د. السريحي: فكرة سيطرة "القبيلو" لا تزال حاضرة!
أكد الدكتور سعيد السريحي الناقد المعروف، الخطاب الديني الجديد بأنه خطاب إقصائي متلبسا بثوب خطاب بديل، موضحا أن توظيف الأديان في خدمة الأهداف السياسية سلب من الدين روح حريته، مشددا على أن مشكلة الإقصاء ليست في مجتمعاتنا فقط بل بعض المجتمعات الأوروبية "المتقدمة" تعانيها.
وعلق على أن احتفاء الخطاب الديني بما سماه تجديد الخطاب هو محاولة التوفيق بين المنجزات الفكرية، تعريض جوهر الدين النقي طبيعته الدينية الصافية، مبنيا أن الجانب الأخطر أن يكون هذا الخطاب حجابا بين منجزات الفكر من جهة وبين الدين من ناحية أخرى.
ووصف أنواعا من الخطاب الديني الجديد بأنها خطاب إقصائي متلبسا بثوب خطاب بديل، موضحا أن أي خطاب يفرض توجهه هو خطاب إقصائي مهما كان التوجه الذي يحمله الخطاب، ومقتضى هذه الإقصائية مصادرة حرية العقل وحرية المجتمع بسبب أحادية النظرة إلى الحياة.
وبين أن مشكلة الإقصاء ليست في مجتمعاتنا فقط بل بعض المجتمعات الأوربية "المتقدمة" تتعاطى معها، والمفكرون الجدد في أوربا يتعرضون لما كانت الكنيسة تفعله في مواجهة الساحرات في العصور المظلمة، حتى إن مفكرا فرنسيا يحاكم بسبب إنكاره لمحرقة اليهود، مع أن المفترض أن تكون له الحرية التامة في إنكار وإثبات ما يريد من الحصاد الفكري.
وبين الدكتور السريحي أننا كمجتمع لم نخرج من البدائية والقبلية إلا منذ عقود قليلة، وفكرة سيطرة القبيلة والرأي الواحد و"الشور الواحد" لا تزال حاضرة في المجتمع بأشكال متعددة، حيث تفرض هذه الثقافة أن لا أحد يخالف رأي سيد القوم.
ووصف وضع المجتمع في التعامل مع الاختلاف بالمأساة، موضحا أن مأساتنا أننا لو قبلنا بالاختلاف لأصبح الاختلاف قوة ولكننا بسبب أننا نرفض الخلاف أصبحنا مهددين وأصبح مصدر ضعف لنا.
وشدد الدكتور السريحي على مقاومة التطرف المتجاوز لحدود الفكر، ذاكرا أن حرية الفكر لن تتحقق إلا إذا أتيحت للجميع، وأن الحوار بين مختلف الأطياف يجب أن يكون مفتوحا دون أحكام مسبقة.
#2#
وكرر الدكتور السريحي في أكثر من موضع ما يرى أن التطرف ينظر إلى أطياف المجتمع الفكرية الأخرى نظرة دونية، وهذا عائد إلى اعتقاده أن رأيه الحق الذي لا يقبل النقاش ورأي غيره باطل لا دليل عليه، وأضاف: "يغيب في فكر أولئك الاحترام المتبادل في حالة الحوار، حيث لا يهدف الحوار إلى الإقناع، بل إنه يعني أن يتعامل مع الآخرين بنظرة دونية تفترض أن القيم الإنسانية والدينية والانتماءات الوطنية لا تتوافر إلا عندهم، مع أن أي فكر يجب أن يوضع موضع النقاش أو الحوار دون استثناء".
وذكر الدكتور السريحي أن التاريخ كان له سطوة على الفكر، فأصبح طوق النجاة الذي يتعلقون به، وصار مستقبل الفكر يكمن في ماضيه الذي يتذكره ويفاخر به، مع أن في التاريخ شواهد كانت سلبية، ولم يكن التاريخ ناصعا كما يريد البعض أن يتصوره الجميع.
ورغم رغبة السريحي ألا ينحرف الحديث عن الموضوع إلى السياسة، تحدث عن المأزق الذي وضعت فيه حماس نفسها حين تبنت الخطاب الديني مخيبا للآمال، وعندما هددت إسرائيل بقصف غزة ليختبئ القادة في مخابئهم ويبقى الأطفال والعزل تحت القصف.
وشدد على أن كل خطاب أوعلم أو فلسفة هو خطاب انحيازي، فلسفة الخطاب نفسه تحمل النزعة الاقصائية، مهما تغيرت المسميات،الإقصاء موجود في كل خطاب، من باب البراءة مما يشوبها كنت أقولها في بدء العمر، كنت أقول كلمة ساخرا، لا أقبل أن أكون عبدا لكلمة قلتها بالأمس، لا أدعي أني ليبرالي ليس هربا منها ولكني لا أمثلها.
وحرص السريحي في خطابه على التأكيد بأن الدعوة واجبة على كل مسلم وليست مختصة بأحد، مبينا أن أسلوب الدعوة يجب أن يبنى على الرضا والقبول وليس حمل الناس عليه انطلاقا من قوله تعالي: (لا إكراه في الدين) ، وليس بمستطاع بمن هو على هدى أو على ضلال لأن الله قال لنبيه :( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).
وتحدث حول رسالة الدكتوراة التي سحبت وأصبحت هاجسا يسأل عنه في كل مكان ، قال قدمت لي جامعة القرى رسالة تستتيبني فيه وتتهمني بالخروج عن الإسلام فتبت ولا أعرف من ماذا! وهذه هي الرسالة أعلنها على الناس ولم أخسر كثيرا لكنني أقول والله شهيد لو عاد بي العمر لفعلت مثل ما فعلت، ولم تكن جامعة أم القرى محظوظة بأن أحمل شهادتها، وأنا أحمل منها شهادتين في الماجستير والدكتوراة وإن أرادوا سحبهما أقدمهما لهم على طبق من ذهب.