"أربعاء الأحساء": التجارة والثقافة.. والعيون الحارة
في الجهة الشرقية من مدينة المبرز، ثاني مدن الأحساء بعد الهفوف، وبالقرب من عين الحارة إحدى أشهر عيون المياه الساخنة تقع سوق الأربعاء التي تعد إحدى أهم أسواق المحافظة الأسبوعية بعد سوق الخميس.
فقبيل إشراق الشمس من صباح يوم الأربعاء يبدأ الباعة في افتراش الأرض كل منهم في موقعه المعتاد، وبعد ترتيب بضائعهم تتعالى الأصوات تدعو الزبائن للاقتراب ومعاينة البضاعة قبل الشراء.
الأحساء وكما اشتهرت بنفطها وتمرها وعيون المياه، أيضا تشتهر بأسواقها الشعبية والتي تعقد طوال أيام الأسبوع وتعرض فيها شتى أنواع البضائع حيث تجد بائع المواد الغذائية يجاور صاحب العدد اليدوية، وبجانبه آخر يسوق الملابس والأحذية والعطور الشرقية والأوروبية، ومسنة اتخذت لها ركنا في السوق لعرض ما لديها من مشغولات يدوية صنعتها بيدها من سعف النخيل، يجلس بجانبها شيخ يسوق الربيان المجفف والأسماك المجففة (المشلق، الحساس) والأقط والسمن فيما بدأ آخر مهمته في تنظيم مزاد للحمام والدواجن حيث ترى العديد من محبي الحمام يتحلقون حوله دون أن يبدي أحد منهم اهتمام ببعض الأمراض التي تصيب تلك الطيور، وفي الجانب الآخر تجد أحد الشباب يعتلي سيارته لتسويق بعض الأجهزة الكهربائية والمنزلية حيث تباع تلك الأجهزة بأعلى سعر يصل إليه المزاد حتى لو كان أقل من سعرها المتعارف عليه في حين يمارس آخر مهمته في تسويق بعض الشتلات الزراعية وآخر ينادي على بضاعته من الخضار والتي تتميز كما يزعم بأنها إنتاج محلي من مزرعته .
#2#
سوق الأربعاء التي يتجاوز عمرها المائة عام لا يقتصر دورها على ممارسة النشاط التجاري ، بل يتعداه إلى الأنشطة الثقافية والاجتماعية وذلك من خلال اللقاءات التي تتم بين مختلف طبقات المجتمع من مثقفين وأدباء وشعراء وتبادل الأحاديث فيما بينهم ، بجانب توافد سكان القرى والبادية لعرض ما لديهم من بضائع أو شراء احتياجاتهم من السوق وفي ذلك فرصة لزيارة أقاربهم وأصحابهم مما ساهم في ازدياد الترابط بين سكان القرى والمدن في الأحساء ، يقول أحد المسنين: سوق الأربعاء لها طابع خاص يختلف عن الأسواق الأخرى، فوجوده بالقرب من عين الحارة يعتبر فرصة سانحة للكثير من أبناء المنطقة سواء من القرى أو الهجر والذين كانوا يتوافدون في السابق للتبضع أو لبيع ما لديهم من بضائع، حيث كان أغلبهم يستغل الفرصة لقضاء يومه في التنزه والاستمتاع بمياه عين الحارة، فمع أذان الظهيرة وتوقف الحركة في السوق يتوجه الكثير من المتسوقين إلى عين الحارة حيث تستمر هناك اللقاءات وتبادل الأحاديث والخبرات، كما يتم تنظيم بعض الصفقات التجارية من خلال الاتفاق على البضائع التي سيتم جلبها في الأسبوع المقبل.
#3#
أحد مرتادي السوق من أبناء المنطقة أكد أنه يحرص على ارتياد السوق بين الحين والآخر للبحث عن السلع والأدوات القديمة بالإضافة إلى بعض أنواع الطيور النادرة والتي يجلبها بعض الباعة من دول مجاورة كالكويت والبحرين ، ويصف السوق بالإرث الحضاري الذي يمثل تاريخ وثقافة المنطقة من خلال اجتماع عدد من المتسوقين من شرائح مختلفة من المجتمع فمنهم الغني والفقير والمسن والطفل والرجل والمرأة ابن المنطقة والسائح الأجنبي في مشهد يعبر عن الألفة والمحبة بين البشر، كل منهم يقتني ما يحتاج من سلع وبضائع معروضة في السوق، ويرى أن السوق وعلى الرغم من تاريخه وتميزه في عدة نواح إلا أنه لا يزال بحاجة إلى اهتمام أكثر من قبل بلدية المنطقة والهيئة العليا للسياحة حيث يجب تطوير السوق والاستفادة منه كأحد المعالم السياحية في المنطقة وذلك من خلال تهيئة مباسط للباعة وتوفير دورات مياه ومطاعم مناسبة ومراكز تسوق ومواقف للسيارات خصوصا أن السوق تقع وسط الأحياء السكنية، كما يمكن إقامة ركن خاص بتاريخ الأحساء يضم بعض الصور للمواقع الأثرية والتاريخية في المنطقة وصور بعض الحرف التي كانت تمارس في المنطقة في السابق.