عقارات بريطانيا .. رسوم إضافية على المشترين الأجانب
أصبحت رسوم الدمغة هي "السلاح المفضل في المالية العامة لدى حكومة المملكة المتحدة" في سوق الإسكان، لكن تتعالى الدعوات الآن من أجل إصلاح شامل لضريبة العقارات في الوقت الذي تعمل فيه الرسوم الإضافية والإعفاءات على استثارة الانتقادات لنظام مترهل بشكل متزايد.
الرسوم التي يدفعها المشترون على مشتريات العقارات التي تتجاوز قيمتها 125 ألف جنيه استرليني، تخضع لسلسلة من التعديلات والتراكمات في الأعوام الستة الماضية، إذ استخدمها الوزراء لتفضيل بعض المشترين، مثل المشترين لأول مرة، من خلال الإعفاءات، وتثبيط البعض الآخر، مثل أصحاب العقارات الذين يشترون بهدف التأجير، من خلال رفع المعدلات.
المجموعة التالية التي من المقرر أن تجد نفسها تدفع أكثر هي المشترين غير المقيمين في المملكة المتحدة، بعد أن أخبر مسؤولو الحكومة البريطانية "فاينانشيال تايمز" هذا الأسبوع أن من المتوقع أن تشتمل الميزانية في 11 آذار (مارس) على رسوم دمغة إضافية تصل إلى 3 نقاط مئوية على المشترين الأجانب للعقارات البريطانية. وسيتم استخدام المقبوضات من الضريبة الإضافية لمعالجة وضع الذين لا مساكن لهم.
يأتي هذا الإجراء بعد فرض رسم إضافي بنسبة 3 في المائة في عام 2016 على الذين يشترون المنازل للمرة الثانية، أو الذين يشترون بهدف التأجير، وذلك في خطوة تهدف إلى تخفيف النشاط بين المستثمرين من أصحاب العقارات. إذا تم تأكيد الرسوم الإضافية الجديدة على غير المقيمين عند مستويات تقترب من 3 في المائة، فإن المشترين الأجانب الذين يمتلكون بالأصل منزلا قد ينتهي بهم الأمر إلى دفع ما يصل إلى 18 في المائة من رسوم الدمغة على جزء من سعر الشراء الذي يتجاوز 1.5 مليون جنيه استرليني.
قالت كاميلا ديل، الشريك المنتدب في "بلاك بريك"، وكالة شراء العقارات، إن الرسوم الإضافية لعام 2016، ولا سيما بالنسبة للذين يخفقون في بيع مساكنهم على نحو يبقيهم مع اثنين من الممتلكات، أوجدت صعوبات إدارية جديدة. "أصبح نظام ضريبة الأملاك بالكامل معقدا جدا. إنها صداع".
أضافت أن أحدث إجراءات من المالية العامة تستهدف المشترين الأجانب أرسلت رسالة غريبة في ظل حكومة ما بعد "بريكست" ذات الطموحات الدولية الجريئة. قالت: "لا أعتقد أن المشترين الأجانب هم السبب الرئيسي للمشكلات في سوق الإسكان. أعتقد أنهم هدف سهل للحكومة لأنهم لا يصوتون".
في ميزانية عام 2017، وزير المالية آنذاك، فيليب هاموند، كشف النقاب عن إعفاء من رسوم الدمغة لمشتري المنازل لأول مرة بقيمة تقل عن 500 ألف جنيه استرليني. جاء ذلك بعد تغيير كبير آخر في عام 2014 – وهو تغيير رحبت به الأسواق على نطاق واسع - عندما تخلص سلفه جورج أوزبورن من نظام "الكتلة" القديم المتمثل في رسوم الدمغة، الذي تم بموجبه فرض معدل واحد على القيمة الكاملة للعقار.
تم استبدال هذا النظام بترتيب قائم على "الشرائح" حيث تطبق معدلات أعلى فقط على جزء القيمة الأعلى من عتبات معينة.
مع ذلك، النهج "الإضافي" للتغييرات في رسوم الدمغة جذب كثيرا من المنتقدين في أوساط تتجاوز كثيرا الوكلاء العقاريين الذين يشكون عادة من آثاره السلبية في المعنويات. ضرائب المعاملات أمر ممقوت لدى الاقتصاديين وخبراء سوق الإسكان الذين يقولون إنها تفيد الذين يظلون في البيوت وتعاقب الذين ينتقلون. قال نيل هدسون، مدير شركة ريسدينشيال آنليستس، المختصة في أبحاث سوق الإسكان: "إنها ضريبة غبية وليست هي الطريقة التي يفترض أن تتبعها في فرض الضرائب على الممتلكات إذا كنت ستبدأ من الصفر".
ووصفها معهد دراسات المالية العامة، وهو مؤسسة فكرية، بأنها ضريبة "مختلة" وحث ريشي سوناك، وزير المالية، على إصلاح ضريبة المنافع العامة لزيادة الرسوم على العقارات الأكثر قيمة. لم يتم تحديث التقييمات التي تستند إليها ضريبة المنافع العامة منذ عام 1991.
يقول المعهد الملكي للمساحين القانونيين إن التغييرات منذ عام 2014 ساعدت المشترين للمرة الأولى، لكنها ردعت أصحاب المنازل الحاليين من التفكير في الانتقال. "لذلك نعتقد أن على الحكومة إجراء مراجعة لمعالجة جميع الإجراءات المالية العامة التي تؤثر في عرض الإسكان، وفرض الضرائب على مالكي المنازل وأصحاب العقارات، وتشجع الابتكار وتحسين البنية التحتية".
حتى ساجد جافيد، الذي استقال من منصبه في الشهر الماضي وزيرا للمالية، عارض الحالة الراهنة لرسوم الدمغة، وأخبر صحيفة "ذي تايمز" في نهاية الأسبوع الماضي أنها "عالية فوق الحد" و"تشويهية فوق الحد" و"تحتاج إلى تغيير كبير".
لكن الجاذبية السياسية لإصلاح شامل غير واضحة، ولا سيما أن الحكومة مشغولة إلى حد كبير في إدارة أزمة فيروس كورونا. أصبحت رسوم الدمغة مصدرا مهما بشكل متزايد لإيرادات الضرائب في الأعوام الأخيرة، حيث حققت مقبوضات ضريبية بلغت 8.37 مليار جنيه استرليني في 2018/2019، وفقا لأرقام حكومية مؤقتة. ويعزى كثير من هذا إلى مبيعات المنازل في لندن والجنوب الشرقي. حققت المعاملات في هاتين المنطقتين 5.07 مليار جنيه، أي 61 في المائة من الإجمالي لإنجلترا وإيرلندا الشمالية.
في ضوء التزام رئيس الوزراء، بوريس جونسون، المتكرر بـ"تسوية" جوانب التفاوت الاقتصادي بين المناطق، فإن المكاسب السياسية من فرض تغييرات جذرية على الضريبة التي تدفعها إلى حد كبير المجموعات الأكثر ثراء في جنوب إنجلترا مشكوك فيها.
فكر السياسيون العام الماضي في تحويل رسوم الدمغة من ضريبة يدفعها المشتري إلى ضريبة يدفعها البائع، لكن الاقتصاديين يجادلون بأن مثل هذا الإجراء من شأنه ببساطة رفع الأسعار. لا تزال البدائل المعمول بها منذ فترة طويلة في شكل ضريبة على الأراضي أو إصلاح ضريبة المنافع العامة، رغم أنها مدعومة من قبل الاقتصاديين، غير مستساغة بالنسبة لنواب المحافظين الذين يأخذون في الحسبان المصالح الاقتصادية لدوائرهم الانتخابية.
عندما ذكرت صحيفة "ديلي تلجراف" الشهر الماضي أن تخفيضات رسوم الدمغة كانت قيد المناقشة في الدوائر الحكومية، كان من الملاحظ أن أي تخفيضات كانت مرتبطة بإدخال "ضريبة القصور"، كما قال لوسيان كوك، مدير البحوث السكنية في وكيل العقارات "سافيلز".
"هذا يعطيك فكرة قوية إلى حد ما عن مدى حماية الحكومة لعائداتها الضريبية. كانوا يبحثون عن وسيلة تمكنهم من جعل أي تغييرات محايدة من حيث الإيرادات".
وخلص كوك إلى أن احتمالات تجديد شامل لضريبة معاملات الإسكان في بريطانيا بعيدة. قال: "أصبحت رسوم الدمغة سلاح الحكومة المفضل في المالية العامة فيما يتعلق بالإسكان. ربما هي بحاجة إلى إصلاح شامل. المشكلة هي ما إذا كان لدى أي شخص القدرة على فعل ذلك بينما تستمر هذه الرسوم في كونها موردا نقديا مهما للخزانة".