أسعار النفط تميل إلى التراجع بعد تعثر مفاوضات التجارة الأمريكية - الصينية في شنغهاي
عادت أسعار النفط الخام إلى تسجيل تراجعات بعد انتهاء محادثات التجارة بين أمريكا والصين من دون تسجيل أي تقدم على طريق تسوية النزاعات التجارية، ما جدد المخاوف على النمو الاقتصادي، ومن ثم على مستويات الطلب على النفط الخام.
تأثرت الأسعار بقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي"، بخفض أسعار الفائدة مع نفي إجراء سلسلة من التخفيضات الأخرى لدعم الاقتصاد العالمي، إضافة إلى تأثير الزيادات السريعة والمتلاحقة من إمدادات النفط الصخري الأمريكي، التي تعزز وفرة المعروض في الأسواق.
في المقابل تكبح الخسائر السعرية تخفيضات الإنتاج التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، إضافة إلى بيانات تظهر استمرار التراجع في مستوى المخزونات النفطية، وهو ما وفر تماسكا جيدا نسبيا لمستوى الأسعار.
وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، "إن السوق أصبحت أقل في مستوى تقلبات الأسعار، لكنها تواجه مخاوف متسعة على النمو، ومن ثم على مستوى الطلب، كما بات من المحتمل بشكل كبير حدوث وفرة لافتة في المعروض، في العام المقبل 2020، ما يتطلب جهودا أوسع لاستعادة التوازن والاستقرار في السوق".
وأوضح سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أنه يبدو أن السوق كانت مفرطة نسبيا في التفاؤل بمسار المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي اختتمت في شنغهاي من دون إحراز تقدم، جاء ذلك بالتزامن مع إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أنه لا يعتزم إجراء سلسلة من التخفيضات على أسعار الفائدة، كما كان متوقعا سابقا، عادّا هذه المستجدات أدت إلى عودة هبوط الأسعار.
وقال "إنه عمليا صارت أسعار النفط الخام تتحرك في إطار نطاق محدود صعودا وهبوطا نتيجة وجود عديد من العوامل القوية متضادة التأثير في السوق"، لافتا إلى أن الأسعار مدعومة بانقطاع الإمدادات وتخفيضات "أوبك +" والاضطرابات الجيوسياسية من جانب، لكن تواجه على الجانب الآخر تحديا بضعف الطلب وعودة فائض يلوح في الأفق في الفترة المقبلة.
من جانبه، أكد أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية، أن انخفاض حدة التقلبات في السوق هو أمر إيجابي وهدف يعمل على تحقيقه المنتجون بصفة أساسية، مشيرا إلى أن الأسعار تتحرك بشكل هادئ ومن دون إفراط سواء في الصعود أو التراجع.
وأشار إلى أن الأسعار ما زالت تتلقى دعما إيجابيا من الانخفاض المتسع في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية، علاوة على تقييد المعروض من قبل تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، ولولا تأرجح مستويات الطلب لكان يمكن أن تتوازن السوق بشكل جيد وسريع، خاصة أن صادرات إيران من النفط الخام تواصل انخفاضها، حيث تشير بعض التقارير إلى انخفاض الشحنات الإيرانية إلى 100 ألف برميل يوميا في تموز (يوليو)، وهو انخفاض كبير، من 400 ألف برميل في حزيران (يونيو).
بدوره أفاد رينهولد جوتير، مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، أن احتمالية تباطؤ الإنتاج الأمريكي ستدعم صعود الأسعار على نحو جيد، خاصة أن المنتجين التقليديين يضحون ببعض من حصصهم السوقية جراء تخفيض إنتاجهم في مقابل حدوث زيادات في الإنتاج الأمريكي، للحفاظ على تماسك الأسعار وعلاج وفرة المعروض.
ونوه بأن البيانات الأخيرة من الولايات المتحدة قد تدفع إلى ممارسة بعض الضغوط الصعودية على النفط الخام، حيث سجلت إدارة معلومات الطاقة انخفاضا طفيفا في إنتاج النفط الأمريكي في أيار (مايو) وسط توقعات بتباطؤ أنشطة الحفر وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستثمار وسرعة نضوب الحقول الأمريكية القائمة بالفعل.
من جهتها قالت جولميرا رازيفا كبير المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، "إن استمرار الشراكة بين "أوبك" وخارجها يكفل للسوق كيانا قويا قادرا على ضبط إيقاع السوق في فترات عدم الثقة"، مشيرة إلى أن هذا التعاون قادر على التغلب على ضعف الطلب وعدم اليقين الاقتصادي وفائض العرض المتوقع في عام 2020.
وأشارت إلى أن تعثر مفاوضات التجارة في هذه المرحلة يزيد من أعباء السوق، ويعزز المخاوف على النمو ومن ثم التأثير سلبا في الطلب، وفي المقابل هناك مخاوف من اتساع وفرة المعروض، خاصة مع صدور توقعات وكالة الطاقة الدولية حول موجة وفيرة من الإمدادات في عام 2020، عادّة هذه الوفرة في حال حدوثها من شأنها أن تدفع "أوبك +" إلى التمسك بقيود أعمق في الإنتاج، للحيلولة دون انهيار الأسعار، معربة عن أملها في نجاح التعاون الدولي لتفادي الركود الاقتصادي الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية عديدة.
وتراجعت أسعار النفط أمس، لتسجل أول انخفاض في ستة أيام بعدما أحبط مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي"، آمال البدء في سلسلة من تخفيضات سعر الفائدة، إضافة إلى انتهاء المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من دون تقدم واضح تجاه حل النزاع التجاري المرير.
وبحلول الساعة 0709 بتوقيت جرينتش، نزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 68 سنتا أو 1 في المائة إلى 64.37 دولار للبرميل، بعدما فقدت أكثر من دولار في وقت سابق من الجلسة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط الأمريكي 72 سنتا أو 1.2 في المائة إلى 57.86 دولار للبرميل، بعدما تراجعت بأكثر من دولار في وقت سابق من الجلسة.
جاء هذا التراجع على الرغم من انخفاض المخزونات الأمريكية أكثر من المتوقع وتراجع إنتاج الخام بين الدول الأعضاء في "أوبك"، إضافة إلى انخفاض الصادرات الليبية، وهي من العوامل التي تدفع السوق إلى الارتفاع عادة، لكن الإنتاج الأمريكي ارتفع في سوق لا تزال متخمة بالمعروض.
وخفض المركزي الأمريكي سعر الفائدة الأربعاء، لكن رئيسه خالف التوقعات، قائلا "إن تلك الخطوة قد لا تكون بداية لسلسلة طويلة من التخفيضات لدعم الاقتصاد في مواجهة مخاطر من بينها ضعف الاقتصاد العالمي".
في الوقت نفسه، اختتم مفاوضون من الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، محادثات تجارية يوم الأربعاء من دون مؤشرات واضحة على إحراز تقدم وأرجأوا اجتماعهم المقبل حتى أيلول (سبتمبر).
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء، "إن مخزونات الخام الأمريكية تراجعت للأسبوع السابع على التوالي، لتنخفض إلى أدنى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) على الرغم من انتعاش الإنتاج وزيادة صافي الواردات".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 65.53 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 64.62 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لـ"أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 64.58 دولار للبرميل".