من الأفضل لسوق الأسهم .. رئيس جمهوري أم ديمقراطي؟

من الأفضل لسوق الأسهم .. رئيس جمهوري أم ديمقراطي؟
بحسب النظرية الاقتصادية والميول السياسية لمعظم "وول ستريت"، السوق ستستجيب بشكل إيجابي لفوز ترمب، مقارنة بأي مرشح ديمقراطي. "جيتي"

"سبب نجاح سوق الأسهم في بلادنا هو أنا". من بين كثير من الظواهر التي نسب الفضل فيها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ربما هذه واحدة تستحق بعض التدقيق.
يرجع ذلك جزئيا إلى أن الأسهم الأمريكية حققت عوائد بلغت 12 في المائة سنويا، بعد التضخم، خلال فترة رئاسته حتى تاريخه، أكثر بكثير من متوسط ما بعد الحرب العالمية الثانية البالغ 8 في المائة. يعود ذلك جزئيا إلى أن كثيرا من مراقبي الأسواق يعزون المشاعر الإيجابية إلى التخفيضات الضريبية للشركات التي أقرها ترمب. لذلك في الوقت الذي يستعد فيه للقتال من أجل إعادة انتخابه لولاية ثانية يجب أن يؤخذ تأثير السياسة في المحافظ الاستثمارية على محمل الجد.
يمكن القول، إن الانتخابات الأمريكية هذا العام سيكون لها تأثير في الأسواق أكثر من ذي قبل، حيث يبدو أنه تم استنفاد قدرات التحفيز النقدي، الذي ينسب إليه كثير من الاتجاه الصعودي. تقول سنينة سينها، الشريك المؤسس للشركة الاستشارية Cebile Capital: "هناك قلق حقيقي بين المستثمرين من أن البنوك المركزية قد نفدت منها الأدوات لتحفيز الاقتصاد. بالتالي، عند النظر إلى الأعوام القليلة المقبلة، فإن الانتخابات في الواقع أمر بالغ الأهمية للنتائج الاقتصادية".
تشير النظرية الاقتصادية، والميول السياسية لمعظم "وول ستريت"، إلى أن أسواق الأسهم ستستجيب بشكل إيجابي لفوز ترمب، الجمهوري، أكثر من أي ديمقراطي. يقول إيان تايت، الشريك في شركة إدارة الثروات "لندن آند كابيتال": "تاريخيا كانت أسواق الأسهم تفضل الرؤساء الجمهوريين لأن لديهم بشكل عام سياسات أكثر ملاءمة للسوق".
مع ذلك، يظهر تحليل طويل المدى، أن المستثمرين في الواقع لا يحصلون على مكافآت جيدة في عهد القادة الجمهوريين بقدر ما يحصلون في عهد الديمقراطيين. يقول كيفين جاردنر، خبير استراتيجية الاستثمار العالمي في "روثشيلد آند كو ويلث مانيجمنت": "ربما نعتقد أن مؤهلات الجمهوريين المؤيدة للأعمال قد تعزز النمو وأسواق رأس المال. في الواقع، في المتوسط، في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أشرف الرؤساء الجمهوريون على نمو وعوائد سوق أسهم دون المستوى".
شركة ناتيكسيس مانيجمنت مانيدجرز أجرت تحديثا للأرقام اعتبارا من عام 1976. وجدت أن متوسط العائد السنوي في عهد الرؤساء الديمقراطيين بلغ 14.3 في المائة، مقابل 10.8 في المائة في عهد الجمهوريين. إجمالي أداء الحزبين فيما يتعلق بالسوق يظهر أن المحفظة الديمقراطية المحتفظ بها باستمرار تتفوق على المحفظة الجمهورية المحتفظ بها باستمرار حتى بنسبة أعلى: فترات الرئاسة الديمقراطية لكارتر وكلينتون وأوباما أنتجت متوسط عائد سنوي بلغ 14.9 في المائة، مقابل 4.9 في المائة لفترات الرئاسة الجمهورية لريجان وبوش الأب وبوش الابن وترمب.
ما السبب في هذا؟ أحد الأسباب هو ميل سوق الأسهم إلى تحقيق أداء ضعيف في العام الرابع والأخير لفترات الرؤساء الجمهوريين، وهو حدث يعزوه روس مولد، مدير الاستثمار في شركة إدارة الثروات AJ Bell، إلى مخاوف السوق من تأرجح محتمل نحو اليسار إذا كان مرشح ديمقراطي سيفوز في الانتخابات الوشيكة.
لكن السبب الأكبر إلى حد كبير، كما يقول ديفيد لافيرتي، كبير خبراء السوق في "ناتيكسيس"، هو انحراف أداء سوق الأسهم في عهد بوش الابن بسبب انفجار فقاعة الدوت كوم والأزمة المالية العالمية. "الاختلاف في إجمالي النتائج ينبع تماما من إدارة بوش (الابن)، حين انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تراكمية بلغت 22 في المائة في الفترة من تشرين الثاني (نوفمبر) 2000 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2008" لدرجة أن هذا قد يعطي صورة مضللة. يشير لافيرتي إلى أن "نتائج بوش (الابن) أدت إلى انخفاض الإجمالي الجمهوري بشكل كبير. في الواقع عند قياس هؤلاء الرؤساء السبعة، فإن ثلاثة من أفضل أربعة كانوا جمهوريين (ريجان، بوش الأب، ترمب)". في الوقت نفسه، يدين الديمقراطيون بأدائهم المتفوق بالكامل تقريبا إلى أعوام الازدهار في عهد كلينتون.
مع غموض النتائج بسبب القيم الإجمالية أو المتطرفة، يستنتج لافيرتي أن "الانتماء الحزبي للرئيس الأمريكي إطار ضعيف للتفكير بشأن عوائد الأسهم".
السياسات الرئاسية قد تكون طريقة أفضل. في حالة ترمب هذا يعني تحقيق التوازن بين موقفين للسياسة: التحفيز الاقتصادي الداخلي من جهة، والنشاط السياسي وفي التجارة الخارجية من جهة أخرى. حتى الآن يعتقد مولد أن فوائد الموقف الأول فاقت مخاطر السوق الناشئة عن الموقف الأخير. ويشير إلى أن القوة الأخيرة في الاقتصاد الأمريكي وشركاته حدثت "إلى حد كبير بفضل قانون التخفيضات الضريبية والوظائف في كانون الأول (ديسمبر) 2017، وأيضا طلب (ترمب) من "الاحتياطي الفيدرالي" خفض أسعار الفائدة وخفض تكاليف الاقتراض على المستهلكين والشركات في آن معا".
أسعار الفائدة المنخفضة من البنك المركزي لم تعمل فقط على خفض عوامل الجذب النسبية للنقود والسندات مقارنة بالأسهم، بل تركت النقود الرخيصة بحاجة إلى ملجأ، كانت سوق الأسهم وجهة واضحة.
في الواقع، يبدو المستثمرون راضين للغاية عن الديون الرخيصة والأسهم المكلفة بحيث يمكنهم تجاهل رغبة الرئيس في استثارة قوى معادية، سواء كانت كوريا الشمالية أو إيران. يقول مولد، إن المستثمرين يبدون أقل انشغالا "بالآثار المحتملة لسياسة منتشرة ومدمرة في الشرق الأوسط".
هذا بالتأكيد هو ترتيب الأولويات بالنسبة لمستثمري الأسهم قبل انتخابات عام 2020، كما يقول تايت، مضيفا: "أعتقد أن أجندة ترمب الملائمة للأعمال ستتفوق على ضغط السوق الناشئ عن الخلفية الجيوسياسية". يتابع: "كان لسياساته وإجراءاته تأثير إيجابي صاف في الاقتصاد الأمريكي والشركات حتى الآن. الإصلاح الضريبي قدم دفعة اقتصادية أكبر بكثير من تقليل الحروب التجارية للنمو".
لكن بالنسبة لعملاء شركات إدارة الثروات - الذين يستثمرون عادة لآفاق زمنية أطول - الحافز قصير الأجل وتحركات أسعار الأسهم قد لا تكون أساسا مناسبا لتخصيص الأصول.
يجادل لافيرتي، قائلا فيما يتعلق بالاقتصاد "يمكن تقديم حجة حقيقية" مفادها أن سياسات ترمب كبحت الأعمال. وجد أنه على الرغم من التخفيضات الضريبية وتحرير الأنظمة، إلا أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة فشل في اكتساب السرعة: في الأرباع الـ11 الأولى لترمب رئيسا، نما الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بمتوسط بلغ 2.6 في المائة، وهو مطابق لمعدل النمو في الأرباع الـ11 الأخيرة في عهد باراك أوباما. وعانى استثمار الشركات والإنتاج الصناعي. هذا سبب لتكون أكثر حذرا بشأن الأسهم إذا كنت تشارك لافيرتي وجهة نظره بأن الدورة الاقتصادية أكثر أهمية بكثير.
معظم شركات إدارة الثروات تفعل. يقول جاردنر: "التقلبات في النمو الاقتصادي وأسعار الفائدة عادة ما تكون أكثر أهمية من الدورة الانتخابية. كانت السبعينيات إلى حد كبير أسوأ عقد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بالنسبة للمستثمرين. من المحتمل أن التسعينيات كانت الأفضل. لم يكن للسياسات الرئاسية تأثير يذكر في أي منهما. مولد يوافق، كون الاقتصاد يحدد الأرباح التي بدورها تحدد أسعار الأسهم. يقول: "في النهاية، أرباح الشركات والتدفقات النقدية بشكل خاص تدفعان تقييمات الأسهم وهما إلى حد كبير، إن لم يكن حصريا، نتيجة الدورة الاقتصادية الأوسع".
تاريخ التقييم أيضا دليل أكثر موثوقية بكثير لأداء أسعار الأسهم من التاريخ السياسي. نظرة سريعة على معدل روبرت شيلر للسعر/الأرباح المعدل دوريا تظهر أن مؤشر ستاندرد آند بورز كان يتداول بتقييمات منخفضة تاريخيا في عام 1949 وعام 1953 قبل إدارتي ترومان وأيزنهاور، اللتين أشرفتا على انتعاش في السوق بنسبة 60 في المائة و65 في المائة. تقييمات شيلر كانت "في أدنى مستوياتها" قبل فترتي ولاية ريجان، اللتين انتجتا انتعاشا بنسبة 29 في المائة و81 في المائة. في المقابل، وصل جورج بوش الابن إلى السلطة تماما في الوقت الذي أدت فيه فقاعة التكنولوجيا إلى وصول التقييمات إلى "ارتفاعات مذهلة وكارثية".
ينصح تايت قائلا: "ينبغي أن نعي دائما أن الدورات الاقتصادية لا يمكن إلغاؤها، حتى من قبل السياسيين". بالتالي، ربما ينبغي لمستثمري الأسهم أن يتذكروا نصيحة الحملة التي قدمت إلى مرشح رئاسي آخر؛ بيل كلينتون: "إنه الاقتصاد، أيها الغبي!".

الأكثر قراءة