النفط يعاود الصعود فوق مستويات يناير .. وزيادة المعروض تضغط على الأسواق

النفط يعاود الصعود فوق مستويات يناير .. وزيادة المعروض تضغط على الأسواق

عادت أسعار النفط أمس إلى تسجيل ارتفاعات ومكاسب بعد تسجيل أدنى مستوى في خمسة أشهر، وذلك بدعم من خفض الإنتاج الذي يقوده تحالف المنتجين في "أوبك+" إضافة إلى تأثير العقوبات الأمريكية المتصاعدة في صادرات إيران وفنزويلا وتوترات الشرق الأوسط، ومخاوف الانقطاعات فى ليبيا ونيجيريا.
ويكبح استمرارية المكاسب السعرية التعثر الذي يتعرض له الاقتصاد الدولي جراء تداعيات الحرب التجارية المتصاعدة إضافة إلى استمرار زيادة الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري وارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية إلى مستويات قياسية.
وارتفعت أسعار النفط أمس فوق مستويات كانون الثاني (يناير) بعد هبوطها إلى أدنى مستوياتها في نحو خمسة أشهر في الجلسة السابقة، لكن المعنويات تظل ضعيفة مع استمرار تعرض الأسواق لضغوط جراء ارتفاع الإمدادات الأمريكية وتعثر الاقتصاد العالمي.
وبحسب "رويترز"، بلغ خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة تسليم شهر أقرب استحقاق 60.79 دولار للبرميل، بزيادة 16 سنتا أو 0.3 في المائة عن سعر إغلاق الجلسة السابقة.
وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 51.84 دولار للبرميل، مرتفعا 16 سنتا أو 0.3 في المائة عن سعر التسوية السابقة.
وكان برنت والخام الأمريكي بلغا أدنى مستوياتهما منذ منتصف كانون الثاني (يناير) أمس الأول، عند 59.45 و50.60 دولارا للبرميل على الترتيب، وسط ارتفاع مخزونات الخام وإنتاج قياسي في الولايات المتحدة وبدء تضرر الطلب على الطاقة من التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات الخام بالولايات المتحدة زادت الأسبوع الماضي رغم قيام مصافي التكرير بزيادة الإنتاج، كما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وارتفع إنتاج الخام الأمريكي إلى مستوى قياسي بلغ 12.4 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 31 أيار (مايو)، بحسب ما قالته إدارة معلومات الطاقة أمس، ليزيد 1.63 مليون برميل يوميا منذ أيار (مايو) 2018.
وفي ظل ارتفاع الإنتاج، قفزت مخزونات الخام التجارية الأمريكية 6.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 31 أيار (مايو)، لتصل إلى 483.26 مليون برميل مسجلة أعلى مستوياتها منذ تموز (يوليو) 2017.
ومع وفرة الإمدادات رغم تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك"، يتوقف الكثير على الطلب، وأشار "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" إلى أن "نمو الطلب العالمي على النفط يسجل أضعف معدلاته منذ 2012 دون مليون برميل يوميا، وإن ذلك يؤدي إلى الهبوط الذي شهدته أسعار النفط في الآونة الأخيرة".
ويعتقد محللون نفطيون بأن تصاعد وتيرة الحروب التجارية سواء بين الولايات المتحدة والصين أو مع المكسيك أدى إلى تهديد قوي لمستويات الطلب على النفط، وهو ما أدى بدوره إلى هبوط واسع في أسعار خام برنت خاصة مع استمرار الارتفاع المتلاحق في مستوى المخزونات الأمريكية.
وأوضح المحللون أن الأسعار تتجه إلى تصحيح المسار بمواصلة التعافي من موجة تراجع حادة خاصة مع تسجيل الخام الأمريكي خسارة بلغت 22 في المائة مقارنة بأسعار شهر نيسان (أبريل) الماضي، كما خسر برنت أكثر من 5 في المائة مقارنة بشهر كانون الثاني (يناير) الماضي.
ولفت المحللون إلى أن أكبر عبء وتحدى يواجه أسعار النفط في المرحلة الراهنة هو ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية بنحو 6.8 مليون برميل على مدى الأسبوع الماضي وهي ما تعد أكبر قفزة في بيانات المخزونات النفطية مقارنة بعام 1990، وهو ما يفرض بالتالي الحاجة إلى جهود أكبر من المنتجين لاحتواء الموقف ودعم استقرار السوق.
وفى هذا الإطار، أوضح لـ"الاقتصادية"، جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، أن انخفاضات الأسعار الواسعة في الأيام الماضية أدت إلى زيادة فرص دول أوبك وحلفائها في الاحتفاظ بخطط خفض المعروض وتقييد الإنتاج خلال الاجتماع المرتقب في الشهر الجاري، الذي سيتم خلاله إقرار سياسات الإنتاج في النصف الثاني من العام، مشيرا إلى أنه في ظل المعطيات الراهنة قد تكون فرص التراجع عن خفض الإنتاج محدودة.
ويعتقد هال، بأن انهيار المحادثات التجارية التي تجمع الولايات المتحدة مع كل من الصين والمكسيك أدت إلى تعزيز المخاوف المتزايدة على الاقتصاد العالمي، الذي بدأ يعاني من مؤشرات ضعف تتطلب مجهودا أكبر لاحتوائها، خاصة فيما يتعلق بإيجاد اتفاقات تنهي النزاعات التجارية وتحد من المخاوف المرتبطة بها.
ومن جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، دان بوسكا كبير محللي بنك "يوني كريديت" البريطاني، إن الاتجاه الهابط لنمو الاقتصاد الدولي سيكون دون شك محور لقاء المنتجين بعد أسابيع قليلة، وهو ما أكد عليه أخيرا محمد باركيندو أمين عام أوبك، لافتا إلى أن "أوبك" تولي اهتماما كبيرا لتدارس تطورات وضع الاقتصاد العالمي وارتباطه بظروف أسواق الطاقة الدولية.
وأشار بوسكا إلى أن استمرار الزيادات المتلاحقة في إمدادات الخام الأمريكي، وهو ما يترافق مع ارتفاع قياسي في مستوى المخزونات النفطية، معتبرا أن صادرات الولايات المتحدة من النفط سجلت نحو 3.6 مليون برميل يوميا في شباط (فبراير) الماضي، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مستوى الصادرات النفطية الأمريكية، كما يعد أعلى مستوى منذ أن أنهت واشنطن القيود في أواخر عام 2015.
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس الدولية، إنه على الرغم من انخفاض أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل، إلا أن المستوى الحالي ما زال جاذبا للاستثمارات الجديدة في مجال مشروعات النفط والغاز، ولذا نجد كثيرا من شركات الطاقة الدولية تحقق مستوى ربحية جيدا.
وأضاف أن التحولات في مجال الطاقة تسير بوتيرة متسارعة، ولكن دون شك فإن مستقبل الطاقة سيظل النفط والغاز يلعبان دورا أساسيا به بالتوازي مع جهود خفض انبعاثات الكربون وزيادة الاستثمار في موارد الطاقة الجديدة والمتجددة. 
وبدوره، قال لـ"الاقتصادية"، أندريه يانييف المحلل البلغاري والمختص في شؤون الطاقة، إن وضع الإنتاج الأمريكي المنافس سيكون دون شك في مقدمة أجندة عمل المنتجين في اجتماع حزيران (يونيو) خاصة مع تخوف بعض كبار المنتجين مثل روسيا من تأثير سياسات تقييد المعروض الحالية على فقد مزيد من الحصص السوقية للمنتجين التقليديين.
وذكر يانييف أن التوسعات الإنتاجية الأمريكية متلاحقة خاصة مع استمرار تسارع أنشطة الحفر وتمكين التكنولوجيا من التطرق إلى الاستثمار في مناطق أعلى في التكلفة، لافتا إلى وجود خطط لدى لصناعة البترول الأمريكية لبناء نحو 4.8 مليون برميل من السعة التخزينية وما يصل إلى سبعة خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط.

الأكثر قراءة