الدول الناشئة تسعى إلى دخول نادي الأغنياء
تسعى الدول الناشئة الكبرى التي تواصل دورها في الحفاظ على استمرار النمو العالمي إلى دخول نادي الدول الغنية لتشارك مشاركة كاملة في إدارة الشؤون الاقتصادية للعالم.
ويبدو واضحا للعيان أن مجموعة الدول الناشئة الكبرى وهي البرازيل وروسيا والهند والصين لم تعد تريد الاكتفاء في هذه العاصفة المالية التي تزعزع اقتصادات الدول الأكثر تقدما، بمقعد ثانوي في المناقشات حول النظام المالي الجديد التي ستشهدها قمة مجموعة العشرين في واشنطن في نهاية الأسبوع.
وتجلى التأثير الجديد لهذه الدول ولا سيما الصين في إعلان بكين عن خطة إنعاش اقتصادي ضخمة بلغ حجمها 586 مليار دولار مما ساهم في تنشيط جميع الأسواق المالية الإثنين.
وتطالب الهند والبرازيل اللتان تتحدثان باسم الدول ذات الاقتصادات الناشئة بإرساء نظام مالي جديد لتجنب تكرار الأزمات التي تلحق أفدح الضرر بالدول الأكثر فقرا والتي تعتمد أكبر الاعتماد على صادراتها من المواد الأولية.
وقال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في الأسبوع الماضي "نريد إصلاحا للمؤسسات المالية الدولية وقدرا أكبر من التنظيم والمراقبة لمنع تكرار هذه الأزمات".
وقد حققت هذه الدول الناشئة بالفعل مكسبا ولو بشكل جزئي في الاجتماع الذي عقده وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في الدول الصناعية الكبرى والدول الناشئة الرئيسية في ساو باولو في نهاية الأسبوع الماضي.
فقد اعترف المشاركون في ذلك الاجتماع بضرورة إنجاز "إصلاح عميق" للمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين أنشأتهما اتفاقيات بريتون وودز عقب الحرب العالمية الثانية وتبدو سيطرة الولايات المتحدة وأوروبا عليهما واضحة دون أن يظهر تأثير تصاعد قوة الدول الغنية الجديدة في هاتين المؤسستين.
وقال الوزراء في اجتماع سان باولو إن "الدول ذات الاقتصادات الناشئة والدول النامية يجب أن يكون لها صوت أقوى وتمثيل أفضل في هذه المؤسسات". حتى أن المندوب الأمريكي في الاجتماع ديفيد ماكورميك أكد أن واشنطن تؤيد منذ فترة طويلة منح دور أكبر للدول الناشئة في صندوق النقد والبنك الدوليين.
وأضاف مساعد وزير الخزانة الأمريكية للشؤون الدولية "نشعر بالاغتباط للإصلاح ونشارك في الطليعة في هذا الإصلاح". لكن شيئا لم يتم في أرض الواقع بما يتجاوز هذا الاتفاق المبدئي. فهل يمكن على سبيل المثال أن تحل مجموعة العشرين محل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى مثلما تريد البرازيل؟ والحقيقة أن هذا غير وارد الآن.
وقال ماكورميك في هذا الصدد "لم أسمع أحدا يرفض مجموعة السبع ولكنني سمعت حديثا عن أهمية أكبر لمجموعة العشرين". وفيما يتعلق بالمقترحات العملية فإنه من المتوقع أن يركز سينغ على ضرورة أن يمنح صندوق النقد والبنك الدوليان مساعدات أكبر إلى الدول المتضررة.
ومن المتوقع أن يحظى سينغ في هذا الشأن بتأييد الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الذي يتهم الولايات المتحدة وأوروبا بين الفينة والأخرى باللجوء إلى "المقامرة المالية" التي منيتا فيها بالخسارة لكنهما تريدان مع ذلك أن يتحمل العالم كله بما في ذلك الدول الأكثر فقرا نتيجة هذه الخسائر.
ويوصي سينغ لمنع تكرار هذه الأزمة بصورة دورية، بزيادة حجم الاستثمارات في البنية الأساسية للدول النامية على أن يتم دعم ذلك بموارد متزايدة تمنحها المؤسسات المالية الدولية.
وأفاد مصدر رسمي أن رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر ستطلب أيضا في اجتماع واشنطن أن يقوم صندوق النقد الدولي بتعويض النقص في السيولة وذلك بتقديم ائتمان إلى الدول الناشئة ولكن بدون فرض شروط اقتصادية كلية مثلما كان يفعل في الماضي. وعلى أي حال يرى وزير المالية البرازيلي جيدو مانتيغا أن أمام زعماء مجموعة العشرين مهمة دقيقة لأنه "يتعين تغيير إطارات السيارة في الوقت الذي مازالت تتحرك فيه على الطريق".