عشية توقيع اتفاق تجاري .. الفائض الصيني مع الولايات المتحدة ينكمش إلى 295.8 مليار دولار
قالت الصين اليوم، إن فائضها التجاري مع الولايات المتحدة الذي يشكل مصدرا لتوتر قوي في العلاقة بين الطرفين، انخفض في 2019 بنسبة 8.5 في المائة، في أجواء حرب تجارية متواصلة بين الدولتين.
وبحسب "الفرنسية"، جاء الإعلان كذلك عشية توقيع الدولتين على اتفاق تجاري جزئي يرسي هدنة في حربهما التجارية الدائرة منذ عامين، وتبادلت خلالها القوتان الاقتصاديتان الكبريان في العالم فرض رسوم جمركية مشددة على مئات مليارات الدولارات من المبادلات التجارية السنوية.
وأشعل دونالد ترمب فتيل الحرب التجارية مع بكين في عام 2018، خصوصا بهدف إعادة التوازن إلى التجارة الثنائية، ما نتج عنه رد من الصين وقلق في الأسواق العالمية.
وعبرت الحدود إلى الولايات المتحدة في 2019 بضائع صينية بقيمة 418.5 مليار دولار، مقابل بضائع بقيمة 122.7 مليار دولار في الاتجاه المعاكس، وفق السلطات الجمركية الصينية.
وبعدما سجل الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة في 2018 فائضا قياسيا لمصلحة بكين بلغ 323.3 مليار دولار، انخفض هذا الفائض إلى 295.8 مليار دولار في العام الماضي.
وتقول واشنطن إن بكين التزمت في الاتفاق التجاري الجزئي بشراء ما يساوي 200 مليار دولار من البضائع الأمريكية، بينها ما قيمته بين 40 و50 مليار دولار من المنتجات الزراعية.
وستواصل إدارة ترمب فرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 25 في المائة على منتجات صناعية تساوي قيمتها 250 مليار دولار من الواردات الصينية السنوية.
وفي مؤشر إلى خفض التصعيد بين الطرفين، أزالت واشنطن الصين من قائمة الدول المتلاعبة بقيمة عملتها، التي أدرجتها عليها العام الماضي.
وأكد زو جيو المسؤول الكبير في إدارة الجمارك الصينية اليوم، في مؤتمر صحافي أن الواردات الصينية من المنتجات الأمريكية قد ارتفعت في 2019.
وأشار إلى أن المبيعات الصينية من الصويا ولحوم أمريكية خصوصا "ارتفعت بشكل كبير" في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وعبر عن تأييده لفكرة أن النزاع التجاري قد "شكل ضغطا على التجارة الخارجية الصينية وعلى الشركات التي تتعامل بشكل كبير مع الولايات المتحدة".
ورأى أن توقيع اتفاق "المرحلة الأولى" سيكون له "أثر مهم وإيجابي" في الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن ارتفاع الواردات الأمريكية لن يكون له أثر في واردات الصين من دول أخرى.
وبالإجمال، انخفض حجم السلع المتبادلة مع الصين في 2019 بشكل طفيف خلال عام. وبلغ الفائض التجاري بين العملاق الآسيوي والعالم، المستقر عادة، 421.5 مليار دولار.
وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) وحده، سجلت الزيادة السنوية للصادرات الصينية نسبة 7.6 في المائة، وهذا الرقم أعلى بكثير من تقديرات المحللين الذين استطلعت آراءهم وكالة "بلومبيرج" المالية، الذين توقعوا أن تبلغ الزيادة الصادرة 2.9 في المائة.
كما عرفت واردات الصين الشهر الماضي ارتفاعا ملحوظا بنسبة 16.35 في المائة، وهي نسبة تفوق أيضا بكثير توقعات الخبراء.
ويشير جوليان إيفانز-بريتشارد المحلل في مركز "كابيتال إيكونومكس" للأبحاث إلى أن هذا الارتفاع يعود "خصوصا إلى ازدياد أسعار الواردات وليس حجمها".
ويضيف "لذلك من المبكر القول إننا أمام انتعاش كبير في الطلب الداخلي الصيني".
وخلال مجمل عام 2019، تراجعت الواردات الإجمالية للصين بنسبة 2.8 في المائة، بينما ارتفعت الصادرات بشكل طفيف بنسبة 0.5 في المائة.
كما ارتفعت واردات الصين من لحوم البقر بنسبة 60 في المائة.
وعلى الرغم من هذه الأرقام المشجعة بالنسبة إلى التجارة الخارجية الصينية في كانون الأول (ديسمبر)، يدعو الخبراء إلى التزام الحذر.
ويشير نيك مارو من مكتب "وحدة الاستخبارات الاقتصادية" للأبحاث إلى القاعدة الضعيفة التي تنطلق منها المقارنة خصوصا في إطار الصادرات، ويقول "لقد بدأنا نشهد آثار الحرب التجارية في الوقت نفسه العام الماضي، على أثر الحرب التجارية".
ويرى أن الأسواق الأوروبية وأسواق جنوب شرق آسيا، التي ركزت الشركات الصينية على التعامل معها أخيرا، لا يمكن أن تعوض تماما عن الخسائر التي لحقت بها جراء تراجع المبادلات مع الولايات المتحدة.
وبحسب "الألمانية"، أظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية تراجع واردات الصين من الولايات المتحدة خلال العام الماضي بأكثر من 20 في المائة على خلفية الحرب التجارية الدائرة بين الدولتين.
وذكرت الإدارة العامة للجمارك اليوم، أن الواردات الصينية من الولايات المتحدة تراجعت خلال العام الماضي بنسبة 20.9 في المائة في حين تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 12.5 في المائة خلال الفترة نفسها.
في الوقت نفسه تراجع حجم التجارة الخارجية للصين ككل خلال العام الماضي بنسبة 1 في المائة.
يأتي ذلك فيما يستعد المسؤولون الأمريكيون والصينيون لتوقيع اتفاق تجاري أولي بين الدولتين اليوم، في خطوة هدأت مخاوف المستثمرين بشكل مؤقت.
ومن المقرر استمرار المفاوضات التجارية بين بكين وواشنطن خلال العام الجاري.
وقال مارو "إن تعافي التصدير في كانون الأول (ديسمبر) أسهم على الأرجح جزئيا في تحسن بسيط في نتائج العام مقارنة بعام 2018".
وأسهم تباطؤ نمو التجارة الصينية في تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ككل الذي سجل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي معدل 6.2 في المائة سنويا.
وأشار ماكس زينجلين، وهو باحث في معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين، إلى أن الصين أصبحت أقل اعتمادا على التجارة الخارجية في الأعوام الماضية.
وقال، "مع ذلك فإن الصادرات ذات أهمية كبيرة لأجزاء في قطاع الصناعة. ومن الممكن أن يؤدي أي ركود في التجارة الخارجية إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أسرع مما ترغب فيه الحكومة، كما يمكن أن يؤدي إلى زيادة البطالة في المناطق التي تعتمد على التصدير".
ومن المقرر أن تنشر الصين يوم الجمعة المقبل بيانات إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت صادرات الصين لأول مرة في خمسة أشهر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بوتيرة تفوق التوقعات، في مؤشر على تعاف متواضع للطلب مع اتفاق بكين والولايات المتحدة على نزع فتيل الحرب التجارية المطولة بينهما.
وأظهرت بيانات الجمارك اليوم، أن صادرات الصين ارتفعت في كانون الأول (ديسمبر) 7.6 في المائة على أساس سنوي. وكان متوسط التوقعات في استطلاع أجرته "رويترز" لآراء المحللين زيادة 3.2 في المائة بعد انخفاض 1.3 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر).
كما أن الواردات فاقت التوقعات وقفزت 16.3 في المائة مقارنة بها قبل عام ويرجع ذلك في جزء منه إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية. وتوقع استطلاع "رويترز" نموا 9.6 في المائة مقارنة بزيادة 0.5 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر).
وحققت الصين فائضا تجاريا بقيمة 46.79 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) مقارنة بتوقعات بفائض 48 مليار دولار في استطلاع "رويترز" وارتفاعا من 37.93 مليار دولار في تشرين الثاني (نوفمبر).
وقال مصدر مطلع "إن الصين تتعهد بشراء سلع مصنعة كالسيارات والطائرات بقيمة إضافية نحو 80 مليار دولار من الولايات المتحدة على مدى العامين المقبلين، علاوة على أكثر من 50 مليار دولار إضافية من إمدادات الطاقة بموجب اتفاق تجاري سيجري توقيعه مع بكين اليوم".
وأوضح المصدر الذي جرت إحاطته بالاتفاق التجاري أن بكين ستزيد أيضا مشتريات الخدمات الأمريكية بنحو 35 مليار دولار خلال العامين أنفسهما، لتدعم قطاعا يتمتع بفائض تجاري نادر مع الصين.
ويدعو اتفاق "المرحلة 1" إلى أن ترفع الصين مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية بنحو 32 مليار دولار خلال عامين، أو قرابة 16 مليار دولار سنويا.
وفي ضوء جمعها مع رقم الأساس للصادرات الزراعية الأمريكية البالغ 24 مليار دولار في 2017، فإن الإجمالي يقترب من 40 مليار دولار وهو الهدف السنوي الذي روج له الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية "إنها تخلت عن تصنيف الصين كدولة متلاعبة بالعملة".
وعلقت الصين على القرار الأمريكي بالقول "إنه يتماشى مع تقييم صندوق النقد الدولي بأن بكين لا تتلاعب بسعر اليوان".
وقال جينج شوانج المتحدث باسم الخارجية الصينية "لقد أكدنا مرارا أننا لا نقوم بخفض قيمة العملة لتعزيز التنافسية، ولن نستخدم سعر الصرف كأداة للتعامل مع الاضطرابات الخارجية مثل النزاعات التجارية".
وأزالت الولايات المتحدة الصين من قائمتها السوداء للدول التي تتلاعب بقيمة عملتها، في خطوة ترسي هدنة في الحرب التجارية الدائرة بينهما، بحسب ما أظهرت وثيقة نشرتها وزارة الخزانة الأمريكية.
وقالت الوزارة في تقريرها نصف السنوي إلى الكونجرس "إن قيمة اليوان قد تعززت، وإن الصين لم تعد تعد، في نظر الولايات المتحدة دولة تتلاعب بسعر عملتها، من أجل تعزيز صادراتها".
وكانت الوزارة أدرجت في 5 آب (أغسطس) الماضي، بأمر من الرئيس دونالد ترمب، الصين على قائمة الدول التي تخفض قيمة عملتها مقابل الدولار، من أجل تعزيز صادراتها على حساب الصادرات الأمريكية.
لكن الصين ستبقى مع ذلك على قائمة تضم عشر دول تخضع للمراقبة، وهذه الدول هي إضافة إلى الصين، سويسرا وألمانيا وكوريا الجنوبية وإيرلندا وإيطاليا واليابان وماليزيا وسنغافورة وفيتنام، بحسب الوثيقة الصادرة عن وزارة الخزانة.
إلى ذلك، حذر مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الشركات الموجودة في سيليكون فالي - مهد مجموعات التكنولوجيات العملاقة - من المخاطر التي تواجهها في التعامل مع الصين، وفقا لـ"الفرنسية".
وقال بومبيو أمام مجموعة قيادة سيليكون فالي "سيليكون فالي ليدرشيب جروب" البارحة الأولى، "لست هنا لأطلب منكم مغادرة الصين. في الواقع، بالعكس: نريد للشركات الأمريكية أن تغتني عبر إبرام صفقات هناك، وإحداث وظائف هنا".
وأضاف "في الوقت نفسه، علينا التأكد من أن شركاتنا لا تبرم عقودا تعزز جيش منافسنا أو تسهل قمعه لبعض مناطق البلاد، يجب أن نتأكد من أن التكنولوجيا الأمريكية لا تغذي دولة مراقبة صارمة"، مؤكدا أنه يجب عدم التضحية بالمبادئ الأمريكية من أجل الرخاء.
ودعا الشركات الأمريكية إلى "طرح بضعة أسئلة فقط: بماذا يتعلق الأمر؟ ما الصلة الحقيقية بين المخاطر التي قد تحدث والامتيازات التي ننتظرها من هذه الصفقات في الصين"؟