الإمدادات النفطية العالمية من الشرق الأوسط ترتفع 9 % في النصف الأول
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب انحسار نسبي في المخاطر الجيوسياسية، ما أدى إلى تراجع القلق على الإمدادات وأمن الممرات الملاحية، إضافة إلى تأثير تجدد المخاوف في النمو الاقتصادي العالمي مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات الأمريكية - الصينية حول نزاعات التجارة في مدينة شنغهاي الصينية.
ويكبح تراجع الأسعار استمرار التزام تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها بتقييد المعروض النفطي وظهور مؤشرات على انكماش الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري في ظل تباطؤ متوقع في أنشطة الحفر.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن الإمدادات النفطية العالمية من الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية ارتفعت بنسبة 9 في المائة و11 في المائة على التوالي على أساس سنوي.
وأوضحوا، أن المحادثات التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والصين في شنغهاي ربما تتمخض عن إجراءات داعمة للنمو الاقتصادي من خلال تضييق مستوى النزاعات التجارية.
وأشاروا إلى أن سوق النفط ما زالت تواجه وفرة في المعروض رغم تقييد الإنتاج والعقوبات، بينما أسهمت جهود المنتجين بالفعل في تسريع وتيرة السحب من المخزونات لعلاج الفائض وإعادتها إلى المستويات الصحية الملائمة لتوازن السوق.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن استئناف جولة جديدة من مفاوضات التجارة يرفع حالة التفاؤل بتوقعات نمو الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن موافقة بكين وواشنطن على استئناف المحادثات التجارية خلال قمة أوساكا لمجموعة العشرين في نهاية حزيران (يونيو) الماضي مهدت إلى مزيد من التقارب بين البلدين وعززت توقعات الوصول إلى اتفاق ينهي النزاعات التجارية.
وذكر أن العقوبات على إيران أسهمت في تقليص المعروض من النفط الخام خاصة مع تمسك تحالف المنتجين بقيود الإنتاج حتى آذار (مارس) المقبل، مبينا أنه رغم إنهاء التنازلات الأمريكية لمشتري النفط الخام الإيراني في أيار (مايو) الماضي، إلا أن بعض الخروقات من الجانب الصيني ما زالت قائمة لكنها محدودة.
وأوضح أن السعودية أصبحت بالفعل أكبر مورد للنفط الخام للصين في كل من حزيران (يونيو) الماضي وفى النصف الأول من العام الجاري.
من جانبها، قالت الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير المحللين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن آفاق الطلب على النفط الخام جيدة خاصة إذا حدث تقدم في الطريق إلى التوصل إلى تسوية للحرب التجارية، مشيرة إلى أنه خلال الفترة من كانون الأول (يناير) إلى حزيران (يونيو) 2019، زادت واردات الصين من النفط الخام من "أوبك" بنحو 10.2 في المائة على أساس سنوي.
وأضافت أن وضع المعروض النفطي جيد والأسواق ما زالت مزودة بشكل جيد بالرغم من العقوبات وتخفيضات الإنتاج حيث ارتفعت الإمدادات من الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 9 في المائة و11 في المائة على التوالي على أساس سنوي، وهو ما جعل تحالف المنتجين في "أوبك +" على قناعة تامة بضرورة تمديد قيود الإنتاج للحفاظ على حالة الاستقرار والتوازن في السوق النفطية.
من ناحيته، أوضح دان بوسكا كبير المحللين في بنك "يوني كريديت " الدولي، أن حالة التقلبات السعرية مهيمنة على السوق بسبب القلق من تطور الصراعات والضبابية المحيطة بالمحادثات التجارية لكن يمكن القول إن المخاوف تنحسر تدريجيا وهناك كثير من الأجواء الإيجابية والعوامل الداعمة لاستقرار السوق تهيمن على المشهد في سوق الطاقة.
ولفت إلى أن انخفاض أسعار العقود الآجلة للنفط الخام نتيجة لبقاء الأسواق قلقة بشأن الطلب العالمي وتوقعات النمو بينما في المقابل تقاوم الانخفاضات السعرية التوترات الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط التى تدفع الأسعار نحو موجة من الصعود المتتالي على الرغم من الجهود الدولية لاحتوائها.
بدوره، قال ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، إن هناك بيانات داعمة لصعود الأسعار تتمثل في تسارع وتيرة السحب من المخزونات النفطية لكن في المقابل توجد تقارير لوكالة الطاقة الدولية تتحدث عن مراجعات هبوطية لنمو الطلب العالمي على النفط، حيث أثرت سلبا على الأسعار إلى جانب تأثير الضعف المستمر في مؤشر مديري المشتريات العالمي.
وذكر أن وكالة الطاقة الدولية قامت بتعديل توقعاتها لنمو الطلب على النفط للشهر الثاني على التوالي بسبب بيانات الاستهلاك الأضعف للأمريكتين حيث تعد أن الطلب العالمي على النفط يتمحور حول أدنى معدل نمو سنوي منذ أواخر عام 2011، لافتا إلى أن المستثمرين ما زالوا قلقين بشأن المحادثات التجارية الأمريكية - الصينية التي بدأت في شنغهاي.
وأشار إلى أن أي تطورات إيجابية في المحادثات التجارية يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد العالمي حيث تذهب التوقعات لصفقة سريعة محدودة في الوقت الحالي.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس، وسط قلق المستثمرين من آفاق النمو الاقتصادي العالمي.
ونزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 37 سنتا أو ما يعادل 0.6 في المائة إلى 63.09 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:17 بتوقيت جرينتش. وارتفعت الأسعار 1.6 في المائة في الأسبوع الماضي.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 20 سنتا بما يوازي 0.4 في المائة إلى 56 دولارا للبرميل. وزاد الخام 1 في المائة في الأسبوع الماضي.
وتباطأ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بوتيرة أقل من المتوقعة في الربع الثاني مع ازدهار إنفاق المستهلكين وتعزز آفاق استهلاك النفط.
لكن النمو خارج الولايات المتحدة يتباطأ بوتيرة أسرع، ويرجع ذلك في جزء منه إلى تأثير الحرب التجارية الأمريكية - الصينية.
ويجتمع كبار المفاوضين الأمريكيين والصينيين هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ انهيار المحادثات بينهما في أيار (مايو) الماضي، فيما يسعى الجانبان إلى تسوية الخلافات العميقة بينهما. لكن التوقعات تشير إلى ضآلة احتمالات إحراز تقدم خلال المحادثات التي تجري في شنغهاي على مدى يومين.
وينصب اهتمام المتعاملين والمستثمرين على اجتماعات بنوك مركزية كبرى من بينهما مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي المتوقع أن يخفض أسعار الفائدة.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 64.02 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي مقابل 64.55 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة كسبت أكثر من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 62.93 دولار للبرميل.