ثقافة الحوار .. والحوار الفعال
كل إنسان يدرك العالم بطريقته الخاصة, فيضع له خريطة في ذهنه ويرسم له حدودا تختلف عن الحدود التي يرسمها غيره.
لذلك فلكل منا مفاهيمه الخاصة التي يختلف بها عن الآخر في معاملاته اللفظية والحركية، وقد تقود في كثير من الأوقات إلى الاختلاف في الحوار، وهو ظاهرة صحية جدا لأنه يتيح لنا التوصل إلى أفكار جديدة.. والبحث عن حلول ومناهج متعددة، وما أجمل الاختلاف الذي يحافظ على الاحترام المتبادل بين الطرفين دون أن يؤثر في العلاقات الإنسانية ويؤدي إلى الحقد والعداء.
وأسوأ الحوار الذي يصل إلى مرحلة الجدل، فكل طرف يكون متعصبا لرأيه مسبقاً دون أن تكون هناك رغبة في الاستماع وتقبل ما يقوله الطرف الآخر.
ومن أهم آداب الحوار الاستماع والإنصات وعدم المقاطعة، فالجميع في هذه الحياة يبحث عمن يستمع إلى كلامه. وقد قال بعض الحكماء: إن جالست العلماء فأنصت لهم وإن جالست الجهلاء فأنصت لهم فإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم وفي إنصاتك للجهلاء زيادة في الحلم.
واحترام المتحاور وعدم التعالي والالتزام بالقول الحسن وتنويع طريقة الحوار وتحكيم العقل والمنطق وعدم التعصب والتركيز على الفكرة لا على صاحبها, كل هذه النقاط تقودنا إلى حوار فعال .
ولعلي أركز هنا على النقطة الأخيرة وهي احترام فكرة الآخر دون النظر إلى العلاقة بينهما. فلماذا لا أتحاور مع من حدث بيني وبينه مشكلة ما دون أن تؤثر فيما نحن بصدد التحاور فيه.
وقد يعتقد الكثير أن الكلام أو التخاطب اللغوي هو وسيلة الاتصال الأهم في الحوار، ولكن العالم الفرنسي ألبرت مهاربيان اكتشف أن 93 في المائة من الاتصالات غير ملفوظة وحددها بنسبة 55 في المائة للتعبيرات الجسدية و38 في المائة لنبرة الصوت و7 في المائة فقط للكلمات، وبذلك يتضح الدور المهم للغة الجسد في إيصال ما نريد وبشكل مؤثر .
فمثلا يرى علماء النفس أنه عند وضع اليدين على الطاولة باتجاه الشخص المتحدث فهذه بمثابة دعوة لتكوين علاقة حميمة. وعندما تكون اليد مفتوحة فهذه الإيماءة تقترن بالصدق والخضوع. وهناك دلالات كثيرة للغة الجسد تتطلب العديد من المقالات.
في النهاية كم نحن بحاجة إلى الحوار في جميع تعاملاتنا التي تستوجب النقاش والتحاور ، فالأب محتاج إلى التحاور مع أفراد عائلته والمعلم مع تلاميذه والرئيس مع مرؤوسه، وفي كثير من أوقاتنا نجد أن للحوار نصيبا كبيرا من حياتنا وبدرجات متفاوتة، فالبعض منها يفضي إلى الجدل الذي لا نصل معه إلى حوار مثمر والبعض يصل إلى حوار متوفر به جميع مقومات الحوار وآدابه، ولكنه يتبخر بمجرد انفضاض المجلس، والمؤسف جدا أن يصل إلى مرحلة التحاور بالأيدي.
فالحوار يعكس المستوى الثقافي للمجتمعات .
آخر القول
قد أختلف معك في الرأي.. ولكني.. أدفع عمري لتقول رأيك