الصين.. تطبيقات توصيل الطعام دليل لمعرفة حال الاقتصاد
المستثمرون الذين يتدافعون لتحديد تأثير وباء فيروس كورونا على الصين يلجأون إلى سلسلة من نقاط البيانات غير المعتادة لقياس الاضطراب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدءا من تطبيقات توصيل الطعام إلى تلويث الهواء فوق هونج كونج.
تسببت الأزمة الإنسانية في إغلاق المصانع والمدن، ودفعت المحللين إلى تخفيض توقعات النمو الاقتصادي في الربع الأول لكل من الصين وبقية العالم.
كذلك أثارت الأزمة سباقا بين المستثمرين للحصول على ميزة من خلال إيجاد مصادر "باطنية" للمعلومات يمكن استخدامها لقياس مدى الألم الاقتصادي في الصين بالضبط ومتى سيبدأ الانتعاش.
قال تشن مو، مؤسس "بيج وان لاب" BigOne Lab للأبحاث ـ مقرها بكين ـ إن شركته تعمل على توسيع أدوات التتبع التي يقدمها "لأن عملاءنا، خاصة المستثمرين من المؤسسات والشركات، يستفسرون أكثر عن التأثير وسرعة الانتعاش في القطاعات المختلفة"، مضيفا أن هناك إجماعا واسعا على حدوث تباطؤ في الصين "لكن السؤال الأكبر هو كيف سيكون وضع الانتعاش؟".
تشير معلومات "بيج وان" إلى تقدم بطيء في عودة الشركات إلى العمل. في أوائل شباط (فبراير)، مثلا، 83 في المائة من نحو مليون مطعم يتم تتبعها على Meituan-Dianping، أكبر منصة توصيل في الصين، كانت مغلقة. حتى 14 شباط (فبراير) كانت الخدمات لا تزال معلقة في 87 في المائة من نحو 5500 منفذ تديرها شركة لوكن كوفي Luckin Coffee، منافسة "ستاربكس" الصينية.
في الوقت نفسه، تشير حجوزات شركات الطيران إلى أن تفشي الفيروس تسبب في أكبر انخفاض على الإطلاق في النشاط نتيجة حدث واحد، بما في ذلك سارز وأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وفقا لـ"إيجل ألفا" Eagle Alpha، وهي شركة مزودة للبيانات البديلة مقرها دبلن. فقدت صناعة الطيران عشرة ملايين مقعد من وإلى الصين وداخلها.
يقول محللون إن النشاط الاقتصادي الطبيعي كان ينبغي أن يستأنف الأسبوع الماضي بعد عطلة طويلة بمناسبة العام القمري الجديد. لكن المؤشرات، بما في ذلك معدلات الازدحام المروري واستهلاك الفحم ومبيعات العقارات، لا تزال جميعها أدنى كثيرا من المستويات العادية.
قال جاريث ليذر، الاقتصادي المختص في آسيا لدى شركة كابيتال إيكونوميكس: "ترسم جميع المؤشرات صورة متشابهة للغاية لاقتصاد يتوقف في كل مرة على مدار العام الجديد، لكنه بالكاد انتعش على الإطلاق منذ ذلك الحين".
يحاول المستثمرون منذ فترة طويلة استخراج نقاط بيانات بديلة بحثا عن أدلة على صحة الاقتصاد الصيني، خصوصا أن بعضهم لا يعول كثيرا على الأرقام الرسمية التي تظهر - غالبا بعد تأخير طويل من بكين. وما زاد من تعقيد هذه التحفظات هو إغلاق شبه كامل في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة احتواء انتشار المرض.
مين داي، استراتيجي مختص في آسيا والمحيط الهادئ في مورجان ستانلي، أخبر العملاء هذا الشهر قوله "من المحتمل أن يكون السؤال الأكثر طرحا بين المستثمرين هذه الأيام هو كيفية تتبع استئناف الإنتاج في الصين".
أثناء وجودهم في مكاتب البنك في المركز التجاري الدولي المؤلف من 118 طابقا في هونج كونج، لاحظ زملاء داي أن وجهات نظرهم كانت تتحسن خلال الشهر الماضي في الوقت الذي أخذت تتوقف فيه مصانع البر الرئيسي. باستخدام مستويات تلوث الهواء لتتبع إعادة تشغيل الإنتاج الصناعي، أشاروا إلى أن النشاط قد يكون أقل بنسبة 50 في المائة إلى 80 في المائة.
لاحظ اقتصاديون في جولدمان ساكس انتعاشا متواضعا في بعض نقاط البيانات الأسبوع الماضي، لكنهم خلصوا إلى أنه "من حيث المستويات المطلقة بقيت جميع المؤشرات في قطاعي الصناعة والخدمات التي نتتبعها ضعيفة نسبيا في النصف الأول من شباط (فبراير)".
قال مات هاريس، رئيس استراتيجية الاستثمار لدى "هاي تاور" لإدارة الثروات في نيويورك، إن البيانات الرسمية تؤكد القرائن المستمدة من الأرقام في الوقت الحقيقي. أضاف: "نتوقع أن نبدأ في رؤية بيانات أضعف في الأسابيع المقبلة".
قالت تريسي تشن، مديرة المحافظ لدى شركة برانديواين العالمية لإدارة الاستثمار، في الوقت الحالي "الأمر يشبه الطيران في الظلام".
تبحث تشن، التي تقيم على بعد سبعة آلاف ميل في فيلادلفيا، عن إشارات من الكم الهائل من البيانات الرقمية التي تنتجها البلاد. أعدت لوحة الأرقام الخاصة بها باستخدام 20 نقطة مرجعية بما في ذلك حركة المرور من محرك البحث "بايدو"، والأرقام اليومية لعدد السائقين على الطرق، عبر شركة الملاحة الفضائية "توم توم".
قالت إن الأرقام ليست مشجعة. "ستكون قبيحة للغاية في الربع الأول، كل البيانات تقول لي ذلك".