة عدم اليقين في السوق، وأن العقوبات على طهران تأتي في وقت تنعم فيه السوق بمعروض جيد.
وقال الفالح، إن الطلب على النفط في آسيا انتعش، لافتا إلى أن الخيار الرئيس الذي بحثته "أوبك" وحلفاؤها هو مواصلة خفض الإنتاج في النصف الثاني من 2019 مع الإشارة إلى أن الأمور قد تتغير في حزيران (يونيو).
وأوصى الفالح بخفض مخزونات النفط، معتبرا أن الإمدادات العالمية وفيرة، مؤكدا أن "الموقف بشكل عام دقيق في سوق النفط".
وخلال اجتماعات الأمس في جدة، أكدت السعودية والإمارات أنهما لا تريان ضرورة لزيادة إنتاج النفط في الوقت الحالي، ودعوتا إلى التزام مستوى خفض الإنتاج المتفق عليه، رغم تراجع الصادرات الإيرانية والفنزويلية بفعل العقوبات الأمريكية المشددة والاضطرابات السياسية.
ومن جانبه، قال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي "لا أعتقد أن خفض الاقتطاعات خطوة صحيحة"، مضيفا "لاحظنا أن المخزونات تزداد، ولا أرى أنه من المنطقي تعديل الاتفاق".
ورغم تراجع الصادرات النفطية في إيران وفنزويلا، واتفاق خفض الإنتاج بـ1.2 مليون برميل في اليوم منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، يواصل المخزون العالمي الارتفاع، ما يؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط.
وصرح ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي: "نحن مستعدون، خصوصا، لدرس تخفيف بعض المعايير وإعادة الإنتاج إلى ما كان عليه في شكل جزئي إذا استدعى الطلب ذلك".
وقال وزير الطاقة الروسي، إن ثمة خيارات مختلفة أمام أعضاء منظمة أوبك والمنتجين المستقلين بشأن اتفاق إنتاج النفط من بينها زيادة الإنتاج في النصف الثاني من العام.
وأضاف نوفاك، أنه بحث الوضع في السوق مع نظيره السعودي خالد الفالح، وأن الطرفين ملتزمان بتنسيق الإنتاج، وتناول نوفاك قضية النفط الملوث في خط أنابيب دروجبا قائلا، إن الإمدادات لبولندا من خلال الخط ستبدأ اليوم.
وأفاد مصدر من داخل الاجتماعات بأن لجنة "أوبك" وحلفائها أكدت الحاجة إلى مراقبة استقرار سوق النفط وإدارة المخزونات ومراجعة البيانات في حزيران (يونيو).
وذكرت منظمة الدول المصدرة والوكالة الدولية للطاقة هذا الشهر أن إمدادات النفط تراجعت في نيسان (أبريل) مع بدء تطبيق العقوبات الأمريكية المشددة على إيران والتزام الدول النفطية خفض الإنتاج.
وذكرت وكالة الطاقة أن الإنتاج الإيراني تراجع في نيسان (أبريل) إلى 2.6 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ نحو خمس سنوات، بعدما كان عند عتبة 3.9 ملايين قبل أن تعلن واشنطن انسحابها من الاتفاق النووي قبل نحو عام.
وذكرت مؤسسة "كبلر" الاستشارية في مجال الطاقة أن الصادرات الإيرانية تراجعت من 1.4 مليون برميل في نيسان (أبريل) إلى نحو نصف مليون برميل في أيار (مايو)، مقارنة بـ2.5 مليون برميل في فترة ما قبل الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.
كما أن الإنتاج الفنزويلي يعاني بدوره وقع الاضطرابات في هذا البلد، وقد تراجع إلى أكثر من النصف منذ الربع الثالث من العام الماضي.
وتظهر إحصاءات "كبلر" أن الدول الموقعة على اتفاق خفض الإنتاج التزمت حصصها، إلا أن الدول المصدرة تخشى أن تؤدي أي زيادة في الإنتاج لتعويض النقص الناجم عن غياب الخام الإيراني إلى رد فعل عكسي يدفع الأسعار نزولا.
من جهته، قال إيمانويل كاتشيكو وزير النفط النيجيري، إن مجموعة "أوبك+" تدعم بشكل عام الاستمرار في خفض الإنتاج الجماعي، بعد انتهاء سريان اتفاق الخفض في حزيران (يونيو) المقبل.
وأضاف كاتشيكو في مقابلة مع وكالة أنباء "بلومبيرج"، أنه لا يوجد بلد من المشاركين في اجتماع لجنة المراقبة الوزارية في جدة، قد تحدث ضد التمديد، مشيرا إلى أن روسيا لم تطلب تخفيف التخفيضات النفطية، وأنها تفضل الانتظار لتحدد موقفها في حزيران (يونيو)، بينما تؤكد فنزويلا أن إنتاجها من النفط في تزايد.