هل تتواصل واشنطن مع الآخرين مع اتساع نطاق الأزمة المالية؟
تعقد قمة قادة الاقتصادات العشرين الكبرى في العالم اليوم لتدشن عملية إعادة بناء النظام المالي العالمي بدعوة من قوة عظمى أصابها الخزي. وتمثل قمة واشنطن لمجموعة العشرين G20 التي دعا إليها الانهيار المالي الذي بدأ بأزمة سوق الرهن العقاري الأمريكي إقرارا من جانب الولايات المتحدة بأنها لا تستطيع أن تحل الأزمة المالية بمفردها.
وعلى الرغم من أن الأزمة المالية ربما تكون قد بدأت في الولايات المتحدة إلا أن علاج النظام الدولي للرقابة على القطاع المالي سيتطلب أن يكون لجميع اللاعبين الرئيسيين ومنهم أصحاب الاقتصادات الناشئة مقعدا على طاولة التفاوض.
ودعا الرئيس جورج بوش تحت إلحاح شديد من جانب فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص إلى قمة العشرين في إقرار منه جزئيا بأن "المبادرات المتعددة الأطراف المتعارضة تثير من المشكلات أكثر مما تقدم من حلول" على حد قول سباستيان مالابي من مجلس الاقتصادات الدولية للعلاقات الخارجية.
وقمة واشنطن تمثل أول تجمع على الإطلاق لقادة مجموعة العشرين التي تضم خليطا من الدول الغنية والاقتصادات البازغة مثل الصين والهند والبرازيل.
والموضوع الملح هو كيفية إنقاذ النظام المالي العالمي من الانهيار والحيلولة دون حدوث ركود عالمي.
لكن الاجتماع يعقد في خضم انتقادات حادة للولايات المتحدة - عاصمة المال في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد - لتسببها في نشوب الأزمة في المقام الأول، مما أثار دعوات في بعض الدوائر تطالب بإنهاء النموذج الأمريكي للرأسمالية.
لقد ركع الاقتصاد العالمي على ركبتيه. ويرجع ذلك أساسا إلى المخاطر المفرطة التي أقدمت عليها المؤسسات المالية الأمريكية التي استحدثت سندات سمحت بإصدار صكوك رهونات لأصحاب المنازل لم يستطيعوا سدادها. وأدى التراجع في أسعار المنازل في الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات لحبس رهن شملت أكثر من ثلاثة ملايين منزل منذ عام 2006، كما أدى لخسارة البنوك أكثر من 500 مليار دولار حتى الآن. وأدين "جشع" وول ستريت في الولايات المتحدة والخارج جراء ذلك.
ويقول تشارلز فريمان المتخصص في شؤون الصين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" أن "من الواضح أنه ستكون هناك جهود لاستغلال هذا المنتدى والمنتديات اللاحقة في إعادة هيكلة بنية النظام المالي العالمي بطرق تقلل من الهيمنة الأمريكية".
وأقرت الولايات المتحدة بالحاجة إلى علاج نظام الرقابة المالية، كما اعترفت بفشلها في عمليات الرقابة ووعدت بقدر أكبر من التنسيق الدولي مع اتساع أزمة الائتمان لتطول جميع أركان المعمورة.
وصرح هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكي الأربعاء بقوله: "نحن في الولايات المتحدة على دراية تامة بنواحي فشلنا ونشعر بالخزي لذلك ونقر بمسؤوليتنا الخاصة عن الاقتصاد العالمي".
واستطرد قائلا إن الولايات المتحدة ملتزمة بالإصلاح "حتى لا يعاني العالم هذا الوضع مرة أخرى".
ومن المرجح أن تكون قمة العشرين اليوم الأولى في سلسلة قمم عديدة - القمة التالية قد تعقد مطلع شباط (فبراير) المقبل - ومن المتوقع أن تضع أسس إصلاح نظام ضبط ومراقبة القطاع المالي.
وفي البداية تحدث قادة أوروبيون عن القمة كواحدة على غرار قمة بريتون - وودز - التي عقدت في عام 1944 وأعادت تأسيس النظام المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية - وإن كانوا قد قللوا من توقعاتهم بشأن القمة بعد ذلك. وعلى النقيض من ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين يحذرون منذ وقت طويل من مغبة المبالغة في التوقعات من القمة الطارئة وتحدثوا عوضا عن ذلك عن "مبادئ" للإصلاح يمكن التوافق حولها وليس إجراءات محددة.