الأسواق الشعبية .. الاقتصاد بعيدا عن "الهوامير"
تحظى الحرف اليدوية البسيطة والصناعات التقليدية والمنتجات المحلية باهتمام بالغ وكبير من قبل المهتمين بالتراث الوطني والشعبي فأصبحت الأسواق الشعبية بمختلف أشكالها هي المكان الآمن الذي يحفظ هذا النوع من التراث.
وتنتشر في عديد من مناطق المملكة مثل هذه الأسواق التي تتميز بتطبيق نظام السعودة فيها بنسبة 100 في المائة وهو ما يجهله الكثير من المستهلكين بشكلٍ عام. وتسمى هذه الأسواق الأسواق الشعبية الأسبوعية أو سوق الخميس بالتحديد نسبةً إلى يوم الخميس الذي يقام فيه هذا السوق، كما أن المدة الزمنية له لا تتجاوز ست ساعات تقريباً حيث يبدأ بعد صلاة فجر الخميس وينتهي عند حدود الساعة الثانية عشرة ظهراً.
وسوق الخميس عبارة عن سوق يقام على أرضٍ بيضاء في قرية معينة بحيث يتم تحديد مكانه ووقته مسبقاً عن طريق الإعلان عنه في أوساط القرية والقرى المجاورة لكن بعد أن تصدر الموافقة على إقامته أولاً من بلدية المحافظة التي تتبع لها هذه القرية أو عن طريق أخذ الموافقة من شيخ القرية.
#2#
وتحظى الأسواق الشعبية باهتمام بالغ من أهالي البادية والقرى البعيدة عن مركز المدينة فهم يتوافدون عليه من بعد صلاة الفجر مباشرة ليتم عرض المئات من المنتجات والاحتياجات واللوازم الضرورية من ملابس ومفروشات وأوان والتي تخص البادية تحديداً، إضافة إلى الصناعات والحرف اليدوية للأدوات واللوازم الخشبية بمختلف أنواعها. ويعتمد التاجر أو البائع على الخامات الأولية المتوافرة في بيئته الطبيعية المحلية بحيث يتم التعامل معها في الإنتاج بصورة يدوية وباستخدام بعض الأدوات البسيطة كمنتجات الخوص التي تعتمد على سعف النخيل حيث يبدع المنتج في تطريز هذه الخوصيات بشكل جميل وعادة ماتقوم النساء بإنتاجها في المنازل وأبرزها الحصير الذي يستخدم للجلوس أو لسفر الطعام والزنابيل بأنواعها وأحجامها والمناسف والمكانس وغيرها.
ويشتهر سوق الخميس بعرض المنتجات الليفية التي تعتمد على ليف النخل في صناعة منتجات يدوية بسيطة كالمكانس والحبال ، كذلك يتم عرض منتجات النسيج بأنواعها المعتمدة بالدرجة الأولى على خيوط الغزل الناتجة من خامات الصوف حيث يتم غزلها بواسطة المغزل لتكّون خيوطا ملفوفة على شكل كرة فتشكل عنصرا مهما في صناعة المفارش والأغطية الخاصة بالبادية كالشال الذي تستخدمه نساء البادية والأغطية المطرزة وبيوت الشعر.#3#
ويظهر في السوق جانب من الصناعات الجلدية المختلفة والتي يشتهر فيها أهل البادية كقِرب الماء. ويتعامل التجار بالمواد التي تنتجها المنطقة والبادية بشكل ٍ خاص كالقمح والشعير والبرسيم والتمور والسمن البلدي والإقط والزبد والألبان .
ويوجد ركن في السوق لبيع المواشي والحطب والدجاج والحمام والبط والخضار والفواكه. وفي موسم المقناص أو القنص يكون هناك ركن لعرض الصقور التي تعرض للبيع بأسعار متفاوتة من قبل هواة الصيد والمهتمين بتربية الطيور الجارحة .
ويرى عدد من المتعاملين أن هذه السوق تعد من الضروريات الملحة لأهل البادية ويحرصون على الوجود فيه بصفةً مستمرة فيقول ممدوح الفرج: إن بعض الزبائن من أهالي المدن يقصدون زيارة سوق الخميس وشراء حاجياتهم منه نظراً لاحتوائه على عدد من المنتجات التي تحكي واقع التراث الشعبي لدينا إلا أن هناك سلبيات عده على هذه السوق أبرزها عدم وجود ضوابط محددة على أسعار المعروضات إذ أصبحت الأسعار تحدد بطريقة عشوائية وخصوصاً المنتجات المحلية ، كذلك يفتقد السوق التنظيم من حيث انتشار البائعين واستخدامهم لمحال بدائية كالمظلات والعشش المصنوعة من الخشب مما يسهل على البائع تغيير مكانه في أي وقت وهو ما يساعد على فقدان التنظيم داخل ساحة السوق .
وأكد عيسى الإبراهيم أن المواشي وبالتحديد الأغنام هي السلعة البارزة التي يتم عرضها ويحرص عديد من أهالي البادية على البيع والشراء فيها من ضأن وماعز كما أن الحركة في هذه السوق يزداد نشاطها بشكل كبير في مواسم الأعياد بالتحديد وتزداد معروضاتها.
وأوضح سعد الشمري أن سوق الخميس ورغم أهميتها بالنسبة للبادية بشكل خاص إلا أنها تفتقد أبسط وسائل السلامة فالسوق معرضة للحرائق في أي وقت فهي تحتوي على منتجات قابلة للاشتعال كالملابس ومنتجات الخوص والمنتجات الليفية ولهذا أطالب أن يكون هناك اهتمام كبير بوجود كل وسائل السلامة المتاحة والضرورية سواء كان من قبل التجار أو حتى من المشرفين على السوق .
ويرى باحل الفلاج أن سوق الخميس ما هو إلا نموذج حقيقي يصف نظام السعودة الذي نسمع عنه ولا نراه على أرض الواقع في الكثير من المواقع المهنية! فهو ينقل مواطن القرية والبادية من الفرد المستهلك إلى الفرد المنتج من خلال الاعتماد على الخامات البسيطة الموجودة في بيئتهم وتوظيفها التوظيف الأمثل لإنتاج عديد من الصناعات اليدوية التقليدية والاستفادة من بيعها. كما أتمنى أن تهتم بلديات المحافظات بهذه الأسواق في توفير كل المرفقات التي من شأنها أن تطور السوق وتجنبها الفوضى، كوضع سور خارجي لتحديد نطاقها ومنع تداخل السيارات في ساحتها، كذلك ضرورة توفير دورات المياه وتحديد المكان المناسب لإقامة هذه الأسواق بحيث يكون بعيدا عن الطرق العامة والسريعة حتى لا يسبب في وقوع حوادث لا سمح الله .