172 مليار دولار أدوات دخل ثابت خليجية مقومة بالعملات المحلية .. 65 % منها سعودية
أثبتت أسواق الدخل الثابت السعودية أنها الأنشط خليجيا بعد أن استحوذت المملكة على 65.1 في المائة من إجمالي الإصدارات القائمة المقومة بالعملات المحلية لدول منطقة الخليج، وذلك بحسب دراسة بحثية.
أما على صعيد الإصدارات القائمة المقومة بالعملة الصعبة، فجاءت السعودية في المرتبة الثانية بعد الإمارات، وذلك بعد أن استحوذت على 27 في المائة من إجمالي الإصدارات الخليجية.
ويقصد بأدوات الدخل الثابت القائمة إصدارات السندات والصكوك التي تم إصدارها خلال فترات سابقة ولم يحن أجل إطفائها.
وكشفت الدراسة البحثية الصادرة عن بنك أبوظبي الأول حول إدارة الدخل الثابت، عن بيانات أقرب إلى النادرة حول واقع إصدارات أدوات الدين في الأسواق المحلية لدول المنطقة، نظرا لتطرقها للإصدارات المقومة بالعملات المحلية لكل دولة.
وفي حين بلغ إجمالي أدوات الدخل الثابت المقومة بالعملة المحلية لمنطقة الخليج 172 مليار دولار، استحوذت السعودية على 112 مليار دولار من تلك الإصدارات القائمة والمقومة بالريال السعودي.
ولعل تلك الإحصائية توضح مقدار الإصلاحات الاقتصادية التي وجهتها الدولة في الأعوام الأخيرة نحو أسواق الدين المحلية، إذ لعبت الإصدارات الحكومية القادمة من وزارة المالية "مكتب الدين العام" ومؤسسة النقد العربي منذ 2015 دورا ملحوظا في تنشيط السوق المحلية.
التفضيل للصكوك
وفي الوقت ذاته جاءت "الصكوك" كأبرز أدوات الدين تفضيلا مع جهات الإصدار المحلية، إذ بلغ إجمالي الصكوك المقومة بالريال ما يقارب 65 مليار دولار "أي أنها تشكل 58 في المائة من الإجمالي".
وحلت السندات في المرتبة الثانية من بين أدوات الدين الأكثر استعمالا مع الإصدارات المقومة بالريال، وذلك عندما بلغت قيمتها ما يقارب 47 مليار دولار "تشكل 42 في المائة"، وفقا للورقة البحثية المعدة في تموز (يوليو).
إصدارات العملات الصعبة
وبلغت قيمة أدوات الدين الخليجية القائمة والمقومة بالعملة الصعبة خلال تموز (يوليو) الماضي 382 مليار دولار منها 104.8 مليار دولار لمصلحة جهات الإصدار السعودية، علما أنه تم استثناء أذونات الخزانة من الدراسة وذلك لكون آجالها قصيرة الأجل.
وارتكزت البيانات على ما تم إصداره من أدوات دين مقومة بالعملات الصعبة كالدولار واليورو والين والجنيه الاسترليني.
وكانت الإصدارات السيادية للسعودية هيمنت على 60 في المائة بقيمة 62.9 مليار دولار من إجمالي الإصدارات المقومة بالعملة الصعبة، متبوعة بالمؤسسات التابعة للحكومة بنسبة 24 في المائة بقيمة 25.7 مليار دولار، والجهات المالية بنسبة 15 في المائة بقيمة 15.3 مليار دولار.
الطفرة الأولى
معلوم أن قيمة أدوات الدين الخليجية القائمة والمقومة بالعملة الصعبة خلال تموز (يوليو) الماضي، بلغت 382 مليار دولار، إذ أسهمت فورة الإصدارات السيادية قبل أربعة أعوام في الاستحواذ على 47.7 في المائة منها، أي أن حكومات المنطقة لديها أدوات دين قائمة حاليا بقيمة 182 مليار دولار.
هذا الأمر جعل صحيفة "وول ستريت جورنال" تشبه ما يجري في أسواق الدخل الثابت الخليجية بـ"طفرة" الإصدارات السيادية، وذلك خلال تغطيتها لأنشطة بنوك الولايات المتحدة الأمريكية مع جهات الإصدار الشرق أوسطية.
وأظهر رصد لصحيفة "الاقتصادية" نشرته في 15 آب (أغسطس)، ارتفاع أحجام الإصدارات السنوية لأدوات الدين الخليجية من السندات والصكوك خلال العام الماضي، بنسبة 431 في المائة مقارنة بعام 2008، إذ بلغت 79 مليار دولار مقارنة بـ14.8 مليار دولار.
وقبل 2016 كانت الشركات التابعة للحكومات متسيدة لواجهة الإصدارات في المنطقة، وذلك بسبب استفادتها من الدعم الحكومي الذي انعكس على حصولها على تصنيف ائتماني مماثل للتصنيف الائتماني السيادي، الأمر الذي مكنها من إصدار أدوات دين بتكلفة تنافسية مقارنة بشركات المنطقة التي تتأثر بارتفاع تكلفة التمويل بسبب انخفاض التصنيف الائتماني.
ولذلك لم يكن مستغربا أن تصل حصة الشركات من أدوات الدين القائمة إلى 4.2 في المائة أي 15.9 مليار دولار.
وجاءت الشركات التابعة للحكومات في المرتبة الثانية من حيث أدوات الدين القائمة، وذلك بنسبة 24.4 في المائة بما يعادل 93.3 مليار دولار، وتلاها بفارق بسيط المؤسسات المالية بـ23.7 في المائة من إجمالي الديون الخليجية القائمة بما يعادل 90.6 مليار دولار.
سيولة تنتظر التوظيف
وتفوق أداء سندات المنطقة الخليجية في الأسابيع الماضية على بقية أدوات الدين الشرق أوسطية وشمال إفريقيا وتركيا.
فيما يتفوق الطلب على أدوات الدين الخليجية الجديدة على المعروض في السوق، ويترقب المستثمرون استئناف الإصدارات في أيلول (سبتمبر) الحالي، حيث هناك سيولة تنتظر أن يتم استثمارها بإصدارات جديدة.
الاختلالات التسعيرية
وجنت السيولة الذكية للمستثمرين المؤسسيين ثمار الفرص الاستثمارية التي تولدت من جراء الاضطرابات الجيوسياسية أواخر العام الماضي التي بدورها أوجدت اختلالات تسعيرية للقيمة العادلة لأدوات دين المنطقة الخليجية.
وحققت تلك الأدوات أداء متميزا لمن احتفظ بها خلال تلك الفترة، وذلك على الرغم من التوترات الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط، حيث يراهن مستثمرو السندات أن اقتصاديات المنطقة سيكون أداؤها أفضل هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية.
تاريخيا، دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت عدم حصولها على التقدير اللازم "كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة".
ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول هذه في معظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة بالاستثمار في الأسواق الناشئة.
إلا أن الأمر برمته بدأ في التغير تدريجيا مع نهاية كانون الثاني (يناير) عندما شرعت مؤشرات "جي بي مورجان" بإضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة بأدوات الدخل الثابت.
الصكوك العالمية القائمة
وتصل قيمة الصكوك العالمية القائمة إلى 443.7 مليار دولار، وفقا لورقة بحثية صادرة عن "السوق المالية الإسلامية الدولية، ويعود 90.44 في المائة من تلك الصكوك إلى السعودية، الإمارات، ماليزيا، البحرين وإندونيسيا.
فيما تصل قيمة الصكوك الدولية التي يحين أجل استحقاقها في العام الجاري والمقبل إلى 73.3 مليار دولار، ومن المنتظر أن يعاد تمويل تلك الإصدارات عبر إصدارات جديدة من جهات الإصدار نفسها التي ستقوم بإطفاء إصداراتها عندما يحين أجل الاستحقاق.
* محلل أدوات الدين والائتمان