محللون: السوق النفطية على مسار الاتجاه الصعودي رغم عقبة ارتفاع المخزونات

محللون: السوق النفطية على مسار الاتجاه الصعودي رغم عقبة ارتفاع المخزونات

يتوقع محللون نفطيون استمرار المكاسب السعرية خلال الأسبوع الجاري بفعل ثلاثة عوامل رئيسة مؤثرة في المرحلة الراهنة، هي الانفراجة الإيجابية في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، وسيطرة المحافظين على الانتخابات البريطانية، ما يوحي بـ"بريكست" أقل سوءا، إضافة إلى اتفاق المنتجين في تحالف "أوبك+" على تعميق تخفيضات الإنتاج اعتبارا من بداية العام المقبل.
وأشار المحللون إلى أن مما يدعم أسعار النفط النجاح المنقطع النظير لطرح "أرامكو"، وهو ما عزز أجواء الثقة والاستثمار في صناعة النفط، إضافة إلى انحسار المخاوف من تخمة المعروض.
وذكر المحللون أن أسعار النفط قفزت نهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، لافتين إلى أن الموجة الصعودية الجديدة ستتنامى خلال الأسابيع المقبلة خاصة مع احتمال نجاح واستمرارية الصفقة بين الولايات المتحدة والصين، مشيرين إلى أن سوق النفط قادرة على تجاوز المخاطر الخاصة بزيادة العرض واستمرار نمو وبناء المخزونات على الأقل في النصف الأول من العام الجاري.
في هذا الإطار، أوضح لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، أن السوق النفطية بدأت بالفعل حالة تعاف حقيقية، متوقعا استمرار المكاسب السعرية بفعل تخفيضات الإنتاج وتراجع مخاوف النمو الاقتصادي وخفوت تأثير العوامل الجيوسياسية، منوها بأنه في مقابل ذلك ما زالت وكالة الطاقة الدولية تتوقع حدوث تخمة وشيكة في الإمدادات على الرغم من صفقة "أوبك+"، حيث ترجح أن تشهد سوق النفط فائضا في العرض قدره 0.7 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول من العام المقبل.
وأضاف كيندي أن "التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي في المفاوضات الأمريكية الصينية تطور مهم ومؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي عامة وفي السوق النفطية خاصة"، لافتا إلى أن الاتفاق يتضمن خفض التعريفة الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية وتأخير شريحة منفصلة من التعريفات المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، بينما في المقابل ستتعهد الصين بالتزامات شفهية لشراء السلع الزراعية الأمريكية، عادّا أي هدنة أخبارا إيجابية للسوق.
من جانبه، يقول لـ"الاقتصادية" ألكسندر بوجل المحلل في شركة "جي سي بي إنرجي" الدولية، "إن نجاح اكتتاب "أرامكو" بث أجواء إيجابية في الاقتصاد العالمي وأنعش توقعات الاستثمارات الجديدة خاصة مع ارتفاع القيمة السوقية للشركة العملاقة إلى تريليوني دولار نتيجة الارتفاع المستمر في أسهم الشركة السعودية".
وذكر بوجل، أنه في ضوء تطورات احتواء النزاعات التجارية باتت الرؤية المستقبلية أفضل لاستقرار أسواق الطاقة الكربونية خاصة النفط، لافتا إلى أن المخاوف من زيادات الإنتاج الأمريكي تراجعت خاصة في ضوء تقييمات مالية تشير الى مكافحة منتجي النفط الصخري الأمريكي للوصول إلى حالة التدفق النقدي الإيجابي باستمرار، في ظل تدني أنشطة الحفر وزيادة صعوبات التمويل التي تلقي بظلال قوية على كفاءة واستمرار ازدهار الإنتاج الأمريكي.
من ناحيته، يرى بيتر باخر المختص في الشؤون القانونية للطاقة، أنه في ظل المتغيرات الإيجابية الأخيرة يمكن أن تتغلب الصناعة على مشكلة أكبر هي ارتفاع المخزونات وتباطؤ الاستثمارات الجديدة التي يجري تصحيحها بفضل تقييد المعروض وتحسن توقعات النمو، عادّا الأسواق النفطية وضعت أقدامها بالفعل حاليا على مسار الاتجاه الصعودي.
وأضاف لـ"الاقتصادية"، أن "ارتفاع أسعار النفط بالقرب من أعلى مستوى في ثلاثة أشهر تقريبا جاء في أعقاب تطور مهم ولافت، بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على صفقة تجارية جزئية مع الصين، ما أعطى دفعة قوية وإيجابية للاقتصاد العالمي وقلص من المخاوف والتوقعات الهشة للطلب العالمي على النفط".
بدورها، تتوقع لـ"الاقتصادية"، أرفي ناهار المختصة في شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن يواصل النفط مكاسبه السعرية الجيدة خلال الأسبوع الجاري بسبب المعنويات الإيجابية حول الصفقة التجارية، وإعلان تحالف "أوبك+" تعميق مستويات خفض الإنتاج، مشيرة إلى أن السوق تتطلع خلال الأسبوع الجاري إلى مزيد من التفاصيل والإيضاحات لدعم الشفافية بشأن الاتفاقية التجارية الأمريكية-الصينية، كما يتابع في الوقت نفسه مدى التزام المنتجين بتطبيق حصص الخفض المتفق عليها في الصفقة الجديدة.
وتتوقع أرفي، تنامي شهية الاستثمار وتحسن المعنويات في السوق وزيادة الرغبة في المخاطرة بين المستثمرين الماليين بفضل التبعات الإيجابية للصفقة الجزئية الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، لافتة إلى قدرة سوق النفط على مواجهة الأخطار التي تهدد توازنها جراء العرض الزائد وبناء المخزونات على الأقل في النصف الأول من العام الجديد.
وكانت أسعار النفط ارتفعت نهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أشهر، مع ترحيب المستثمرين بالتقدم في حل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ونتيجة حاسمة للانتخابات العامة في بريطانيا.
بحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 1.02 دولار بما يعادل 1.6 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 65.22 دولار للبرميل، في حين زاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 89 سنتا أو 1.5 في المائة إلى 60.07 دولار.
وأغلق كلا الخامين عند أعلى مستوياتهما منذ 16 أيلول (سبتمبر)، مرتفعا أكثر بقليل من 1 في المائة على مدار الأسبوع الماضي.
وقال فيل فلين، المحلل لدى "برايس فيوتشرز جروب في شيكاغو"، "يبدو أن الرئيس ترمب حصل على اتفاق التجارة الذي أراده في الوقت المناسب قبل عطلة الأعياد، ففي حين قفزت الأسواق بفعل أنباء التجارة فإنه يود معرفة مزيد من التفاصيل من الصينيين".
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للمرة الأولى في ثمانية أسابيع على الرغم من مواصلة المنتجين المستقلين خططهم لتقليل الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن الشركات أضافت أربعة حفارات نفطية في الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي إلى 667 حفارا.
في الأسبوع نفسه قبل عام، كان هناك 873 حفارا نفطيا قيد التشغيل في الولايات المتحدة، ويبقي ذلك عدد حفارات النفط النشطة في مسار نحو تسجيل أول هبوط سنوي منذ عام 2016.
لكن هذا الانخفاض البالغ 218 حفارا فقط في المجمل، يعد أقل كثيرا من الهبوط المسجل في عام 2015، الذي بلغ 963 حفارا، وفقا لبيانات "بيكر هيوز" التي ترجع إلى عام 1987.
وسجل عدد حفارات النفط النشطة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، تراجعا قياسيا على مدار 12 شهرا متتاليا، مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، بينما يسعى المساهمون إلى تحسين العوائد وسط بيئة من أسعار الطاقة المنخفضة.
وتراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة من مستوى قياسي مرتفع خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ليفقد نحو مائة ألف برميل يوميا.
وانخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار مائة ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي، ليتراجع إلى مستوى 12.800 مليون برميل يوميا.
وهبط الإنتاج الأمريكي من النفط من أعلى مستوى على الإطلاق على صعيد المستويات الأسبوعية، المسجل عند 12.9 مليون برميل يوميا.
وفقا للتقرير الأسبوعي، فإن صادرات النفط الأمريكي ارتفعت بمقدار 265 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتصل إلى 3.4 مليون برميل يوميا.
كما صعدت واردات الولايات المتحدة من النفط في الأسبوع المنقضي إلى 6.887 مليون برميل يوميا، وهو أعلى بنحو 899 ألف برميل يوميا من مستويات الأسبوع السابق له.
وتعني هذه الزيادة في الصادرات والواردات من النفط الأمريكي، أن صافي واردات الخام صعد بنحو 634 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي مسجلا 3.487 مليون برميل يوميا.
وبالنسبة إلى المخزونات، ارتفعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، بما يخالف توقعات المحللين، كما زادت مخزونات الغاز الطبيعي.
وأوضحت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، زيادة في مخزونات النفط بنحو 0.8 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى 447.9 مليون برميل.
وكان من المتوقع أن تتراجع مخزونات النفط في الولايات المتحدة بنحو 2.9 مليون برميل خلال الفترة نفسها، كما ارتفعت مخزونات البنزين الأمريكية بنحو 5.4 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
وهبطت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنحو 73 مليار قدم مكعبة لتصل إلى 3518 مليار قدم مكعبة.
وكانت تقديرات المحللين تشير إلى تراجع مخزونات الغاز الطبيعي الأمريكية بنحو 76 مليار قدم مكعبة.
وعلى أساس سنوي، ارتفعت المخزونات الأمريكية من الغاز الطبيعي بنحو 593 مليار قدم مكعبة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم كانون الثاني (يناير) بنحو 1.8 في المائة إلى 2.28 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

سمات

الأكثر قراءة