السوق النفطية مهيأة لمواصلة المكاسب وسط توافق دولي على تفادي الركود الاقتصادي

السوق النفطية مهيأة لمواصلة المكاسب وسط توافق دولي على تفادي الركود الاقتصادي

توقع مختصون ومحللون نفطيون، أن تواصل أسعار النفط الخام المكاسب السعرية خلال الأسبوع الجاري بعدما اختتمت الأسبوع الماضي على ارتفاعات قياسية، مع اقتراب موعد اجتماعي مجموعة العشرين في اليابان والاجتماع الوزاري لدول "أوبك" وخارجها في فيينا أول تموز (يوليو) المقبل، لمراجعة وضع السوق مع استمرار التوافق على ضرورة التمسك بخفض الإنتاج للحفاظ على توازن السوق في ظل ارتفاعات مستوى المخزونان الأمريكية وتسارع الإمدادات من النفط الصخري.
وقالوا لـ"الاقتصادية"، إن الأنظار تتجه إلى قمة العشرين يومي 28 و29 حزيران (يونيو) الجاري في أوساكا في اليابان مع إعطاء تركيز أكبر على اللقاء المهم الذي سيجمع الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والصيني شي جينج بينج، الذي يتطلع كثيرون أن يكون خطوة مهمة إلى الأمام على طريق احتواء الحرب والنزاعات التجارية الحادة بين البلدين.
ونوه المختصون، إلى توقعات لبنوك دولية مثل بنك أوف أمريكا التي ترجح نمو الطلب على النفط الخام خلال العامين الجاري والمقبل، بشرط حسم النزاعات التجارية الأمريكية - الصينية بشكل كامل وداعم لنمو الاقتصاد العالمي.
وقال روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش اي"، إن أجواء إيجابية تحيط حاليا بالاقتصاد العالمي بشكل عام والسوق النفطية بشكل خاص ما يعزز فرص نمو الأسعار وتحديدا بسبب أن هذا الأسبوع سيشهد حدثا عالميا فريدا له كثير من التأثيرات في الاقتصاد العالمي وهو قمة مجموعة العشرين في أوساكا في اليابان.
وأوضح، أن القمة تكتسب زخما خاصا بسبب اجتماع الرئيسين الأمريكي والصيني على هامش أعمالها، في لقاء يتوقع كثيرون أن يكون بداية لانطلاق جهود قوية لاحتواء الحرب التجارية بين البلدين، التي أثارت كثيرا من المخاوف والشكوك على أداء الاقتصاد العالمي وفرص نمو الطلب على الطاقة، معتبرا أن نجاح اللقاء سيكون بمنزلة دفعة قوية للثقة بالاقتصاد العالمي بما يعزز الطلب على النفط الخام بصفة خاصة.
من جانبه، أوضح دان بوسكا كبير المحللين في بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن المكاسب السعرية ستتواصل على الأرجح خلال الأسبوع الجاري والأسابيع المقبلة، بسبب وجود توافق دولي على الرغبة في تفادي حالة الركود الاقتصادي العالمي، التي بدأت مؤشراتها تتزايد في ضوء ضعف بيانات التصنيع وتراجع أحجام التجارة العالمية، لافتا إلى أن كثيرين يتطلعون إلى أن تكون قمة العشرين بداية لوقف حرب الرسوم الجمركية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.
وقال بوسكا، إن المؤشرات الأولية ترجح أن صفقة ما في طريقها إلى النور بين أمريكا والصين، خاصة مع بدء الاتصالات المباشرة بين الرئيسين الأمريكي والصيني، وهو ما استجابت له أسعار النفط الخام على الفور وعوضت بعضا من خسائر حادة سابقة، ما يؤكد الصلة الوثيقة بين الحرب التجارية واستقرار سوق النفط الخام.
بدوره أوضح، ماركوس كروج كبير محللي شركة "ايه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن الاجتماع الوزاري لدول "أوبك" وخارجها هو الحدث الأكبر المؤثر في اقتصاديات الطاقة ووضع الاقتصاد العالمي، وهو لا يقل أهمية عن قمة العشرين، لافتا إلى أنه من الأحسن أن تم تأجيل الاجتماع إلى أول تموز (يوليو) لتسهيل اتخاذ القرار بعد اتضاح نتائج قمة العشرين خاصة فيما يتعلق بملف الحرب التجارية.
وأشار إلى أن تحالف المنتجين في "أوبك +" وفق أغلبية التوقعات، سينجح إلى حد كبير في الحفاظ على بعض الاستقرار في السوق في ضوء التوافق المبدئي على التمسك بالتخفيضات الإنتاجية وتمديد فترة العمل بها حتى نهاية العام مع احتمال ضم منتجين جدد إلى "إعلان التعاون".
وفي السياق ذاته، أضاف أندريه يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، أن إنتاج "أوبك" على الأرجح سيستمر لبعض الوقت عند مستويات منخفضة، حيث يعتمد المنتجون في "أوبك" على مؤشر مهم وهو مستوى المخزونات النفطية، الذي ما زال مرتفعا علاوة على الشكوك المحيطة بنمو الطلب وبخاصة في ضوء حدوث انخفاض في الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أخيرا.
وأوضح، أن السوق النفطية متأثرة بزيادة ملحوظة في أنشطة المضاربة، وهو علامة غير إيجابية ومعطلة لاستقرار السوق وتعود بالأساس إلى المخاوف المرتبطة بالحرب التجارية، التي يتطلع كثيرون أن تكون قمة العشرين المقبلة بداية لحسم النزاعات وتعزيز النمو ومن ثم إعطاء دفعة قوية للطلب على النفط الخام وحينها سيتحرك المنتجون نحو خطوات جديدة لتعزيز الإمدادات النفطية.
وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت عقود النفط 1 في المائة الجمعة، وسجل الخام الأمريكي مكاسب بنحو 10 في المائة على مدار الأسبوع، في حين صعد خام القياس العالمي مزيج برنت 5 في المائة، بفعل مخاوف من أن أمريكا قد تشن هجوما عسكريا على إيران، وتعطل تدفقات الخام من منطقة الشرق الأوسط التي تضخ أكثر من 20 في المائة من إنتاج النفط العالمي.
وقفزت عقود البنزين الأمريكي نحو 4 في المائة في أعقاب حريق ضخم في مصفاة إنريجي سوليوشنز في فيلادلفيا، أكبر مصفاة نفطية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وقال محللون، إن تصاعد التوترات بين أمريكا وإيران هو العامل الرئيس وراء صعود أسعار النفط، مؤكدين أن السوق تلقى أيضا دعما من الاجتماع المرتقب لمنظمة "أوبك" وحلفائها في مطلع تموز (يوليو) تموز لإعادة تقييم المستويات المستهدفة للإنتاج، إضافة إلى انحسار محتمل للتوترات التجارية بين أمريكا والصين.
وأعطى تراجع الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسة دعما أيضا لأسعار النفط.
وأنهت عقود برنت جلسة التداول مرتفعة 75 سنتا، أو 1.16 في المائة، لتبلغ عند التسوية 65.20 دولار للبرميل.
وصعدت عقود الخام الأمريكي 36 سنتا، أو 0.63 في المائة، لتسجل عند التسوية 57.43 دولار للبرميل.
وأنهي برنت الأسبوع على مكاسب بنحو 5 في المائة، هي أول زيادة أسبوعية له في خمسة أسابيع، بينما سجل الخام الأمريكي مكاسب بنحو 10 في المائة في أكبر زيادة أسبوعية من حيث النسبة المئوية منذ كانون الأول (ديسمبر) 2016.
وفي جلسة الخميس الماضي، قفز خام القياس الأمريكي 5.4 في المائة في حين صعد برنت 4.3 في المائة.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للمرة الأولى في الأسابيع الثلاثة المنقضية مع صعود عقود الخام الأمريكي نحو 10 في المائة هذا الأسبوع.
لكن انخفاضات كبيرة في أسعار الطاقة على مدار الشهرين السابقين دفعت محللين إلى خفض توقعاتهم لعدد الحفارات لعامي 2019 و2020.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة الجمعة الماضي، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن الشركات أضافت حفارا نفطيا واحدا في الأسبوع المنتهي في 21 حزيران (يونيو) ليصل العدد الإجمالي إلى 789 حفارا.
وفي الأسبوع نفسه من العام الماضي كان عدد حفارات النفط العاملة 862 حفارا.
وتراجع عدد حفارات النفط النشطة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الستة الماضية مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع تركيزها بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
وجرى تداول عقود الخام الأمريكي حول 57 دولارا للبرميل الجمعة، متجها نحو إنهاء الأسبوع على مكاسب بنحو 10 في المائة بفعل مخاوف من هجوم عسكري أمريكي على إيران قد يعطل تدفقات الخام من الشرق الأوسط.
ومن المنتظر، أن يجري تداول عقود الخام حول 57 دولارا للبرميل للفترة المتبقية من العام وحول 55 دولارا في عام 2020.
لكن قبل الأسبوع الجاري هبطت عقود الخام الأمريكي نحو 20 في المائة، من أعلى مستوى لها في خمسة أشهر البالغ 75.60 دولار للبرميل الذي سجلته في أواخر نيسان (أبريل).

الأكثر قراءة