أسعار النفط تحصد مزيدا من المكاسب بفضل تراجع المخزونات وتقييد المعروض
واصلت أسعار النفط الخام مسيرة المكاسب بتأثير عدد من العوامل القوية الداعمة لصعود الأسعار، في مقدمتها انخفاض المخزونات وترقب الأسواق لاتجاهات الفائدة الأمريكية، إلى جانب استمرار جهود تقييد المعروض النفطي من قبل تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، إضافة إلى استمرار انخفاض الإنتاج في فنزويلا وإيران.
ويكبح تحقيق مكاسب أوسع، استمرار المخاوف على الطلب وسط عدم تسجيل تقدم في مفاوضات التجارة الأمريكية - الصينية في جولتها الحالية بمدينة شنغهاي، إلى جانب استمرار زيادة الإمدادات من خارج "أوبك"، خاصة النفط الصخري الأمريكي وتسارع إنتاج كل من البرازيل والمكسيك والنرويج.
وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن هناك تغييرات في مجال تحول الطاقة مع زيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، والضغوط الدولية لخفض الانبعاثات، وهو ما تنبه له كبار منتجي النفط الخام في "أوبك" وخارجها، حيث يعملون على رفع الكفاءة والالتزام بالاتفاقات الدولية لخفض الانبعاثات، لافتين إلى أن الطلب على النفط، رغما عن ذلك سيظل قويا، بسبب النمو السريع للاقتصادات الناشئة خاصة في وسط آسيا.
وعدّ المختصون، أن السوق النفطية تقطع خطوات مهمة وسريعة نحو استعادة التوازن، تمثلت في بيانات قوية عن انخفاض المخزونات الأمريكية، واحتمال حدوث انفراجة في مفاوضات التجارة، وخفض وتيرة المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وأوضح جوران جيراس، مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، أن العوامل الداعمة للارتفاع باتت الأكثر تأثيرا في الأسعار، مشيرا إلى قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي المتوقع لخفض أسعار الفائدة، ما قد يؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي الأمريكي، وتعزيز توقعات الطلب، لافتا إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة تساعد كثيرا على ممارسة الضغوط الصعودية على النفط الخام.
وأضاف، أن هناك حالة من تضارب التقييمات لوضع الإمدادات الأمريكية، خاصة من النفط الصخري، مشيرا إلى أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة أن الزيادات في الإنتاج تميل إلى التباطؤ بشكل كبير، على الرغم من أن إنتاج ولاية مثل ولاية داكوتا الشمالية، ارتفع إلى 1.39 مليون برميل يوميا في أيار (مايو) الماضي، ولكن الإنتاج الأمريكي بشكل عام – وبحسب آراء قطاع كبير من المعنيين بالسوق – يتجه إلى الانكماش جراء استنزاف مناطق الحفر عالية الربحية.
من جانبه قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات، إن السوق النفطية تتجه بقوة نحو تصحيح أوجه القصور بها، التي أدت إلى اختلالات بين العرض والطلب، وإلى استمرار تقلبات الأسعار بشكل أضعف القدرة على تقييم وضع السوق، والتنبؤ بتطوراته وتوقعاته المستقبلية.
ونوه إلى أن بعض التقارير الدولية الموثوقة، أشارت إلى انخفاض مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 40 مليون برميل خلال الشهر ونصف الشهر الماضيين، مشيرا إلى أن الفائض الحالي للمخزونات فوق مستوى المتوسط في خمس سنوات، قد تقلص من 38 مليون برميل في حزيران (يونيو) 2019 إلى 15 مليون برميل في الوقت الحالي، وهي أمر إيجابي للغاية أن تعود المخزونات وتقترب من المستويات الطبيعية المستهدفة.
بدوره أكد أندريه يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، أن استقرار منطقة الشرق الأوسط وتأمين الملاحة والإمدادات النفطية هي أمور حيوية لاستقرار الصناعة وتأمين تجارة النفط الدولية، مشيرا إلى توقع شركة "رابيدان إنرجي" بأن إغلاق مضيق هرمز لمدة أسبوع واحد قد يكون كفيلا برفع سعر برميل النفط من 15 إلى 20 دولارا.
وأشار إلى أن انخفاض المخزونات هو مؤشر جيد على نجاح خطة المنتجين في "أوبك" وخارجها لتقييد المعروض، وعلاج حالة الوفرة الزائدة السابقة التي أدت إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب، خاصة في ضوء توقعات ضعيفة للطب جراء المخاوف المتعلقة بالنزاعات التجارية وتأثيرها الواسع على النمو الاقتصادي العالمي.
من جهتها، تقول أمبر لي المحللة الصينية في شركة "رينج" الدولية، إن جهود زيادة التحول في مجال الطاقة ورفع الكفاءة وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة المتجددة، هي ضرورة حيوية ولكن سيستمر النفط والغاز في قيادة مزيج الطاقة في العالم لعقود مقبلة، لافتة إلى الاحتياجات المتنامية للطاقة خاصة في الدول النامية سريعة النمو الاقتصادي ستتطلب الحاجة إلى كل موارد الطاقة.
وأشارت إلى أن تقارير لبنوك دولية مثل باركليز تشير – على سبيل المثال – إلى أن التوسع في الاعتماد على الطائرات بدون طيار، يمكن أن توفر 50 مليار دولار من استهلاك النفط الخام على مدى السنوات الخمس المقبلة، كما أن تقارير أخرى توضح أن مجلس الشيوخ الأمريكي خصص 3.5 مليار دولار كتمويل للمشاريع التي تقلل من الانبعاثات بما في ذلك البنية التحتية للسيارات الكهربائية وهو ما يمكن من حدوث تغييرات جوهرية متلاحقة على خريطة الطاقة العالمية ويجب أن تستعد لها كل الأطراف المعنية بصناعة النفط وكل موارد الطاقة الأخرى.
ومن ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، صعدت أسعار النفط للجلسة الخامسة أمس بدعم من انخفاض المخزونات الأمريكية وترقب المستثمرين قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ الأزمة المالية قبل أكثر من عشرة أعوام.
وبحلول الساعة 08:42 بتوقيت جرينتش زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 40 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 65.12 دولار للبرميل.
وارتفع خام غرب تكساس المتوسط الأمريكي 20 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 58.25 دولار للبرميل.
وكشفت بيانات معهد البترول الأمريكي، أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة انخفضت مجددا في الأسبوع الماضي وكذلك مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وانخفضت مخزونات الخام ستة ملايين برميل إلى 443 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 تموز (يوليو)، مقابل توقعات بانخفاضها 2.6 مليون برميل.
ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 64.62 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 63.79 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لـ"أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 63.92 دولار للبرميل.