المتطوعون في الأندية.. مزاجية وتدخلات.. رياضتنا تحت وطأة الهواة!
نواصل في حلقة "احتراف الإداريين" في الأندية السعودية، طرق أبواب أخرى أكثر دراية وقربا للعمل في الأندية، وكذا المنتخبات السعودية، لإثراء القراء بآراء أكثر حيوية وقربا للواقع.
"الاقتصادية" طرحت الموضوع المهم جدا على الدكتور حافظ المدلج عضو هيئة المحترفين، والقريب من الأندية والمنتخبات, الذي كشف عن توجه قريب لابتعاث طلبة سعوديين لدراسة الماجستير في تخصصات إدارية ورياضية، للاستعانة بهم في العمل الرياضي.
وأبدى امتعاضه من كون الأندية تعمل عكس التوجه القائم لاحتراف الإداريين بسبب تمسكها بميول العامل في النادي دون النظر إلى كفاءته.
أما علي حمدان أمين عام نادي النصر, الذي يعد من القلائل ممن تفرغوا للعمل في الأندية، فيصف تجربته بالناجحة، رغم أنه ضحى بوظيفته الحكومية، لاحتراف العمل الرياضي إلا أنه بمساندة إدارة ناديه سعى بخطى حثيثة لوضع استراتيجيات مهمة في النادي، كانت ثمرة التفرغ الإداري.
يؤكد الدكتور حافظ المدلج عضو هيئة المحترفين، أنه منذ زمن بعيد نُودي باحتراف الإداريين، وهي الفترة التي تلت احتراف اللاعبين مباشرة، فالفكرة إذن مطروحة وهي في الحسبان، لكننا في حاجة إلى وقت لتطبيقها.
وقال: "الاتحاد السعودي خطا أولى خطواته نحو احتراف الإداري وترجم توجهه بإلزام الأندية بتعيين مسؤول متفرغ عن الاحتراف، وقد أحسن، كما تكفل براتب ستة آلاف ريال للموظف الذي يتولى هذه المسؤولية، ولناديه الخيار في زيادة راتبه إن هو أراد ذلك".
وطالب المدلج الأندية بالمضي قدما في جلب الكفاءات للأجهزة الإدارية، رافضا أن يكون نقص الكوادر المؤهلة عائقا أمام الاحتراف الإداري حيث توجد الأسماء المتعلمة والمدربة، كما أن هيئة دوري المحترفين في الاتحاد السعودي لكرة القدم، بصدد ابتعاث طلاب سعوديين لإكمال دراسات الماجستير في تخصصات إدارية ورياضية يأتي من ضمنها برنامج " فيفا " للماجستير، ليقود كادر سعودي متعلم منظومة الاحتراف في الرياضة السعودية, كما أورد.
وعرج المدلج في حديثه عما يمكن أن يضفيه احتراف الإداري للرياضة السعودية بقوله: "في الوقت الراهن يعد السواد الأعظم من العاملين في الأندية متطوعين، وقياسا على الدول الأخرى فالعكس تماما، فجميعهم محترفون يحملون شهادات عليا، ما يعني دون شك أن ارتفاع الإنتاجية مقرون بالتفرغ ورقي العمل بالعلم".
واستبعد المدلج أن تصل الأندية السعودية في الوقت الراهن والمستقبل القريب إلى الفكر الاحترافي البحت بأن يُرى الإداري النصراوي يعمل في الهلال، أو العكس بناء على كفاءته، مستشهدا ببينون المسؤول عن العلامة التجارية في نادي تشيلسي الإنجليزي، الذي يعمل مع النادي على الرغم من أنه غير مشجع لتشلسي أصلا، لكن بحث ناديه الحالي عن الأفضل للعمل فوجده أهلا لذلك، فاستقطبه، وإن لم يكن مشجعا للنادي، على عكس أنديتنا السعودية مع الأسف التي تشترط أن يكون (ابن النادي) على رأس قائمة مؤهلاته المطلوبة إن لم تكن كافية لتعيينه".
وأردف هذا الفكر سيرحل لا محالة، وإن طال الزمن، وما زال هناك بصيص الأمل موجود، والأمثلة كثيرة منها يوم أن اقترب الأمير تركي بن خالد نصراوي الميول من رئاسة نادي الهلال، أو يوم أن ترأس خالد البلطان رئاسة الشباب وهو نصراوي، ورغم ذلك نجح، إلى جانب صور الإخاء وقتل التعصب، كزيارة رئيس النصر ونائبه، لمعسكر الهلال بعد الخسارة الأخيرة".
من جهته, بين علي حمدان أمين عام نادي النصر المتفرغ أن الاحتراف الإداري يعد شرطا أساسيا، لكي نقدم رياضة عامة بجميع ألعابها وفكرها بالشكل الصحيح، وليس في كرة القدم فقط.
وأهاب حمدان بأهمية تطبيق الاحتراف الإداري في أقرب وقت ممكن، لأن الأمر ذو أهمية قصوى، ولا يحتمل أي تأجيل.
وقال "أنديتنا حكومية، واستمرت الدولة في الصرف عليها على مدى العقود الماضية واستمرت تحت إدارة العمل التطوعي طيلة الفترة الماضية التي بلا شك شابها كثير من المزاجية والتدخلات أو غير ذلك".
وأضاف لم يكن العامل، أو الإداري، أو مدير الفريق، أو المسؤول في الأجهزة العامة في النادي متفرغا ومتخصصا بل ما يقوم به من عمل ليس إلا تبرعا منه، لذلك وكنتيجة حتمية العمل لم يكن بتلك الجودة المرجوة".
ومال حمدان بالحديث نحو قضية دخول الشركات والمستثمر والمعلن بشكل قوي في الرياضة، إلى جانب أن متطلبات الاتحاد الدولي والآسيوي تطلب تفريغ عدد من الإداريين في مجالات محددة، إضافة إلى هذا وذاك، فالأندية باتت أكثر وعيا وانفتاحا، وعلى مستوى أرقى من الفكر نحو الصعود بأنديتها، بدليل أنها شرعت في العمل نحو الاحتراف الإداري، ونجحت في استقطاب كوادر مؤهلة في خطوة ذاتية الدافع، وإن كانت على استحياء مقارنة بمفهوم الاحتراف الإداري الحديث.
وأكد أن البحث عن الكوادر المؤهلة للعمل في الأندية فيه شيء من الصعوبة، معترفا بوجود التوجس من العمل في الأندية كوظيفة رسمية، وهذه حقيقة يجب ألا نخفيها، وإن كانت تندرج عليَّ أنا علي حمدان فقد اضطررت إلى التقاعد من العمل الحكومي للعمل رياضيا محترفا، ولم أؤمن بالعمل الرياضي كوظيفة رسمية وأنا أو غيري معذورون لكون الخطأ وعدم الأمان الوظيفي ما زالا موجودين في الأندية".
وقال " لا بد أن يكون هناك أمان وظيفي أولا، كأولى القوائم التي يستند إليها الاحتراف الإداري، لينهض فهو لم ولن تقوم له قائمة ما دام الشباب ينفر من الأندية حق النفور".
وبيّن حمدان أن الطريق نحو الأمان الوظيفي يكون بتوقيع العقود الملزمة، إلى جانب وضع سلم رواتب واضح وصريح للعاملين في الأندية.
وأردف هذا ما أعلناه في نادي النصر أخيرا، ونشرته "الاقتصادية" في تقرير موسع، باستحداث لائحة إدارية ومالية معنونة بـ ( اللائحة الإدارية والمالية لنادي النصر) تحوي في جزئيات عددا من بنودها الشاملة عن الأمان الوظيفي وتشجيع تطوير العمل وتقدير دور الأيدي العاملة ضمن سلم وظيفي وضع به البدلات واحترام العقود".
وأفصح حمدان أن الفكرة خطرت، بدءا من سؤال كان مطروحا وهو كيف نجذب الشباب للعمل في الأندية؟
وأبان "نادي النصر كمستفيد من عقود الرعاية مع الشركات الكبرى، وهي شركة الاتصالات السعودية بات يحمل موظفيه من أصغرهم حتى أكبرهم على بساط الأمان الوظيفي، بعد أن استحدث لائحته القانونية التي تضمن حقوق الجميع ولا تتغير بتغير الإدارات، وستكون خطوة جبارة نحو الاحتراف الإداري.
وشدد على أهمية اللائحة، لا سيما أن معظم الأندية باتت تسير تحت مظلة العقود الكبرى، وبات في استطاعتها توقيع عقود تصل إلى خمس سنوات آجلة، ما يؤكد أهمية وجود اللوائح في جميع الأندية، وأن تكون مرتبطة بعقود الرعاية وتضمن الرئاسة العامة لرعاية الشباب سريانها، وسنستطيع بذلك أن نقطع مشوارا طويلا في وقت قصير".
واستطرد قائلا" المشكلة في الأندية الصغيرة التي لا تملك عقود رعاية هي عدم وجود سلم وظيفي لإدارييها تتحمله رعاية الشباب حتى تكتمل منظومة احتراف إداري كامل وقائم على أسس صحيحة مشكلا أندية استراتيجية قابلة للتخصيص في أي وقت، التي هي شرط لنجاح الاحتراف الإداري مستقبلا, كما أن الأخير شرط لنجاح التخصيص".
وعرج حمدان بالحديث نحو وجوب شمولية دخول الاحتراف الإداري بأن يكون على الأندية واللجان الرياضية معا.
وقال: "الوضع الإداري يجب أن يبت في وضعه، خصوصا مع دوري المحترفين، والقضية لا تحتمل نهائيا أي تأخير في تطبيق الاحتراف تفرغا وتخصصا".
وأبدى أسفه، لعدم وجود إداريين محترفين لا في اللجنة الأولمبية ولا في غيرها، مشيرا إلى أننا اليوم نتخلف عن الركب إذا مضينا على الوضع الحالي، فيجب أن نرى التفرغ والتخصص سواء في الاتحادات الرياضية أو اللجان ولن يعمل به (تمشية حال)".
وعلق حمدان على تصريح الدكتور صالح بن ناصر رئيس لجنة الاحتراف المنشور أمس في الحلقة الثانية من التحقيق بقوله: "مع احترامي للدكتور صالح بن ناصر وفيصل العبد هادي إلا أن الخطوات التي تحدثنا عنها في طريق الاحتراف عادية، ولا تواكب أقل الطموح، ويجب أن يكون العمل من الرئاسة على قدر أعلى من الترتيب والعمل الجاد ذي الآلية المرتبة".
وأضاف: نقل الأندية إلى الاحترافية يكون كما أسلفت، بخصوص اللوائح الموثقة وسلم الرواتب وما إلى ذلك، أما بالنسبة، لاحترافية اللجان فأنا أنادي بما قام به الأمير فيصل بن فهد في اللجنة الأولمبية السعودية عندما استحدث آلية للعمل تخص المرتبات والعقود والتوظيف، مشابهة في غالبها لنظام ديوان الخدمة المدنية، وهذا طريق أمام تعميده للجان أيضا لإنهاء رياضة الهواة".
وتساءل كيف لـ "الرئاسة"ولجنة الاحتراف أن تشترط مسؤول احتراف جامعيا ملما باللغة الإنجليزية ليتسلم ستة آلاف ريال فقط؟ هذا مستحيل".
وأكد "لا يمكن أن تعطيني الرئاسة راتب موظف واحد فقط، نريد لائحة إدارية كاملة تطبق على الأندية واللجان.
وشدد على أن الأندية تابعة لـ "الرئاسة" وهي مرجعها والمشرع والمقنن لها، ولكن رغم ذلك فالأندية تعمل من تلقاء نفسها، ودفعت مبالغ كبيرة كاجتهاد شخصي كأن تفرغ الأمين وإداري فريق كرة القدم وما إلى ذلك، وإلا فالخيار أمامها أن تعمل في ناد متطوع الإداريين بالكامل".
واتفق أمين النصر مع فيصل العبد هادي أمين الاتحاد السعودي في أن إبراهيم القوبع عندما فُرّغ، لإدارة المنتخب السعودي عام 2000 كان له بصمات واضحة وجلية وسجل نموذجا جميلا للإداري المحترف يوم أن توافر التفرغ إلى جانب القدرة، وليضع مثالا جليا لمن لم يبصر أهمية الاحتراف الإداري بعد".
وتحدث حمدان عن تجربة ناديه في احتراف الإداريين، بقوله: "النصر استفاد من شركة الاتصالات، وشرع في تطوير أجهزته الإدارية وفرغ علي حمدان أمينا عام للنادي بعقد، كما هو الحال مع سلمان القريني مديرا للفريق الأول لكرة القدم، ونحن في طور إكمال احترافية جهاز الأمانة العامة، إلى جانب إدارة كرة القدم".
وأشار إلى أن العمل في نادي النصر لم يصل إلى الطموح لكنه يسير في الاتجاه الصحيح، فأخطاؤنا الإدارية قليلة وقد يحدث أن لمست الجماهير والمتابعين بعض التطورات، وستكون ثمارها مستقبليا ظاهرة".
وختم "يجب أن نعلم أن الرياضة صناعة، وهناك دول قائمة على الرياضة، ولا مجال أن تبقى الرياضة لدينا على حاله تحت وطأة الهواة، لك أن تطلق العنان لنفسك أمام المعرفة لترى كيف تقوم بعض الدول على الرياضة، وكيف أنه مذ أقر استضافة كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010م، حتى تغير كثير من الموازين هناك ووقعت العقود لما لا يقل عن ست سنوات".