صناديق التحوط وعقود مبادلة الأقساط المتعثرة ووكالات التصنيف أمام القمة

صناديق التحوط وعقود مبادلة الأقساط المتعثرة ووكالات التصنيف أمام القمة

يجتمع قادة الدول الصناعية والناشئة الكبرى للمرة الأولى اليوم في واشنطن لوضع استراتيجية منسقة لمواجهة أزمة مالية نشأت في الولايات المتحدة حيث شكلت أسوأ أزمة مالية منذ 1929 وانتشرت بسرعة إلى الاقتصاد العالمي.
وبعدما أبدت الولايات المتحدة في بادئ الأمر تحفظات على استضافة مثل هذه القمة، باتت تدعو إلى اعتماد "خطة عمل" لإصلاح النظام المالي الدولي خلال هذه القمة.
وأوضح الرئيس الأمريكي جورج بوش في كلمة ألقاها عشية القمة أن الدول العشرين ستسعى إلى "مواجهة الأزمة الحالية وإرساء أسس إصلاحات تمنع حصول أزمة مماثلة في المستقبل". وستضع القمة لائحة الأهداف الواجب تحقيقها وتحدد جدولا زمنيا يمنع الأزمة المالية من التحول إلى انكماش مطول.
وبدأت الأزمة قبل عام في الولايات المتحدة في سوق العقارات ثم اتسعت بقعتها وطاولت كامل القطاع المالي الذي تنهكه منتجات مالية معقدة فقدت قيمتها فجأة. ومع نفاد السيولة في المصارف وسقوط الثقة فيما بينها، نضبت سوق القروض بشكل مباغت في منتصف أيلول (سبتمبر) وباتت الشركات تجد صعوبة في تمويل نفسها، فيما انهارت البورصات العالمية.
وسيكون هامش التحرك أمام جورج بوش خلال القمة ضيقا إذ إن ولايته شارفت على نهايتها، في حين أن خلفه الديمقراطي باراك أوباما لن يتولى مهامه قبل 20 كانون الثاني (يناير) المقبل.
ومن الصعب في هذه الظروف قطع تعهدات ولا سيما أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيت إلى حين فترة قصيرة مؤيدة لعدم فرض ضوابط على القطاع المصرفي والمالي.
وأبدى بوش حسن نواياه في الكلمة التي ألقاها عشية القمة في نيويورك فرسم خطوطا عريضة للبحث عن حل يقوم على تحسين إدارة المصارف للمخاطر ومكافحة غياب الشفافية واختلاس الأموال في الأسواق وتحسين القواعد الحسابية لكل بلد فيما يتعلق بالسندات المالية.
كذلك يؤيد الأمريكيون إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لزيادة وزن الدول الناشئة فيهما وقد تكون قمة واشنطن على هذا الصعيد مناسبة لتحقيق مساواة في صفوف المجموعات التي تضم دولا كبرى، أكانت مجموعة الثماني أم مجموعة العشرين.
وفي المقابل، تعارض إدارة بوش بشكل تام تنصيب سلطة ضابطة للاقتصاد العالمي، كما رفض بوش أي نزعة إلى التدخل المسرف من جانب أي دولة. ونفى أن تكون الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأزمة.
من جهتهم، بات الأوروبيون ولا سيما الفرنسيين يقرون بأن القمة لن تكون سوى نقطة انطلاق ولن تؤدي إلى بريتون وودز ثانية شبيهة بالاتفاقات الموقعة عام 1944 والتي انبثق عنها النظام المالي الحالي.
ورأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مقابلة أجرتها معها صحيفة "سودويتشه تسايتونغ"، أن "هذه المحادثات ستكون صعبة"، لكنها شددت على ضرورة التحرك بشكل عاجل في وقت دخلت ألمانيا التي تمثل أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، مرحلة انكماش يتوقع أن يتبعها إليها باقي الدول الغنية عام 2009.
وقالت "علينا تطبيق أولى إجراءات (الإصلاح المالي) في الأشهر المقبلة" بهدف ضبط كل الأسواق. ثمة حاليا عدة منتجات ومؤسسات مالية خارجة حاليا عن أي ضوابط أو تخضع لقدر ضئيل من الضوابط ومنها صناديق المضاربة وعقود مبادلة الأقساط المتعثرة ووكالات التصنيف الائتماني. وتأتي فرنسا في طليعة المطالبين برقابة متزايدة على المالية الدولية وتدعو في هذا الإطار إلى إضافة الجنات الضريبية إلى هذه اللائحة.
وستشكل القمة أيضا فرصة للبحث فيما إذا كان من المفيد وضع خطط إنعاش اقتصادي منسقة، في وقت أعلنت الصين أخيرا عن برنامج بقيمة 455 مليار يورو. وتضم قمة مجموعة العشرين التي ولدت عام 1999 بعد الأزمتين الاقتصاديتين الآسيوية والروسية، دول مجموعة الثماني (ألمانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، اليابان، كندا، إيطاليا، بريطانيا، وروسيا)، والاتحاد الأوروبي و11 دولة ناشئة (جنوب إفريقيا، السعودية، الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، الصين، كوريا الجنوبية، الهند، إندونيسيا، المكسيك، وتركيا). وتنازلت فرنسا لإسبانيا عن أحد المقعدين اللذين تشغلهما بصفتها الرئيسة الحالية للاتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة