جون سينا يصارع الحريق في فيلم «اللعب بالنار»
إن اختيار مشاهدة فيلم من فئة الكوميدي ليس أمرا صعبا، فيكفي أن نجول بأعيننا على الأفلام المعروضة ونختار ما هو مسل ومضحك، وغالبا ما نكون في حاجة إلى استراحة داخلية والتنفيس عن الضغوط التي نتعرض لها في كل لحظة ودقيقة من حياتنا، وتختلف الكوميديا ما بين الأفلام الساذجة التي لا تهدف إلا إلى الضحك، والأفلام التي تجمع ما بين الأفكار النيرة والقيمة في قالب مسل ومضحك، تماما كما حصل في فيلم playing with fire الذي يقوم ببطولته جون سينا المصارع الكبير ونجم WWE.
سينا ينقذ 3 أطفال
يبدأ الفيلم بمشاهد الحريق الذي يندلع في أنحاء مختلفة من المنطقة، ليقدم فكرة واضحة عن مغزى الفيلم وهو حياة رجال الإطفاء وكيف أنهم يخاطرون بحياتهم من أجل إنقاذ الآخرين، وفي أقل من 15 دقيقة تدخل القصة في صلبها، عندما يجد جيك كارسون رئيس مركز الإطفاء -يلعب دوره جون سينا- في إحدى المناطق حريقا هائلا في أحد المنازل الخشبية، فيتوجه بعزم وقوة ليهبط من المروحية ويواجه الحريق وينقذ ثلاثة أطفال محتجزين داخل المنزل، يتشبث بهم وترفعهم الطائرة، وبهذا الإنجاز يصبح من المرشحين لتسلم رئاسة جميع مراكز الإطفاء في الولاية.
شخصية قاسية لكنها عاطفية
يتميز سينا في هذا الفيلم بشخصية غريبة نوعا ما؛ فهو فقد والده الذي كان رائدا في الإطفاء، وترعرع داخل المركز، حيث كانت عائلته هم الإطفائيين، حتى إنه كان ينام في غرفتهم ويتناول من طعامهم، فانحصرت كل طفولته بين هذه الجدران، التي جعلت منه إنسانا كئيبا لفقدانه والده في عمر الطفولة، لا يعلم كيفية التصرف مع الآخرين، ولا يعلم كيف يحب ويعبر عن مشاعره، إنها مزيج من الشخصية القوية التي تسارع لترمي نفسها في النار والشخصية الضعيفة التي لا تعلم خبايا وأسرار الحياة، لا تعلم كيف تفرح ولا كيف تبكي، ولقد بدأت هذه الصفات في الظهور عندما أنقذ الأطفال الثلاثة وهم الطفل ويل -يلعب دوره كريستيان كونفيري- والفتاة المراهقة برين -تلعب دورها بريانا هيلدبراند- والطفلة الصغيرة التي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام وتدعى زوي، تؤدي دورها فينلي روز سلاتر.
أطفال يغيرون الكبار
أنقذهم وجاء بهم إلى منزله وهو مركز الإطفاء، وهنا بدأت المشاهد الكوميدية تتوالى واحدا تلو الآخر، الطفل ويل مشاغب، لم يترك قرنة من المنزل إلا وأفسدها، أما الفتاة فهي تحاول أن تحمي إخوتها اليتامى الذين هربوا جميعا من دار الرعاية، التي أصدرت قرارا بتفريقهم، هم عائلة فقدوا أهلهم في حادث ويحاولون لم شملهم، لكن ما تقوم به دور الرعاية يكسر قلبهم ويفسد حبهم وولاءهم لبعضهم بعضا، أخفت تلك الحقيقة عن جيك وحاولت أن تتنصل في كل مرة يوجه إليها الأسئلة، لكن في يوم من الأيام اعترفت بحالتهم المأساوية في جو من التآلف العاطفي، فهو لا يعلم كيف يتصرف مع العائلة وهي فتاة ترشده إلى الصواب، أخرجت بحديثها معه كل مخاوفه وجعلته يعبر عن مشاعره، يبتسم ويبكي، جعلته يجلس إلى جانب شقيقتها وشقيقها ليخبرهم قصة ما قبل النوم، جعلته يخفف من حذره الذي كان يقف حاجزا بينه وبين الحياة الطبيعية، كل هذه المشاعر كان يجهلها ولم يعشها منذ طفولته، جعلته يتقرب من امرأة معجب بها لكنه كان يخاف أن يعبر لها تدعى د. إيمي -تلعب دورها الممثلة جودي جرير- وبعد أن نجحت في قلب جميع الموازين وصلت إلى النقطة الحاسمة، وهي العودة إلى مركز الرعاية، فهل سيتخلي عنهم وماذا سيختار العائلة أم الترقية الوظيفية؟
أفكار بسيطة وسيناريو متقن
إن كمية الأفكار التي عرضت من خلال هذا الفيلم كانت كثيرة لكنها سلسة وبسيطة، ولقد حاول مؤلفو السيناريو دان إوين وماثيو ليبرمان طرح صراع الإنسان مع نفسه، تراكم عقد الإنسان النفسية من طفولته البائسة، حب العائلة التي لا يضاهيها أي شيء موجود على كوكب الأرض، المأساة الإنسانية التي تخلفها دور الرعاية في نفسية الأطفال، الرومانسية المزدهرة بين جيك وآيمي، وفي النهاية تدمع العين لبعض الحوارات الدرامية، لذلك جاء الفيلم ضمن نطاق الدراما الممزوجة بالكوميديا.
أفلام لأبطال مصارعة تحاكي الطفولة
لا تتوانى هوليوود عن استعمال الأشخاص ذوي العضلات الضخمة في أفلامها التي بدأت على ما يبدو تفقد بريقها، فنراها تارة تعيد إحياء أفلام قديمة أو أجزاء مكملة لأفلام قد عرضت، حيث قررت شركة بارامونت بيكتشرز إعادة إنتاج فيلم الحركةFace / Off ، الذي طرح عام 1997، وقام ببطولته كل من جون ترافولتا ونيكولاس كيج، أما الآن فهي تستخدم مشاهير المصارعة كأبطال في أفلامها، ولعل هذا يعود إلى الربح المادي الذي تهدف إليه من خلال اتباع هذه الخطوات، واللافت هو التفاعل الذي تطرحه ما بين المصارعين والأبطال الصغار، ولقد ظهر هذا منذ أن أطلقت هوليوود فيلم kindergarten cop بطله المصارع أرنولد شوازنيجر، وفيلم tooth Fairy بطله أيضا المصارع داوين جونسون، والآن جون سينا في فيلم "اللعب بالنار" الذي رافقه المصارع السابق أيضا تايلر ماني، الذي لعب دور البطل في فيلم Rob Zombie's Halloween، ولقد ظهر في فيلم "اللعب بالنار" كرجل إطفاء لا يضحك ولا يتكلم مطلقا، بل كان يحمل فأسا وينظر بجدية طوال الوقت، لكن في النهاية الطفلة الصغيرة استطاعت أن تضحكه، وقدم لها هدية فأسا صغيرة تحملها على كتفها كما يفعل هو دائما.
تصوير جميل ببساطته
على الرغم من بساطة التصوير إلا أن المخرج أندي فيكمان برع في نقل صورة واقعية إلى قلب وعقل المشاهد الذي اندمج مع الشخصيات الموجودة في الفيلم، التي أظهرت أداء تمثيليا طبيعيا ورائعا، فتعابير وجوه كل الممثلين كانت حقيقية، مشاهد الكوميديا كانت عفوية، ومشاهد الدراما تأخذ المشاهد إلى عالم المشاعر والأحاسيس. إنه فيلم يرتكز على الإحساس أكثر من الضخامة في التقنيات التصويرية الجديدة التي يتباهى بها مخرجو هولييود.
تجدر الإشارة إلى أن إيرادات الفيلم وصلت إلى 29 مليونا و997 ألف دولار، منذ طرحه يوم 8 نوفمبر الجاري، في دور العرض المختلفة حول العالم، وبذلك يكون قد وصل الفيلم إلى تكلفة ميزانيته، حيث تكلف العمل 29 مليون دولار، وانقسمت الإيرادات بين 25 مليونا و497 ألف دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، وأربعة ملايين و500 ألف دولار حول العالم.