أهم مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال 2019
يقدر وفقا لبيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2020 أن ينمو حقيقيا الاقتصاد الوطني بنحو 0.4 في المائة، مقارنة بنموه السنوي السابق 2.4 في المائة خلال 2018، وأن يأتي أداء الناتج المحلي غير النفطي الحقيقي أعلى بنسبة ضئيلة عند 0.5 في المائة "2.2 في المائة خلال 2018"، ونمو القطاع الخاص حقيقي بأعلى من 1.6 في المائة "1.9 في المائة خلال 2018".
وعلى المستوى الهيكلي للاقتصاد الوطني حتى منتصف العام سجل نشاطا "الزراعة، والخدمات" معدلي نمو سنوي بلغا 1.0 في المائة ونحو 3.5 في المائة على التوالي، مقابل انخفاض النمو الحقيقي لنشاط الصناعة بنحو 0.8 في المائة، الذي ينتظر تحسن أدائه خلال العام المقبل نتيجة التحفيزات الحكومية، التي تم إقرارها خلال النصف الثاني من 2019، ليتحول بمعدلات نموه الحقيقية إلى المنطقة الإيجابية. وفي جانب آخر يتعلق بتنويع قاعدة الإنتاج المحلي؛ سجل تنويع قاعدة الإنتاج تراجعا طفيفا خلال النصف الأول من 2019 مقارنة بالفترة نفسها من 2018 من 12.3 إلى 12.0 في المائة، وتراجعا طفيفا في نسبة تنويع قاعدة الإنتاج "دون تكرير الزيت" من 8.7 إلى 8.6 في المائة خلال الفترة نفسها.
وعلى مستوى الإنفاق الاستهلاكي؛ تراجع النمو السنوي للإنفاق الاستهلاكي الخاص خلال النصف الأول من 2019 إلى نحو 3.1 في المائة، مقارنة بنموه خلال الفترة نفسها من 2018 بنحو 5.3 في المائة، إلا أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى 39.4 في المائة، بينما انخفضت إلى 57.7 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي. في المقابل انخفض النمو السنوي للإنفاق الاستهلاكي الحكومي خلال النصف الأول من 2019 بنحو 0.7 في المائة، مقارنة بنموه خلال الفترة نفسها من 2018 بنحو 18.6 في المائة، ما أدى إلى تراجع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 22.3 في المائة، و32.6 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي.
وعلى مستوى سوق العمل؛ سجل معدل البطالة انخفاضا من 12.7 في المائة بنهاية 2018 إلى 12 في المائة بنهاية الربع الثالث من 2019، وعلى الرغم من استقرار المعدل في مستويات مرتفعة، إلا أنه يؤمل أن تثمر برامج التوطين الراهنة والمرتقب تدشينها خلال العام المقبل، عن خفض المعدل والوصول به إلى مستويات أدنى من المستهدف الوصول به إليه. كما ما زال معدل التضخم مستقرا في مناطقه السلبية حتى تشرين الثاني "نوفمبر" الماضي من العام الجاري، عند مستوى 1.3 في المائة، متأثرا بالدرجة الأولى من الانخفاض المستمر لبند تكلفة إيجارات المساكن طوال 29 شهرا متتاليا "منذ تموز (يوليو) 2017"، نتيجة لتراجع أسعار العقارات السكنية والتجارية على حد سواء، وإن بدأت تخف حدة تراجع تكلفة بند الإيجارات خلال النصف الأول من العام، نتيجة عودة أسعار الأراضي والعقارات للارتفاع مجددا نتيجة زيادة التمويل العقاري لدى الأفراد، إضافة إلى مدفوعات الدعم الحكومي للعسكريين، والمقدر أن تراوح بين 85 و90 مليار ريال خلال عام 2019، كان لها الأثر الأكبر في ارتفاع نشاط السوق العقارية المحلية بعد أربعة أعوام من الركود، وأدت في الوقت ذاته إلى عودة تضخم أسعار الأراضي والمساكن إلى الارتفاع مجددا، وهو ما سيؤدي إلى إضعاف محفزات النمو الاقتصادي عموما، ورفع تكلفة تملك المساكن بالنسبة للأفراد، عدا آثاره العكسية في نمو القطاع الخاص، وارتباط ذلك بارتفاع فواتير الإيجارات التجارية والخدمية على كاهله، في الوقت ذاته الذي تحاول منشآت القطاع الخاص التكيف مع السياسات والبرامج الراهنة الهادفة إلى إصلاح الاقتصاد الوطني، والمضي به قدما على مسار الاعتماد الأكبر على التنويع الإنتاجي، وتخفيف الاعتماد المفرط على المداخيل المتذبذبة للنفط.
ختاما؛ تقتضي الفترة الراهنة "فترة الإصلاحات" أن يقوم كل طرف بتحمل جزء من التحديات، فلا الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من التحديات، مقابل عدم تحمل القطاع الخاص أي جزء أو الجزء الأقل وزنا، والعكس أيضا صحيح؛ ألا يتحمل القطاع الخاص الجزء الأكبر مقابل عدم تحمل الحكومة لأي أعباء، هذه نظريا فكرة مقبولة من الجميع، إنما الخلاف في تطبيقها على أرض الواقع، وكيف الوصول إلى الميزان الأكثر عدالة وقبولا من الأطراف كافة، ولعل فتح قنوات الاتصال والمشاركة المستمرة بين كل من الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، سيكون بكل تأكيد أحد أهم وأفضل الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها.
إننا أمام تحديات تنموية عديدة يجب تجاوزها يدا بيد، وأمام طموحات وأهداف منها القريب الممكن تحقيقه، ومنها ما هو أبعد من ذلك إما في مرمى عامين مقبلين أو أكثر من ذلك، أهدافها النهائية أن يقف اقتصادنا الوطني على أرض أكثر صلابة، واستقرارا، والمؤمل أيضا أننا حتى أثناء شق هذا الطريق الطويل من الإصلاحات والتطوير الشامل، يجب على الجميع أن يسهم بكل ما يمكن في اتجاه خفض معدلات البطالة بين صفوف المواطنين والمواطنات، والعمل أيضا على إخفات جذوة عديد من التحديات التنموية السابقة التي لا تزال قائمة حتى تاريخه. والله ولي التوفيق.