وسط معارضة «عمالية» قوية .. اتفاق حول «بريكست»
أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون أمس التوصل إلى اتفاق حول "بريكست" قبل انعقاد القمة الأوروبية وبعد أيام من المفاوضات الشاقة.
وعقب الإعلان عن الاتفاق، سارع الوحدويون الديمقراطيون الإيرلنديون الشماليون وزعيم حزب العمال البريطاني إلى رفض الاتفاق.
وبحسب "الفرنسية"، غرد يونكر على حسابه في تويتر "حصلنا عليه"، في حين تحدث جونسون عن اتفاق جديد "عظيم".
ووصف يونكر، الاتفاق بأنه "عادل ومتوازن" وأوصى قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 بإعطاء الضوء الأخضر له خلال قمتهم في بروكسل.
واستفاد الجنيه الاسترليني من الإعلان وارتفع 1 في المائة أمام الدولار، في حين كانت الأوساط الاقتصادية تخشى تبعات عدم التوصل إلى اتفاق في نهاية تشرين الأول (أكتوبر).
ولكن لا يزال يتعين إقرار الاتفاق في البرلمانين البريطاني والأوروبي، ويتطلب تمريره في بريطانيا بشكل خاص أصوات الحزب الديموقراطي الوحدوي الصغير الإيرلندي الشمالي، الذي أعلن رفضه للاتفاق الجديد.
ووصف ميشال بارنييه، كبير المفاوضين الأوروبيين الاتفاق بأنه "عادل ومعقول ويتفق مع مبادئنا"، مضيفا أن جونسون بدا واثقا خلال مكالمته مع يونكر من الحصول على تأييد البرلمان.
وبدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه "واثق بدرجة معقولة" من موافقة النواب البريطانيين على الاتفاق.
ودعا جيريمي كوربن زعيم حزب العمال المعارض، النواب إلى رفض الاتفاق، مضيفا في بيان أن الاتفاق "لن يجمع البلد معا ويجب رفضه.. أفضل حل لـ"بريكست" هو إعطاء الشعب الكلمة الأخيرة في تصويت عام".
وقال كوربين "بناء على المعلومات الواردة إلينا، يبدو أن رئيس الوزراء تفاوض من أجل اتفاق أسوأ، حتى من اتفاق تيريزا ماي، الذي كان رفض بأغلبية ساحقة".
وعمل المفاوضون الأوروبيون والبريطانيون حتى وقت متأخر لليلة الثانية للتوصل إلى اتفاق يمكن عرضه على القمة الأوروبية، مع عودة التفاؤل الأسبوع الماضي بعد تقارب جديد بين دبلن ولندن.
والاتفاق هو الثاني من نوعه لتنفيذ نتيجة استفتاء 2016 بعد أن رفض النواب البريطانيون الاتفاق الأول ثلاث مرات.
ودعا جونسون النواب إلى الموافقة على الاتفاق الجديد خلال جلسة استثنائية تعقد غدا السبت بعد أن توعد مرارا بأنه سينفذ "بريكست" نهاية الشهر، سواء باتفاق أو دون اتفاق.
وستكون مهمته أمام البرلمان حساسة بعد أن فقد أغلبيته ولم يعد في وسعه الاتكال على دعم الحزب الديمقراطي الوحدوي، الذي يشكل جزءا من ائتلاف برلماني مع حزبه المحافظ.
وقضى الحزب على أي تفاؤل بإصداره بيانا ذكر فيه أنه "لا يمكننا دعم ما هو مقترح حول قضيتي الجمارك وموافقة سلطات إيرلندا الشمالية على مشروع بريكست"، وهما نقطتان خلافيتان أساسيتان بين لندن والاتحاد الأوروبي، وتحدث الحزب عن "عدم وضوح بشأن رسم القيمة المضافة" الذي سيطبق في إيرلندا الشمالية.
ولكن الحزب، الذي يمثله عشرة نواب في مجلس العموم، أشار إلى أنه "سيواصل العمل مع الحكومة للتوصل إلى اتفاق معقول لصالح إيرلندا الشمالية ويحمي السلامة الاقتصادية والدستورية للمملكة".
ورغم صغر حجمه، غير أن موافقة هذا الحزب مهمة لأن جونسون لا يملك الأغلبية، ولأن مجموعة المؤيدين المتشددين لـ"بريكست" داخل حزب المحافظين، وهم نحو 50 نائبا اشترطوا موافقة هذا الحزب للتصويت لمصلحة الاتفاق.
وركزت المحادثات بين لندن وبروكسل على عدد من القضايا الحساسة، وتشمل كيفية تجنب عودة الحدود بين إيرلندا، عضو الاتحاد الأوروبي، ومقاطعة إيرلندا الشمالية، وهي جزء من المملكة المتحدة، من أجل الحفاظ على السلام في الجزيرة مع السماح بوجود نقطة للتفتيش الجمركي، وحق سلطات إيرلندا الشمالية في أن تتفحص اتفاق الطلاق أو العلاقة في المستقبل.
وأدت التطورات المتصلة بـ"بريكست" إلى إرباك منظمي القمة، إذ لم ينشروا خلافا للمعتاد جدول الأعمال سوى صباح أمس.
وبالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيناقش رؤساء الدول والحكومات الوضع في تركيا والعودة بشكل خاص إلى الموقف الأوروبي من الهجوم التركي في شمال شرق سورية.
وسيتطرقون إلى مسألة توسيع الاتحاد الأوروبي ليشمل مقدونيا الشمالية وألبانيا قبل مناقشة ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة من 2021 إلى 2027.
من جهة أخرى، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن رضاها عن تقدم المفاوضات، مضيفة "إنه نبأ سار"، لافتة إلى أن الاتفاقية، التي تم التفاوض بشأنها تفتح إمكانية الحفاظ على سلامة السوق الأوروبية الموحدة، وكذلك على اتفاقية الجمعة العظيمة بشأن إنهاء النزاع المتعلق بإيرلندا الشمالية، معتبرة أن إعلان رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار عن رضاه "إشارة في غاية الأهمية".
ووصف فارادكار الاتفاق بأنه جيد بالنسبة لجمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية، وغرد على "تويتر" قائلا: "حظينا باتفاق بريكست يتيح خروج المملكة المتحدة بطريقة منظمة.. لدينا حل فريد من أجل إيرلندا الشمالية يحترم تاريخها وجغرافيتها الفريدة"، مشيرا إلى تجنب "الحدود المتشددة" وحماية مكانة إيرلندا في السوق الأوروبية الموحدة.
من ناحيته، وصف بيتر ألتماير، وزير الاقتصاد الألماني، الاتفاق بأنه "بصيص ضوء في نهاية النفق"، مشيرا إلى أن مثل هذه الاتفاقية تفتح فرصة بإمكانية الحد من التأثيرات السلبية لـ"بريكست" على الاقتصاد الألماني.