اكتشاف أفران وأحواض للغسيل تحت الأرض في فيد التاريخية
تعد مدينة فيد في حائل من المدن الأثرية والتاريخية القديمة التي تقع شرقي مدينة حائل تبعد عنها مسافة 120 كيلو متراً وهي المدينة الثالثة لطريق الحج القديم "درب زبيدة" بعد الكوفة والبصرة، وهي أكبر محطة على طريق الحاج القديم وبها قصر خراش الأثري والقرية القديمة, حيث تعد من المواقع ذات الأهمية البالغة لكونها تحتوي على الكثير من المعالم والشواهد الأثرية القديمة التي تعود إلى آلاف السنين.
إضافة إلى أن الذي تم اكتشافه حاليا هو السور الأول للمدينة التاريخية الذي يبلغ ارتفاعه مترين والسور الثاني الذي يرتفع عن سطح الأرض بثلاثة أمتار ومسجد وقصر خراش وبركة الحصن الثمانية الشكل والتنانير.
ويجري العمل حاليا من قبل فريق التنقيبات بقيادة الدكتور فهد الحواس رئيس الفريق المدعوم من قبل الهيئة العليا لتطوير حائل والهيئة العامة للسياحة والآثار على استكمال مراحل التنقيبات على آثار مدينة فيد التاريخية.
ويأتي مشروع التنقيب في مدينة فيد الأثرية ضمن إطار برنامج متكامل للكشف عن البقايا الأثرية بالموقع لعرضها وتأهيلها كمتحف مفتوح أو تحويلها إلى نقطة جذب سياحي في مدينة فيد ورافد اقتصادي رئيس بالمدينة, وهو ما يجعل الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة العليا لتطوير منطقة حائل تعملان بشكل متواز مع عملية التنقيب على إعداد الدراسات والمخططات اللازمة لتأهيل ما يتم الكشف عنه بالموقع، وتوجيه عملية التنقيب لخدمة هذا الهدف.
وتم اكتشاف منطقة ملاحق الحصن وهي خارج الحصن والموقع الثاني في منطقة ما بين السورين في الجهة الجنوبية من الحصن، والموقع الثالث في منطقة القلعة أو قلعة الحصن كما تم توزيع الباحثين في المواقع على حسب مجموعات محددة ليبدأ العمل بالتنقيب في مدينة فيد التاريخية بدعم سخيّ في هذا الموسم الثالث من الهيئة العامة للسياحة والآثار بعد أن تم ضم قطاع الآثار إلى الهيئة بهدف إظهار هذا الموقع بالشكل المناسب الذي يجعله نقطة جذب سياحي لمنطقة حائل وأيضاً بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل, التي قدمت الدعم المادي الكبير ووفرت جميع المتطلبات اللازمة لعمليات التنقيب.
وتواصلت الكشوفات التي كشف فيها عن الكثير من المعالم الأثرية التي من أهمها الكشف عن مسجد يعد من المساجد الإسلامية المبكرة التي تعود لبداية العصر الإسلامي, إضافةً إلى الكشف عن عدد كبير من الوحدات المعمارية, التي تتضمن عدداً من الحجرات والتفاصيل المعمارية التي كانت مطمورة بين السورين السور الخارجي للحصن والسور الداخلي، وأيضاً تم الكشف عن جانب من السور الداخلي للحصن من الجهة الجنوبية وكذلك تم الكشف عن أجزاء من قلعة الحصن التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من الحصن وقد تضمنت خطة العمل الكشف وتهيئة وتنظيف الآبار القديمة التي تقع فيما يعرف (بالمدينة التقليدية) التي تتصل بقنوات مائية تحت الأرض.
وتم اكتشاف موقع خدمات لوحدات الحصن الأثري، حيث عثر على أفران لصناعة الخبز وأحواض للغسيل عبر قنوات تمر في المربع الأخير تحت الأرض وتصب مباشرة في هذه الأحواض وتصميم الجدران غالباً ما تكون متماثلة لما تم كشفه في الموسم الماضي في هذا الموقع، الذي يقع بين السور الجنوبي والسور الداخلي للحصن، كما تم الكشف من خلال المعطيات الأثرية التي تم العثور عليها على بعض الكسر الفخارية وعثر بجانب الأبواب على أعتاب لها وهي عبارة عن حجر منحوت في الوسط وهو بمثابة قاعدة عمود الباب تدخل به حتى يكون هناك أريحية لفتح الباب للخارج وللداخل، ومن خلال الأفران تم العثور على بعض الأواني الفخارية التي يظهر عليها آثار الزخرفة كما وجد بعض المعثورات الدقيقة منها القطع الزجاجية والحجرية والمعدنية.
وفي منطقة ما بين السورين تم اختيار الموقع الذي يقع في الجهة الشمالية من الحصن، حيث تم تقسيم الموقع إلى عدة مربعات 10 في10 تقريباً وقد عثر في أحد هذه المربعات على بعض الأساسات لجدران السورين والمبنية بأشكال منتظمة بالحجارة البركانية المنتشرة في مدينة فيد بكثرة، بالإضافة إلى بعض الظواهر المعمارية والاكتشافات كالأحواض التي تأخذ شكلاً معيناً والمنحوتة من الحجارة البركانية, وربما أنها كانت تستخدم للصناعات كالزجاج والحديد لوجود الكثير من بقايا الحديد في تلك الأحواض، بالإضافة إلى العثور على حوض مربع الشكل بجانبها ويستخدم للماء وتم العثور على بعض الأحواض المجصصة وبعض الأعمدة الأسطوانية التي ربما كانت تستخدم كدعامة للجدران، وهذه المنطقة قد تكون وحدة خدمية من خلال الأحواض الموجودة فيها وفي تفسير آخر ربما كانت تستخدم هذه الوحدات كحمّام لعامة الناس أو خاص للسلطان.
و بسبب وجود امتدادات جدارية خارج حدود الحصن قرر الفريق محاولة الكشف عن ماهية تلك الأساسات البنائية، و اختير الموقع الذي يقع في التل المجاور للحصن الذي يعتقد أنه امتداد لملاحق الحصن وكشف عن مسجد يعتقد أنه المسجد الجامع الذي ذكر في المصادر التاريخية القديمة حيث تم تحديد جدار القبلة فيه يحتوي على محراب مستطيل الشكل تم بناؤه بشكل جميل ومتقن يحوي عمودين جميلين في المدخل، بالإضافة إلى أكثر من رواق يبلغ عددها أربعة أو خمسة أروقة، واتضح أن المسجد مر بعدة مراحل حيث كان في مرحلته الأولى عبارة عن أروقة مستطيلة الشكل.