علامات تجارية بنكهة إسلامية .. إقبال متزايد من قطاع الصناعة
بضغطة زر واحدة على جهاز الحاسوب " شبكة الإنترنت العالمية " أو بالاطلاع على زحمة الإعلانات التي تبثها مئات القنوات الفضائية يمكنك اليوم أن تتعرف على عشرات بل ربما مئات العلامات التجارية التي تحمل نكهات إسلامية.
إنها ليست ظاهرة حديثة تماماً لكنها باتت واسعة الانتشار، فامتداداً للماضي شهدت الأعوام الأخيرة إقبالا متزايدا على إطلاق أسماء الرموز الإسلامية أو ذات الصلة بالإسلام على المنتجات كنوع من الدعاية.
أقدم هذه المنتجات كان مشروب "زمزم كولا" الإيراني الذي حرص منتجوه على الإشارة في إعلاناتهم له إلى أنه البديل الإسلامي للمياه الغازية الأمريكية، وعلى غرار زمزم كولا ظهرت لاحقاً منتجات أخرى تحمل أسماء إسلامية مثل "مكة كولا" الذي ظهر لأول مرة في الأسواق الفرنسية عام 2002، و"رواء كولا"، و"مسلم أب"، و"عرب كولا"، و"هدى كولا" إضافة إلى منتجات أخرى مثل (حلال تشيكن) بديلا عن شركة الدجاج الأمريكية "كنتاكي".
صحيح أن أكثر من نصف القيمة السوقية لأسهم الشركات اليوم تنجم عن أمور مثل هذه أي أمور غير ملموسة مثل العلامات التجارية كما يقول الاقتصاديون، فالعلامة التجارية هي النشاط العملي والفعلي للشركات، كما تقول لشيلي لازاروس الرئيسة التنفيذية لواحدة من الشركات العالمية، لكن ما يجعل مثل هذه الأمور مثيرة للشك والتساؤل خاصة من الناحية الأخلاقية هو استغلالها المشاعر والرموز الإسلامية لترويج أنشطتها وتحقيق المكاسب.
عالم الأزياء .. القدس عنوانا لسروال جينز
هذه العدوى انتقلت إلى عالم الأزياء وهذا أمرُ طبيعي باعتبار أنها تشكل واحدة من الضروريات التي يسعي الإنسان لإشباعها، فبعد النجاح الذي لاقته موضة الأزياء الفرنسية التي حملت اسم «حلال»، التي صممت من أجل أن تناسب التقاليد الإسلامية لمسلمي فرنسا إثر الجدل الذي شهدته فرنسا بشأن ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية، طرحت إحدى شركات تصميم الأزياء الإيطالية مجموعة من سراويل الجينز "بنطال" بمواصفات إسلامية صممت لتتناسب مع أداء الرجال، وتقول الشركة الإيطالية المنتجة للجينز الجديد في إعلاناتها: إنه يتميز بالاتساع عند منطقة الساقين، وارتفاع الخصر لتغطية منطقة أسفل الظهر أثناء السجود، وهو مزود بجيوب كثيرة ليضع فيها المصلي متعلقاته كالهاتف المحمول والساعة في أثناء الوضوء والصلاة.
كما اختار المصمم الإيطالي الذي قام بالتصميم واسمه "لوكا كورادي" اللون الأخضر المستخدم في الرموز الإسلامية ليكون لون الخيوط الجانبية للسروال، ومضت الشركة المتمركزة في مدينة أودينا شمالي إيطاليا أبعد من ذلك حينما صرح مسؤولوها بأن أول جينز إسلامي يجب أن يكون مصنوعا بأيد إسلامية ولذا اختارت مصنعا في مدينة كراتشي بباكستان ليكون به خط الإنتاج حيث يعمل نحو 15 ألف عامل مسلم، وأضاف المسؤولون أنهم لا يرغبون في الاكتفاء بتسويق السروال الذي تبلغ قيمة القطعة الواحدة منه 25 يورو بين مسلمي إيطاليا فقط البالغ عددهم نحو مليون نسمة، وإنما تريد توسيع نطاق العمل ليشمل شريحة لا تقل عن 18 مليون مسلم بأوروبا، وكذلك الانتقال بالمنتج إلى الدول الإسلامية.
المنتجات الإلكترونية.. القرآن الكريم على شاشة تلفاز
وفي سيئول العاصمة الكورية الجنوبية أعلنت "إل جي"، الشركة المتخصصة في صناعة الشاشات المسطحة في العالم في شهر رمضان الماضي، إطلاق تلفزيون يحتوي على قرآن كريم داخلي، ويتيح تلفزيون البلازما الجديد للمشاهدين تلاوة المصحف الشريف والبحث عن الآيات ووضع علامات على السور والاستماع إليها، ويتضمن التلفزيون كذلك واجهة متعددة اللغات للتصفح، ويمكن تلاوة المصحف على الشاشة باللغتين العربية والفارسية. ويوجد أعلى الشاشة شريط يعرض اسم السورة وأرقام الآيات والوقت.
وفي البيان الإعلاني للشركة يصرح المسؤولون أن التلفزيون الجديد " سيوفر للمؤمنين بالله ورسوله طريقة جديدة للتلاوة خلال شهر رمضان المبارك الذي يتميز بنفحة روحية خاصة. و"إل جي" باعتبارها علامة تجارية تكن احتراماً عميقاً للمسلمين فإنها ملتزمة بضمان تقديم حلول تلبي الاحتياجات المحلية، ومن المؤكد أن القرآن الكريم المدمج في تلفزيونا الجديد يأتي كتعبير حقيقي عن هذا الالتزام".
وللعلم فإن شركة إل جي سبق أن أنتجت هاتفا للقبلة يدل مستخدمه على اتجاه القبلة نحو مكة المكرمة، وذلك من أكثر من 500 مدينة في العالم.
الخطوة مقبولة ولكن!
برى بعض المتابعين أن الخطوة مقبولة من منظور تنافسي وليست ممنوعة من الناحية القانونية. إلا أنها مثيرة للشك والتساؤل من الناحية الأخلاقية، إذ من غير المقبول استخدام مثل هذه الوسائل سلاحا لإقناع المسلمين بالمشاركة في أنشطتها الاقتصادية، وينادي هؤلاء بضرورة التزام هذه الشركات وأصحابها بالمبادئ والقيم الأخلاقية, وأن يضعوا خطا بين ما يعد منافسة عادلة وبين استغلالية الدين.
وفي استطلاع قامت بها وسائل إعلام أوروبية لمعرفة اتجاهات رأي المسلمين الذين يعيشون في أوروبا باعتبار أن جزءا من هذه المنتجات موجه لهم اتفق كثير من الآراء على أن الأمر لا يخرج عن كونه بحث عن مكاسب مادية ومصالح شخصية، وهي في نظرهم إذا استجيب لها فقد تأتي بنتائج سلبية للمسلمين داخل المجتمعات الأوروبية، فهذه الشركات على رأي البعض تعلم معنى وقيمة مثل هذه الأسماء لدى المسلمين، واستغلالها لها يثير شكوكا لدى كثيرين، وفي المقابل نادي هؤلاء بإعادة النظر في استخدام الرموز والمقدسات الإسلامية في الأعمال التجارية ومن ثم رفض استغلال الشركات الكبرى لها في خطوة لاحقة؛ لما في الاستغلال التجاري من انتقاص للمكانة الروحية للمكان.